مضى عامان على الحرب الباردة التي تشنها الإدارة الأمیركية الحالية علی إيران، ليعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم ويتحدث عن استعداده للحوار مع الجمهورية الإسلامية إذا کانت ترغب الأخيرة في ذلك.
وجاءت هذه الدعوة في مؤتمر صحفي مشترك عقده ترامب مع رئيس الوزراء الياباني في طوكيو صباح اليوم الاثنين، في اتجاه لتخفيف وتيرة التصعيد الأميركي الذي بلغ ذروته خلال الأسابيع الماضية بعد التحشيد العسكري الأخير وإرساله سفنا حربية وتعزيزات عسكرية إلی المنطقة.
وتأتي دعوة ترامب إلی جلوس طهران علی طاولة المفاوضات بعد أسبوع من زيارة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلی اليابان، وعقده مباحثات وصفت بـ”البناءة” في طوكيو، وقال ترامب إن واشنطن لا ترغب في الإطاحة بالنظام الإيراني، ولا تريد إلحاق الأذی بها، بل تتطلع إلی عدم امتلاكها أسلحة نووية.
وتحدث مصدر إيراني مطلع -فضل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت عن زيارة مرتقبة في شهر يونيو/حزيران المقبل لرئيس الوزراء الياباني إلی طهران بغرض الوساطة وتخفيف حدة التوتر القائم بين واشنطن وطهران.
سيناريو جديد
من جانبه اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق سيد هادي سيد افقهي أن ترامب كشف عن خطوته الخامسة في هجومه وتعامله مع إيران، وذلك بعد الخروج من الاتفاق النووي وتشديد الحظر والحرب النفسية والتلويح بالخيار العسكري.
وأضاف سيد افقهي أن موقف إيران حازم من دعوة ترامب، وجاء ذلك علی لسان المرشد الأعلی للثورة الإسلامية آية الله خامنئي حيث أكد أنه لا حوار مع أميركا من حيث المبدأ، وأن الحوار مع الإدارة الأميركية الحالية هو سم زعاف.
وأشار افقهي إلی أن ترامب بدعوته إيران للحوار إنما يناقض نفسه بعدما أعلن 12 شرطا وفرض عليها عقوبات ولوّح بالخيار العسكري ضدها، مؤكدا أن علی ترامب العودة إلی طاولة المفاوضات إن کان صادقا في دعوته، لأنه سبق أن انسحب بشكل أحادي من الاتفاق النووي.
وتساءل “حتی لو ذهبنا للمفاوضات ووقعنا اتفاقا آخر مع أميركا، من الذي سيضمن عدم نكث واشنطن بالاتفاق الجديد، خاصة وأنها سبق أن خرجت من الاتفاق النووي المبرم بين إيران و1+5، فما بالك إذا كان الاتفاق الجديد ثنائيا”.
خطوة متناقضة
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الإيراني عباس أصلاني أن دعوة ترامب للحوار لا تحمل جديدا، وأنها تأتي بعد فشل الخيارات الأميركية السابقة، ومنها العقوبات والحصار الاقتصادي والتلويح بالحرب علی إيران.
وشدد أصلاني علی أن “ترامب بات يحاول فتح قنوات تواصل مع الجانب الإيراني بعدما اتضح له أن کل محاولاته بغية إثارة الشغب والاحتجاجات الشعبية في الداخل الإيراني باءت بالفشل”.
وأشار إلی أن هناك مؤشرات تدل علی تبادل بعض الرسائل بين الجانبين الإيراني والأميركي عبر وسطاء، وخیر دليل علی ذلك الزيارات المكوكية لممثلي بعض الدول إلی إيران والجولات السياسية التي تقوم بها الخارجية الإیرانية علی بعض العواصم.
واستبعد أصلاني أن تخوض إيران مفاوضات جديدة مع أميركا في ظل الظروف الراهنة خاصة فيما يخص برنامجها الصاروخي ودورها الإقليمي، إلا إذا كانت في إطار الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
مشروع ظريف
وقام وزیر الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤخرا بجولة لعدد من دول الجوار منها باكستان والعراق، وأوفد مساعده عباس عراقجي إلی سلطنة عمان والكويت وقطر، في إطار مشروع جديد يتمحور حول توقيع اتفاقيات صداقة وعدم اعتداء مع دول الجوار.
وأعلن ظريف مشروعه من العاصمة بغداد في مؤتمر صحفي مع نظيره العراقي، وقال إن بلاده اقترحت إبرام اتفاقية عدم اعتداء مع جيرانها، وهذا المشروع مطروح علی الطاولة.
وأکد وزير الخارجية الإيراني أن طهران لا ترغب في أي تصعيد عسكري، وأنها مستعدة لتلقي أي مبادرة تساعد علی خفض التصعيد وتكوين علاقات بناءة مع جميع دول الجوار.
وتشهد العلاقات المتوترة أصلا بين واشنطن وطهران تصعيدا منذ مطلع الشهر الحالي بعد أن علقت الأخيرة بعض التزاماتها بموجب اتفاق حول برنامجها النووي المبرم عام 2015 بعد انسحاب واشنطن منه، في حين شددت إدارة ترامب عقوباتها على الاقتصاد الإيراني.
المصدر : الجزيرة