تشير أرقام الأسواق للفصل الثاني من السنة، الى ان سعر نفط «برنت» ارتفع نحو 14 في المئة مقارنة بمعدل سعر الربع الأول، ليسجل معدلاً يبلغ نحو 63.37 دولار للبرميل. وتشير أيضاً الى ان معدل سعر «نفط غرب تكساس» المتوسط، ارتفع نحو 19 في المئة خلال الفترة ذاتها ليسجل معدل 57.84 دولار للبرميل. وهنا نذكر ان سعر نفط «برنت» الذي يستعمل مؤشراً لأسعار بقية النفوط في أوروبا وآسيا، لا يزال يتراوح حول معدل 60 دولاراً للبرميل.
خيبت هذه الأسعار توقعات الكثير من المراقبين في المصارف والشركات العالمية الذين توقعوا تراجع سعر نفط «برنت» الى 40 دولاراً للبرميل. وقد تغيرت توقعات الكثير منهم، إذ أخذوا يتوقعون الآن ان تسجل الأسعار معدلات أعلى مع نهاية السنة، لتصل الى نحو 67 دولاراً لبرميل نفط «غرب تكساس» المتوسط، ونحو 71 دولاراً لنفط «برنت» بحر الشمال، ما يعني زيادة بنحو 10 في المئة على معدل الأسعار الحالية. ويستنتج من ذلك ان الأسواق تتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط خلال الربع الثالث وتواصل الارتفاع في الربع الرابع حتى نهاية العام الحالي.
يذكر أيضاً ان هذه التوقعات النفطية الإيجابية لبعض المؤسسات المالية الغربية الكبرى، تأتي في الوقت ذاته الذي يتخوف كثيرون من الانعكاسات السلبية للاضطرابات السياسية ما بين روسيا والغرب حول أوكرانيا، والزلزال السياسي في دول الشرق الأوسط او احتمال انسحاب اليونان من عملة اليورو الأوروبية.
لماذا هذه التوقعات الإيجابية للخبراء النفطيين، خصوصاً بعد انهيار الأسعار خلال الشهور الماضية؟
يكمن السبب الرئيس في عودة التوازن واستمراره بين العرض والطلب النفطي العالمي. فقد أدى عدم التوازن هذا الى زيادة الامدادات، نتيجة الارتفاع السريع والكبير في انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، مقارنة بانخفاض الطلب في دول مستهلكة عدة في الوقت ذاته (الدول الغربية والصين) بسبب تأثير التطورات الاقتصادية والمالية السلبية العالمية. ومن أهم المؤشرات الإيجابية التي بدأت تغير هذه الصورة التي أدت الى انهيار الأسعار، تحسن الطلب على النفط في الصين، أهم سوق مستورد للنفط، اذ ارتفع معدل الزيادة في الطلب على النفط في أيار (مايو) الماضي، نحو 8.2 في المئة عن الشهر ذاته من العام السابق. كما انها أعلى زيادة شهرية خلال السنتين الماضيتين.
وبالفعل، سجل استهلاك الصين معدل 10.36 مليون برميل يومياً، وهو أعلى معدل لاستهلاك النفط منذ حزيران (يونيو) 2013. كما تشير المعلومات الحكومية الى ان شراء السيارات الرباعية الدفع خلال ايار سجل ارتفاعاً بنحو 43.9 في المئة. ما يعني ان في حال استمرار هذه المعدلات، يتوقع ان تستمر زيادة استهلاك النفط في الصين، من ثم المدلولات الايجابية لأسعار النفط العالمية، نظراً الى الأهمية القصوى للسوق الصينية على المستوى العالمي. وما يشجع أكثر، ان الزيادة في الطلب على النفط في الصين ارتفعت نحو 5.2 في المئة خلال الأشهر كانون الثاني (يناير) أيار، بحيث سجل معدل الطلب على النفط خلال هذه الأشهر نحو 10.41 مليون برميل يومياً.
هل سيستمر ازدياد الطلب على النفط في الصين خلال عام 2015؟
تتوقع شركة البترول الوطنية الصينية ان يرتفع الطلب الى نحو 10.68 مليون برميل يومياً خلال هذا العام، او ما مقداره زيادة 310 آلاف برميل يومياً عليها عام 2014. كما تتوقع الشركة ان يرتفع معدل الواردات نحو 5.4 في المئة ليسجل نحو 6.49 مليون برميل يومياً.
يذكر ان الصين تستورد النفط من نحو 10 دول أهمها روسيا وانغولا والسعودية وايران والعراق وسلطنة عمان وفنزويلا، والكويت وكازخستان والسودان. ويتنافس كل من روسيا والسعودية على مرتبة المُصدر الأول للصين. كما يلاحظ ان امدادات النفط من الدول الأفريقية الغربية (نيجيريا وانغولا والكونغو) أخذت تزود الصين ودولاً شرق آسيوية صناعية أخرى، مثل كوريا الجنوبية.
وليد خدوري
صحيفة الحياة اللندنية