الحكومة العراقية أمام مسؤولية تاريخية بعد وضع بابل على لائحة التراث العالمي

الحكومة العراقية أمام مسؤولية تاريخية بعد وضع بابل على لائحة التراث العالمي

بغداد – وضع قرار اليونسكو بوضع موقع مدينة بابل الأثري على لائحتها، السلطات العراقية أمام مسؤولية جديدة بعد فشلها في المحافظة على أماكن تاريخية وأثرية.

ووافقت لجنة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) في باكو، الجمعة، على إدراج موقع بابل الأثري التاريخي لبلاد ما بين النهرين على لائحتها بعد ثلاثة عقود من الجهود التي بذلها العراق في هذا الاتجاه.

وتعاني المواقع الأثرية في بابل أسوة بالمواقع الأثرية العراقية الأخرى من إهمال بعدم صيانتها فضلا عن صعوبة حمايتها من لصوص الآثار الذين زاد عددهم بعد عام 2003 بسبب فقدان سيطرة الدولة.

واعتبر باحث آثاري عراقي مقيم في الأردن أن قرار اليونسكو يشكل مسؤولية مضاعفة على السلطات العراقية لكونها سبق وأن فشلت في الاهتمام بالأهوار بعد أن أدرجت، ضمن لائحة التراث العالمي لعام 2016.

وتساءل الآثاري العراقي، الذي يدرّس في جامعة عمان في تصريح لـ”العرب”، “ماذا حصل بعدها، فشلت الحكومات العراقية في إقامة أي مشروع جدي في الأهوار وبقيت تعاني من الإهمال، الأمر الذي دفع اليونسكو إلى دراسة إزالتها من لائحة التراث العالمي”.

وبذلت سلطات الآثار العراقية جهودا كبيرة لإعداد هذا الملف، الذي تم طرحه خمس مرات منذ العام 1983، بهدف تسجيل هذا الموقع الذي يمتد على مساحة عشرة كيلومترات على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب بغداد.

وخلال النقاشات في العاصمة الأذرية، قال ممثل العراق لدى لجنة اليونسكو “ما هي لائحة التراث العالمي من دون بابل؟ كيف سنخبر تاريخ الإنسانية من دون أول فصولها، بابل؟”.

أما ممثل تونس، فاعتبر أن إدراج بابل “يملأ فجوة واضحة في القائمة، وبالفعل، هذا نوع من المواقع يمكننا أن نقول إن هذه الاتفاقية وجدت لحمايته”.

وأشارت لجنة اليونسكو من جهتها إلى أن موقع بابل في “حالة محفوفة بالمخاطر (…) وبحاجة ماسة للحفاظ عليه ومنعه من الانهيار”.

وكانت اللجنة بدأت اجتماعاتها، الأسبوع الحالي، في باكو للتصويت على إدراج بابل و34 موقعا أثريا آخر، بعضها في البرازيل وبوركينا فاسو، على لائحة التراث العالمي.

واختارت عدم إدراج بابل على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر، بعد اعتراضات من العراق.

وقال مدير آثار البصرة قحطان العبيد، الذي قدم ملف بابل إلى اليونسكو، إن بابل التي يزيد عمرها عن أربعة آلاف سنة “أكبر مدينة مأهولة بالسكان في التاريخ القديم”.

وأضاف أن بابل كانت “شاهدة على التقلبات السياسية وعمليات النهب والتخريب التي قام بها الجنود الأميركيون والبولنديون الذين اتخذوا المكان مقرا لهم بين عامي 2003 و2005″.

وتابع العبيد “لقد تركوا أطنانا من النفايات العسكرية، وأعادوا حتى طلاء بوابة عشتار عند المدخل باللون الأسود”.

وقال إن “البابليين هم حضارة الكتابة والإدارة والعلوم”، في العراق الذي يفخر بكونه أول بلد عرف الكتابة وعثر فيه على أول لوح مسماري يعود تاريخه إلى 5500 عام.

ويرى العبيد أن إدراج بابل على لائحة التراث العالمي “سيشجع البحث والتطوير في الموقع″ بالإضافة إلى “الدعاية السياحية المجانية”.

وتحتل مدينة بابل الأثرية مكانة خاصة في التاريخ والأساطير العالمية، مع بوابة عشتار الشهيرة وحدائقها المعلقة وبرج بابل، وكلها معالم بارزة في التاريخ والأديان والفن، رغم كون مواقعها موضع نقاش دائم.

ولدى العراق خمسة مواقع مسجلة لدى اليونسكو، بينها قلعة أربيل التي أدرجت في العام 2013، والأهوار في العام 2016.

يضاف إليها موقع الحضر، شمال غرب العراق، المهدد بالخطر بحسب اليونسكو، وتم تسجليه عام 2005، وتعرض خلال سيطرة تنظيم داعش لـ”تطهير ثقافي” تمثل بعمليات تدمير وسرقة على يد الجهاديين.

وهناك أيضا مدينة سامراء الأثرية التي أدرجت في العام 2007 على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر، بحسب المنظمة، بسبب العنف الطائفي الذي أعقب تفجير مراقد الأئمة المقدسة لدى الشيعة.

وموقع مدينة أشور سجل في العام 2003 معرضا للخطر أيضا بسبب مشروع بناء سد مائي.

يذكر أن تمويل المشاريع الثقافية غير ملحوظ في موازنة العراق بسبب تخصيص مبالغ ضخمة للعمليات العسكرية طوال سنوات عدة.

العرب