لا تتمتع الانتخابات الخاصة في البرلمان الأوروبي بشعبية وسط سكان القارة العجوز حيث لم تتجاوز المشاركة 52 في المئة، لكنها ومنذ سنوات أصبحت مؤشراً قوياً على نوعية الخريطة السياسية التي تتبلور في أوروبا، وبالتالي نوعية القوى السياسية التي قد تحكم في أوروبا مستقبلاً، وهو ما يتأكد في حالة إيطاليا والمفاجأة الكبرى في فرنسا بفوز التجمع الوطني بزعامة ماري لوبين المعادية للوحدة الأوروبية.
اليمين العنصري يصبح القوّة الأولى في فرنسا… ونتائج لافتة للخضر والليبراليين واليسار
وفي هذا الصدد، أفرزت الانتخابات الأوروبية التي أُجريت على مدار أيام، وفق كل بلد، وانتهت الأحد الماضي استمرار تصدر اليمين المحافظ المعتدل المركز الأول كأكبر كتلة سياسية في البرلمان، ثم يليه اليسار المعتدل المتمثل في الأحزاب الاشتراكية لكن هذه المعطيات لا تخفي واقعاً جديداً سياسياً وهو اقتحام قوى سياسية بقوة البرلمان الأوروبي ويتعلق الأمر باليمين القومي المتطرف وفي الجانب المعاكس، التقدم الهام لكل من أحزاب الخضر والأحزاب الليبرالية التي تحولت الى أكبر سد في وجه التطرف.
ووفق المعطيات التي نشرها قسم الاعلام التابع للبرلمان الأوروبي وتتعلق بالنتائج المسجلة حتى ظهر أمس الاثنين من الأسبوع الجاري بعد فرز قرابة 96 في المئة من الأصوات، فقد حصل الحزب الشعبي الأوروبي الممثل لليمين المحافظ على 178 مقعداً، وبالتالي تراجع بـ 43 مقعداً بعدما سجل 221 مقعداً سنة 2014. وحصلت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية على 152 مقعداً متراجعة بـ39 مقعداً عن نتيجة 2014. بينما حصلت الأحزاب المناهضة للوحدة الأوروبية على 168 مقعداً، وهو ما يعادل 25 في المئة من مقاعد البرلمان الأوروبي، لكنها لم تصل الى نسبة 33 في المئة، وهي تشكل الحاجز النفسي الحساس الذي يسمح لها بتعطيل الكثير من القرارات الأوروبية. وحقق اليمين القومي المتطرف تقدما بأكثر من 10 في المئة من الأصوات مقارنة مع الانتخابات السابقة، حيث دخلت أحزاب متطرفة البرلمان مثل فوكس الإسباني بثلاثة مقاعد، لكن التقدم المهول هو لحزب التجمع الوطني الفرنسي بزعامة ماري لوبين الذي تحول الى القوة السياسية الأولى في البلاد بحصوله على 23 في المئة من الأصوات.
ولم يقتصر التقدم على اليمين القومي المتطرف بل حققت قوى سياسية أخرى نتائج هامة وعلى رأسها الأحزاب الليبرالية التي حصلت على 108 من المقاعد بدل 68 في انتخابات 2014. وحصلت أحزاب الخضر على 67 مقعداً في هذه الانتخابات بعدما حققت فقط 50 مقعداً في الانتخابات السابقة.
وعلى ضوء هذا، فقد تغيرت الخريطة السياسية الأوروبية بسبب تقدم اليمين المتطرف وأحزاب الخضر والأحزاب الليبرالية وتراجع المحافظين والاشتراكيين الذين هيمنوا على البرلمان الأوروبي منذ إنشائه سنة 1979. ولولا تراجع اليمين المتطرف في المانيا وهولندا وبلجيكا، لكان الفكر المتطرف هو صاحب كلمة الفصل في القرارات الأوروبية مستقبلاً. وارتفعت المشاركة نسبياً في الدول الثلاث مما فوّت على اليمين المتطرف فرصة الفوز.
وتبقى فرنسا العنوان البارز لهذه الانتخابات، فلأول مرة، يتصدر الفكر القومي المتطرف المتمثل في التجمع الوطني الذي كان سابقاً يحمل اسم «الجبهة الوطنية»، الانتخابات في هذا البلد بعد مشاركة قاربت الأربعة عقود بعدما حقق 23 في المئة بما يقارب نقطة أكثر من حركة الى الأمام التي يتزعمها الرئيس إيمانويل ماكرون. كما تراجع اليمين المعتدل المتمثل في حركة الجمهوريين والحزب الاشتراكي بشكل ملفت للنظر، إذ لم يتجاوزا 15 في المئة من الأصوات، وهو تراجع تاريخي لأحد أكبر الأحزاب في التاريخ السياسي الأوروبي. وتؤكد جريدة لوموند في افتتاحيتها عن تشكل واقع سياسي جديد في فرنسا يتمثل بتراجع الأحزاب الكلاسيكية واقتحام قوى أخرى المشهد، مشيرة الى أن ما يجري في فرنسا يتكرر في دول أوروبية أخرى بنسب متفاوتة.
كما كان ملفتاً تصدر حزب البريكسيت الجديد المشهد السياسي البريطاني بسبب أطروحاته المناهضة للوحدة الأوروبية، ومتبوعاً بحزب الليبراليين الديمقراطيين المؤيد للوحدة الأوروبية بينما احتل المركز الثالث والرابع حزب العمال وحزب المحافظين، لكن الانتخابات في بريطانيا لا تعبّر عن تغييرات كبيرة في الخريطة الوطنية بحكم أن كثيراً من المناهضين للوحدة الأوروبية من أحزاب أخرى صوّتوا مؤقتا لحزب البريكسيت.
وتبقى اسبانيا حالة خاصة في هذه الانتخابات كما تشير جريدة الباييس بسبب فوز اليسار، إذ حصل الحزب الاشتراكي على قرابة 32 في المئة من الأصوات، وهي أعلى نسبة مقارنة مع باقي جميع الأحزاب الأوروبية الأخرى، وهو حزب يتميز بالدفاع عن الوحدة الأوروبية. وعموما، لم تحمل الانتخابات في اسبانيا مفاجأة كبرى بقدر ما جرى عدم تحقيق اليمين المتطرف نتيجة تذكر، لم يتجاوز 6 في المئة من الأصوات بدل ما بين 10 الى 13 في المئة التي كانت مرتقبة.
وتمتد نتائج هذه الانتخابات الى المشهد السياسي الوطني في الدول الأوروبية. فقد احتل حزب سريزا الحاكم في في اليونان المركز الثاني أمام المحافظين «الديمقراطية الجديدة»، وبالتالي قد يجد نفسه مضطراً الى انتخابات سابقة لأوانها. كما احتل حزب حركة الى الأمام الحاكم في فرنسا المركز الثاني وقد يجد نفسه مضطراً الى حل البرلمان تحت ضغط المتطرفين القوميين، ويتكرر المشهد في بلجيكا بل وفي المانيا نتيجة تراجع الحزب الاشتراكي. بينما تبقى بريطانيا مفتوحة على كل الاحتمالات نظراً لتصدر حزب البريكسيت المناهض لأوروبا الانتخابات.
وتبقى نتائج الانتخابات سلبية للغاية على مستقبل أوروبا، فهي تؤكد معطيات رئيسية وعلى رأسها انتعاش الفكر القومي المناهض للوحدة الأوروبية في وقت تحاول فيه المفوضية الأوروبية تعزيز الوحدة لمواجهة العمالقة الثلاثة: الولايات المتحدة وروسيا والصين، لاسيما وان هذا الفكر ينتعش في فرنسا المحرك السياسي لأوروبا. ومن جهة أخرى، تقدم التطرف يؤكد تراجع التعايش بكل ما يحمله ذلك من احتقان اجتماعي بسبب تهجم هذه الأحزاب المتطرفة على الهجرة والأقليات التي تشكلت خلال العقود الأخيرة وعلى رأسها الأقلية المسلمة التي تبقى هدفاً لليمين المتطرف. (تفاصيل ص 10 ورأي «القدس العربي» ص 23)
بعمر 95 الجدة تشاريتو تظفر بمقعد انتخابي ولقب أكبر مستشارة في تاريخ إسبانيا
• تمكنت ماريا ديل روساريو، 95 عاماً، من الفوز بمقعد انتخابي في الانتخابات البلدية التي شهدتها إسبانيا يوم أمس.
وأصبحت ماريا ديل روساريو، التي تحمل لقب تشاريتو، من أكثر النساء شهرة في إسبانيا حيث دخلت التنافس الانتخابي مدعومة من صديقاتها المسنّات.
وترأست تشاريتو قائمة «الجدات» التي تكونت من نساء مسنّات، أصغرهن بعمر 63 سنة، قمن بدعمها خلال الحملة الانتخابية قبل أن تتمكن من الظفر بمقعد واحد.
وترشحت تشاريتو عن بلدة باتونيس، شمال مدريد، والمصنفة معلماً تراثياً ذا أهمية ثقافية ويبلغ عدد سكانها 523 نسمة، وممثلة بـ7 مقاعد في مجلسها البلدي.
وحصلت الجدة تشاريتو، اللامنتمية لأي حزب سياسي، على مقعد واحد متعادلة مع «الحزب الشعبي» فيما احتل «الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني» المرتبة الأولى بغالبية مطلقة (5 مقاعد).
وأصبحت الجدة تشاريتو منذ إعلان ترشيحها وجهاً مألوفاً في وسائل الإعلام الإسبانية… كما أنها خلقت نقاشاً واسعاً، في شبكات التواصل الاجتماعي، حول قدرتها على القيام بواجباتها.
وأرجعت تشاريتو سبب ترشحها إلى كونها ترغب في أن ترى ما إذا كان الوزراء سيستمعون إليها وتحقق بعض التغيير في بلدتها.
أنصار اليمين المتطرف يستخدمون فيديو من الجزائر على أنه في أوروبا
• تداول نشطاء في موقع «تويتر» ينتمون لتيار اليمين المتطرف، مقطع فيديو يظهر اعتداء متشدد على تمثال امرأة في مدينة سطيف الجزائرية، وادعوا أن هذه الحادثة قد حصلت في إيطاليا.
وجاء تداول هذا الفيديو في «تويتر» أمس الأحد، بالتزامن مع الانتخابات الأوروبية، ونشرت مجموعات معادية للهجرة الفيديو بغرض التخويف والتأثير على أصوات الناخبين لترجيح كفة أحزاب معادية للهجرة.
ويظهر الفيديو، الذي تمت مشاركته بشكل واسع تحت الهاشتاغ #euelections2019، رجلاً ملتحياً وهو ينهال على تمثال إمرأة عارية بمطرقة، وسط ذهول المارة.
كما حمل مقطع الفيديو تعليقاً يقول: «مسلم مهاجر يحطم تمثال إمرأة في إيطاليا، لأن جزءاً من جسدها مكشوف. أوروبا لا تعرف ما ينتظرها في غضون 5 إلى 15 سنة».
واضطرت حسابات عدة إلى حذف الفيديو بعد التأكد من تزييف مكانه.
القدس العربي