لم تكن العلاقات المصرية – التركية سهلة منذ دخول جيش العثمانيين القاهرة وتعليق السلطان طومانباي على باب زويلة لمدة 3 أيام بعد شنقه إثر معارك ضارية قتل فيها نحو 50 ألفا وتحولت مصر إلى ولاية عثمانية تستغل أي فرصة تلوح للتمرد على الآستانة.
في القرن العشرين الذي شهد بدايته تفكك الإمبراطورية العثمانية والثورة العربية الكبرى التي كانت أساسا في منطقة الشام ضد العثمانيين، تغيرت قواعد اللعبة بعدما قام أتاتورك بتحديث تركيا، ولأسباب كثيرة ظلت تركيا بعيدة عن العالم العربي متوجهة في الأساس إلى الاتحاد الأوروبي حتى حدث التحول مع صعود حزب رجب طيب إردوغان إلى السلطة وصداقته في البداية مع النظام السوري الذي فتح له الأبواب إلى العالم العربي.
ليست لمصر مواقف مع تركيا الحديثة، وكانت حريصة على إبقاء العلاقات ودية، ظهر ذلك عندما تدخل الرئيس المصري السابق مبارك لوقف ما كان يبدو تصعيدًا عسكريًا بين أنقرة ودمشق بسبب حزب العمال الكردستاني وانتهت الأزمة باعتقال زعيم هذا الحزب بطريقة ما.
لم يحدث الاحتكاك المباشر إلا بعد صعود الإخوان في مصر إلى السلطة، حيث كان هناك تقارب بسبب تماثل المواقف الآيديولوجية رغم بعض التباين بين الاثنين والذي ظهر مرات بسبب الموقف من العلمانية، لكن الصدام الحقيقي وقع بعد ثورة 30 يونيو وإطاحة الإخوان حيث لم يتوقف إردوغان حتى الآن عن إطلاق تصريحات نارية ضد مصر. شعبيًا كان هناك ولا يزال إعجاب بالنجاح الاقتصادي الذي حققته تركيا في السنوات الأخيرة، لكن ذلك لم يمنع تبلور حالة غضب من التصريحات والمواقف التي تعد تدخلاً في شؤون دولة أخرى.
طبيعي أن تكون هناك مواقف من جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ضد مصر بعد خسارة حليفهم الإخوان المسلمين، لكن غير الطبيعي هو استمرار التصريحات بهذا الشكل من جانب إردوغان بعدما ظهر أن حكم الإخوان انتهى بغير عودة، وهو ما كان يتطلب بعض الدبلوماسية خاصة من شخص في موقع الرئيس.
كما أن وجود قنوات ومنصات إعلامية توفر لها أنقرة التسهيلات لبث دعاية تحريضية ضد القاهرة في وقت يصعد فيه الإرهاب هجماته لا يمكن إدراجه إلا تحت خانة الأعمال العدائية.
الغريب أنه لا يوجد تفسير منطقي لهذه العدائية، فمصلحة أنقرة هي في علاقات طيبة مع مصر التي تعد قوة إقليمية وركيزة للاستقرار الإقليمي.
هناك الكثير من التساؤلات حول المواقف التركية وما إذا كانت تهدف إلى خلق حالة عدم استقرار في المنطقة أو في الجوار الجغرافي، وبينها مصر التي تعد ركيزة للاستقرار الإقليمي.
علي إبراهيم
صحيفة الشرق الأوسط