في واقع مليء بالسيناريوهات السيئة مثل التسونامي العربي، المعربد منذ 2010، مطلوب حدود أمنية تقف في وجه هجمات غير متوقعة. ولا يمكن لهذا أن يتأسس على أماني التعايش والسلام، لأن دوره، مثلما تفيض تجربة 1400 سنة، هو التغلب على خرق السلام.
إن التحدي الأعلى للحدود الأمنية هو ضمان وجود وحماية بعيدة المدى في منطقة لم تشهد سلاماً بين العرب بعد. يجب أن يتناسب هذا مع الواقع الشرق أوسطي الذي يتميز بآلية الأنظمة العربية وبتغييرات متطرفة وبالتالي بآنية السياسة والاتفاقات أيضاً.
الحدود الأمنية يجب أن تسمح برد ناجع على هجوم مفاجئ بري لجيش وإرهاب، وربما أهم من ذلك ـ فهي تستهدف الردع. مثل هذه الحدود تقوم على أساس حقيقة أن التفوق التكنولوجي (التكنولوجيا العليا) من شأنه أن يزول، ولكن التفوق الطبوغرافي (تلال يهودا السامرة) خالد، ويسمح بصد أو إبطاء الغزو، ويمنح زمناً حيوياً لتجنيد الاحتياط.
الحدود الأمنية ترفع مستوى الردع؛ غيابها يحفز عدوان العدو. حدود كهذه تساهم في مكانة إسرائيل كمنتجة أمن قومي يشكل ذخراً وليس عبئاً للولايات المتحدة وللدول العربية المؤيدة لأمريكا. كقاعدة، الحدود الأمنية تسمح لإسرائيل بأن تدافع عن نفسها دون أن تضطر إلى جيش أجنبي.
لمواجهة «التسونامي العربي» والتيارات الإسلامية
في 29 حزيران 1967 رسم رئيس الاأكان الأمريكي المتقاعد، الجنرال ارل فيلد، خريطة الحد الأدنى اللازم لأمن إسرائيل: «السيطرة على تلال السامرة ويهودا ستمنح إسرائيل حدوداً أمنية… التلال تسيطر على المركز الضيق في إسرائيل، وتسمح بقطعها إلى قسمين… الضفة الغربية تمنح تفوقاً لأعمال الإرهاب ضد إسرائيل… على إسرائيل أن تسيطر على الهضبة المسيطرة على بحيرة طبريا… سيطرة إسرائيلية في غزة ستقلص بشكل دراماتيكي احتمالات الإرهاب».
في 29 تموز 1991 ادعى الادميرال باد نانس، الذي كان رئيس فريق المستشارين في لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي: «الضفة الغربية ذخر الدفاع الأول في المنطقة… عائق طبيعي لغزو مدرعات من الشرق… يكون ملزماً ويبدأ من النقطة الأدنى في العالم إلى نحو ألف متر من تلال يهودا والسامرة… التي تتسلل إلى لباب إسرائيل». وأضاف: «بلا الأرض، فإن عرض إسرائيل في مركزها نحو 15 كيلو متراً… ثلثا سكان إسرائيل وثلاثة أرباع صناعتها توجد في القاطع الضيق بين الضفة الغربية والبحر المتوسط… انسحاب إسرائيل من تلال يهودا والسامرة وهضبة الجولان وغزة سيشعل الاضطراب في المنطقة، وسيقرب الحرب والحرب الوقائية، وسيدفع إسرائيل للتفكير في خيار نووي، ويلزم الولايات المتحدة بتصعيد تواجدها العسكري في المنطقة».
في 2019 الشرق الأوسط معتمل وغير متوقع ومهدد أكثر مما في 1967 و 1991، ويكشف أنظمة خارقة للقانون وموجة إرهاب إسلامية غير مسبوقة، مزودة بسلاح متطور. الواقع اليوم يستوجب رفع مستوى الحدود الأمنية، ولا سيما تلال السامرة ويهودا، التي هي: «هضبة الجولان» للقدس، تل أبيب، مطار بن غوريون، طريق 6 والسهل الساحلي.
القدس العربي