تفيد الكاتبة ناتالي جيبرت في مقال بصحيفة لوموند الفرنسية بأن وزير الدفاع الصيني الجنرال وي فنغ توعّد خلال منتدى سنغافورة الأمني “بالقتال” إذا تجرأ “أحد على فصل تايوان عن الصين”، مضيفة أن ثمة حربا باردة جديدة تطل برأسها بين بكين وواشنطن.
وتضيف الكاتبة أن الولايات المتحدة والصين انخرطتا في مواجهة إستراتيجية عنيفة على مسرح “حوار شانغريلا” في سنغافورة في الفترة الممتدة من 31 مايو/أيار إلى الثاني من يونيو/حزيران الجاري.
وتشير إلى أن هذا المنتدى عادة ما يُعقد ليجمع بين مسؤولي الدفاع في آسيا والمحيط الهادي، وذلك في إطار توازن إقليمي دقيق بين التبعية الاقتصادية الصينية والحماية الأمنية الأميركية. وأنه في خضم الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، فإن هذا الاجتماع تميز بإثارة القلق.
وأرسلت الصين وزير دفاعها الجنرال فنغ، أحد الأعضاء الستة في اللجنة العسكرية المركزية، ليكون أعلى ممثل يحضر “حوار شانغريلا”، حيث ألقى خطابا تقليديا بشأن المصالح الصينية الأساسية قائلا “بما أن الخلافات التجارية الأخيرة أطلقتها الولايات المتحدة، فإنه إذا أرادت أميركا التحدث، فسنُبقي الباب مفتوحا، أما إذا كانت تريد قتالا، فإننا سنقاتل حتى النهاية”.
وزير الدفاع الصيني: إذا تجرأ أحد على فصل تايوان عن الصين، فلن يكون أمام جيش التحرير الشعبي الصيني خيار آخر سوى القتال بأي ثمن (رويترز)
وزير الدفاع الصيني: إذا تجرأ أحد على فصل تايوان عن الصين، فلن يكون أمام جيش التحرير الشعبي الصيني خيار آخر سوى القتال بأي ثمن (رويترز)
منافسة وسلوك
من جهته، اغتنم وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان الفرصة ليعلن في خطاب، لم يذكر فيه الصين مباشرة، أن “المنافسة ليست صراعا”، وليُضيف خلال النقاشات أن “السلوك الذي يقوّض سيادة الدول الأخرى ويزرع عدم الثقة بنوايا الصين يجب أن يتوقف”.
وتشير الكاتبة إلى أن الوزيرين التقيا الجمعة في لقاء “بنّاء” بحسب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وأنه بالنسبة لشاناهان يعد مسرح المحيط الهادي أولوية، وأنه يجب أن يكون مفتوحا وحرا.
غير أن المنافسة الأميركية الاقتصادية والأمنية تُفهم على أنها منافسة يشارك فيها الجميع في إطار القواعد الدولية القائمة.
وبينما أكد ممثل بكين أن العلاقات بين الدولتين وبين العسكريين ظلت مستقرة، ضاعف الوزير الصيني من التحذيرات التي وجهها إلى الولايات المتحدة.
وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان اغتنم الفرصة ليعلن في خطاب، لم يذكر فيه الصين مباشرة، أن المنافسة ليست صراعا (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان اغتنم الفرصة ليعلن في خطاب، لم يذكر فيه الصين مباشرة، أن المنافسة ليست صراعا (رويترز)
حرية الملاحة
وبينت الكاتبة أنه من خلال مقارنة توحيد الولايات المتحدة من قبل أبراهام لينكون مع العزم الصيني على ضم تايوان، أوضح فنغ أن “الجانب الأميركي ذكر في خطابه قانون العلاقات مع تايوان. فهل يتعلق الأمر بتايوان أم الولايات المتحدة، أم بالقانون الصيني أو القانون الدولي؟ نحن لا نجد أي مبرر لحقيقة تدخل الولايات المتحدة في قضية تايوان من خلال قانونها الوطني”.
وتضيف أنه بناء على ذلك فقد خلص الجنرال فنغ إلى أنه يجب أن تكون الصين موحدة، وأنه إذا تجرأ أحد على فصل تايوان عن الصين، فلن يكون أمام جيش التحرير الشعبي الصيني خيار آخر سوى “القتال بأي ثمن”.
وتشير إلى أنه فيما يتعلق ببحر جنوب الصين، فإن بكين أكدت أنها لم تسلح الجزر المتنازع عليها بطريقة غير قانونية كما يدعي سكان سواحلها، وأنها أشارت إلى أن بناء المنشآت على الأراضي لا يسمى بالعسكرة.
وتضيف الكاتبة أن جميع المشاركين في المنتدى، لا سيما فرنسا، دافعوا عن حرية الملاحة باعتبارها مبدأ غير ملموس.
استعراض عضلات
وفي المقابل، اتهم الجنرال فنغ الوجود الأجنبي قائلا إن “الدول تأتي لاستعراض عضلاتها باسم حرية الملاحة، وإن استعراض القوة على نطاق واسع والعمليات الهجومية التي تنفذها السفن الأميركية يعتبران من بين أخطر العوامل التي تزعزع استقرار بحر جنوب الصين”.
ونقلت الكاتبة عن أليس إيكمان من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية قوله إنه منذ سنوات عدة وحتى قبل الحرب التجارية، تصاعد التوتر بالفعل، وإنه قد “وصلنا الآن إلى مرحلة المعارضة الأمامية”.
ووفقًا لهذه الخبيرة، فيمكن الحديث عن حرب باردة، إذ إن “المواجهة بين الصين والولايات المتحدة تجارية وجيوسياسية، ولكنها أيضًا مؤسسية وسياسية وأيديولوجية”.
وتضيف الكاتبة أن الولايات المتحدة تعتزم “الاستعداد” للحرب من خلال “قوة مشتركة قادرة على كسب كل النزاعات”، وأنها ستركز الاستثمارات في الأسلحة أو الغواصات من طراز كولومبيا أو القذائف، مضيفة أن شاناهان صرح السبت بأن المنطقة تضم بالفعل 370 ألف جندي أميركي و2000 طائرة و200 سفينة وغواصة.
الجزيرة