د. سليم محمد الزعنون*
خلال الفترة الأخيرة انتقلت ايران إلى استراتيجية التصعيد المتدّرج والتي تتضمن استهداف حلفاء واشنطن، والبنية النفطية التحتية لدول الخليج، بهدف خلق هزة في سوق النفط العالمي، ودفع واشنطن للتراجع عن خطواتها، بيد أن الواقع يؤشر إلى إخفاق خطواتها في إجبار الإدارة الأمريكية على إعادة النظر في العقوبات، ولم تحدث زيارة حادة في اسعار النفط في سوق النفط العالمي، أثراً لذلك من المحتمل أن توسع طهران دائرة الضغط المتدرج في اتجاهين:
الأول: ضربات محدودة لإسرائيل.
من الممكن أن تعمل على توجيه ضربات محدودة لإسرائيل على طول الحدود مع لبنان، أوهضية الجولان مع سوريا، من خلال (أحد وكلائها) وليس (حزب الله)، بهدف الضغط على واشنطن لدفعها لإعادة النظر في العقوبات.
وفي هذا السياق تعتبر المليشيات العراقية الشيعية وتحديداً عصائب أهل الحق وهي جزء من قوات الحشد الشعبي المدعوم ايرانياً، أحد المرشحين للقيام بهذا الدور، وكان زعيمها “قيس الخزعلي” قد زار الحدود الإسرائيلية اللبنانية وأعلن استعدادهم لمواجهة اسرائيل، والتعاون في حرب مستقبلية ضدها، ويبدو أن هذ الخطوة دخلت حيز التنفيذ، حيث سقط بالأمس 16 يونيو صاروخ في بلدة “ديشون” الإشرائيلة على بعد عدة كيلو مترات من جنوب لبنان.
هذا النوع من الهجمات لن يؤدي إلى جر تل أبيب لمواجهة واسعة مع طهران، بالنظر إلى تجربة حرب الخليج الثاني، فعلى الرغم من أن العراق وجه ضربات لإسرائيل إلى أنها لم تدخل الحرب والتزمت الصمت، ولكن ستستمر إسرائيل في توجيه ضربات محدودة لمقدرات القوة الإيرانية في سوريا، واذا استدعى الأمر في لبنان والعراق.
الثاني: الانتقال للمرحلة الثالثة من التصعيد المتدرج.
القائمة على دفع طهران لوكلائها لتنفيذ هجمات غير متماثلة من الصعب أن تُنسب بشكل مباشر لها كدولة، بشن هجمات تستهدف المصالح الأمريكية في المنطقة (الموظفين، والقواعد العسكرية، السفارات، الشركات الأمريكية)، ويبدو أن طهران بدأت هذه المرحلة من الضغط المتدرج، حيث استهدفت 3 قذائف هاون في 16 يونيو مصالح أمريكية في العراق، الأولى استهدفت السفارة الأميركية في “المنطقة الخضراء”، واستهدفت الثانية على قاعدة بلد الجوية، والثالث قاعدة قرب مطار بغداد الدولي، وصباح اليوم 19 يونيو صاروخ “كاتيوشا” قرب شركة النفط الأمريكية “إكسون موبيل” في مدينة البصرة العراقية، وأصاب مقرات السكن وغرفة العمليات.
رغم ذلك لا زال سيناريو التوتر المنضبظ بين الجانبين هو المرجح حتى اللحظة، دون الوصول إلى مواجهة عسكرية، إن عدم اتخاذ واشنطن خطوات متقدمة غير العقوبات الاقتصادية بهدف تصعيد الأزمة إلى حافة الهاوية دون الوصول إلى الحرب، سيدفع طهران باتجاه توسيع دائرة هجماتها غير المتماثلة على المصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن في المنطقة.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية