فلول داعش الإرهابي في العراق.. لعبة الكر والفر.. البداية أم النهاية؟!

فلول داعش الإرهابي في العراق.. لعبة الكر والفر.. البداية أم النهاية؟!


بعد مرور أكثر عامين كاملين على هزيمة داعش الإرهابي في العراق، جدد التنظيم الإرهابي هجماته عبر خلاياه النائمة، مستهدفًا المناطق التي خسرها شمالي البلاد.
وأشار تقرير لمجلة فورن بوليسي الأميركية، إلى أن جيوبا للتنظيم الإرهابي لا تزال نشطة وتهدد المناطق النائية في العراق، حيث ينتشر الكثير من عناصره حاليا في شبكات أنفاقٍ يخزنون فيها المواد الغذائية والمتطلبات اللازمة، ويعملون في خلايا من خمسة إلى عشرة أشخاص.
إن مصطلح الخلايا النائمة هو مصطلح يطلقه القادة العسكريون العراقيون على مجاميع تابعة للتنظيم، وتنشط بشكلٍ خفي في مناطق مختلفة من البلاد، وتهاجم أهدافًا محددة بشكل سريع، قبل أن تنسحب من المناطق المستهدفة.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، شّن عناصر التنظيم هجمات استهدفت قوات الأمن ومدنيين في أجزاء من مدينة الموصل وكركوك وديالى والأنبار، وخلفت قتلى وجرحى.
وفي تقريرٍ نشرته مجلة “واشنطن إكزامنر” في حزيران/يونيو الماضي قالت فيه “إن بقايا تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، تحاول إعادة تجميع صفوفها بعد تفكك التنظيم الإرهابي في وقت سابق من العام الحالي، مؤكدة أن مقاتلي داعش عادوا إلى تكتيكات المتمردين “حرب الشوارع”، ما أجبر قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وقوات الأمن العراقية المدعومة من الولايات المتحدة، على تعديل استراتيجيتهما من التركيز على مواجهة التهديد التقليدي”.
وأشارت المجلة إلى أن “بعض الخبراء يشعرون بالقلق من أن هذا قد يكون مؤشرا على استعداد التنظيم للقيام بعملية استعادة للأراضي المفقودة”.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في أيار/مايو الماضي، أن خلايا داعش النائمة مستمرة في إرباك الأوضاع، وأكد أن أي انحراف في مواجهة ومحاربة داعش سيخلق ثغرة كبيرة في المجتمع، مشيرا إلى تماسك القوات الأمنية والجيش في العراق وقدرتها على دحر التنظيم.
من جانبها حذرت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، من خطورة تحركات خلايا داعش الإرهابية في مدينة الموصل شمالي البلاد على الملف الأمني العام، وأشارت إلى أن التنظيم نجح عام 2014 في تأسيس قاعدة انطلاق له من الموصل باتجاه باقي المحافظات.
وقال محمد رضا، رئيس اللجنة، الذي شغل منصبًا عسكريًا برتبة فريق ركن في الجيش العراقي، “إن خلايا تنظيم داعش تنشط في الجانب الأيمن (الغربي) لمدينة الموصل”، ولفت إلى أن “الخطورة تكمن في أن الجانب الغربي لمدينة الموصل مرتبط بمناطق البعاج والجزيرة (جنوبي وغربي الموصل)، وهي مناطق مفتوحة تمتد لباقي المحافظات”.
وأوضح رضا “أن هناك مساحات صحراوية بين قاطع مسؤولية قيادة عمليات نينوى (شمال) وقاطع مسؤولية قيادة عمليات الجزيرة والبادية بمحافظة الأنبار (غرب)، وهي بحاجة إلى قوات إضافية لإحكام السيطرة عليها، ومنع نشاط التنظيم”، وللقضاء على نشاط داعش، اعتبر رضا أن الأمر بحاجة إلى عمليات عسكرية واسعة يشارك فيها طيران الجيش، إلى جانب إحكام السيطرة على الحدود لمنع عمليات التسلل لعناصر التنظيم.
وأشار إلى أنه “لغاية الآن، هناك تسلل لعناصر داعش من سوريا إلى العراق، لأن المنطقة الحدودية بطول أكثر من 600 كيلومتر، ولم تحكم (أمنيًا) بصورة تامة”.
ووفق رضا، “فإن خارطة نشاط خلايا داعش تتركز حاليًا في الجانب الغربي لمدينة الموصل، ومناطق جنوبي كركوك، خصوصًا في القرى التي لم يعد إليها النازحون لغاية الآن، علاوة على الصحراء في محافظة الأنبار”.
رغم تأكيد وزارة الدفاع العراقية أن تنظيم داعش فقد المقومات التي تمكنه من إعادة السيطرة على بعض المناطق كما كان في عام 2014، إلا أنها تؤكد على النشاط الذي تقوم به خلايا التنظيم باستهداف قوات الأمن والمدنيين.
العميد يحيى رسول، المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة، (تتبع الدفاع العراقية)، قال “إن تنظيم داعش فقد قدرته على السيطرة على المناطق”.
واستدرك: لكن خلاياه النائمة تختبئ في المناطق الصحراوية والسلاسل الجبلية، ويقوم عناصرها باستهداف قطعات قوات الأمن والمدنيين، وحاليًا نكثف الجهود الاستخبارية والقيام بعمليات عسكرية.
وأوضح رسول “أن العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الأمن، أسفرت عن تدمير العديد من الأنفاق والمخابئ الخاصة بالتنظيم الإرهابي، وأحيانًا يتم استهداف مواقع التنظيم من قبل طيران الجيش بالقصف المباشر أو بعمليات إنزال جوي”، كما “ركزت القوات العراقية خلال عملياتها الأمنية، على مناطق غربي محافظة نينوى، المتمثلة بقضاء الحضر وقضاء البعاج، إضافة إلى صحراء محافظة الأنبار، وسلسلة جبال حمرين ومكحول، والشريط الحدودي العراقي السوري”.
لا يرى مسؤولون وخبراء أمنيون في العراق خطورة جدية يمكن أن يمثلها «تنظيم داعش» في البلاد، إلا أنهم يحذرون من استمرار خلاياه النائمة، ولا يزال القادة والمسؤولون العراقيون يراهنون على قدرة المؤسسة العسكرية على إلحاق الهزائم بخلاياه بعد الهزيمة التي ألحقها به الجيش العراقي أواخر 2017.
وبالرغم من التحذيرات الكثيرة من عودة أجيال جديدة من التنظيم، طبقاً لتقرير أميركي نشر هذا الأسبوع، فإن كل ما يستطيع «داعش» القيام به حالياً من عمليات بالعراق «لا يتعدى مشاغلة القوات والأجهزة الأمنية هنا أو هناك».
ويرى الخبراء إن ما تقوم به خلايا التنظيم من عمليات، لن يؤثر على السياق العام لما تقوم به الأجهزة الرسمية من متابعة وملاحقة لهذا التنظيم في أماكن وجوده التي يتحصن بها، وإن كانت الهجمات تدخل في سياق عمليات الكر والفر».
وأوضح الخبراء أن القدرة الاستخباراتية العراقية تطورت كثيراً خلال السنوات الماضية، وبدأت تنفذ عمليات نوعية كبرى، ومنها اعتقال كبار قادة التنظيم في كل من سوريا والعراق، وشككوا في قدرة عمليات التنظيم على التأثير في الأمن، نظراً إلى عوامل عدة، أهمها تطور الأداء العسكري والاستخباراتي ورفض المجتمع المحلي لهذه العناصر الإرهابية التي باتت أهدافها مكشوفة بالنسبة له.
ويرون، أن استراتيجية داعش الإرهابي لا تهدف إلى السيطرة على مناطق محددة في العراق، لأن ذلك لم يعد يخدم التنظيم ومخططاته للمرحلة المقبلة، وقالوا إن داعش عندما تم تأسيسه في العراق، بدأ بخلايا نائمة شنت هجمات ضد أهداف عسكرية وأمنية ومدنية، وأحدث رعبًا لدى الجميع، وهو ما يسعى التنظيم حاليًا لتنفيذه.
وأوضحوا أنه من خلال العمليات الإرهابية التي نفذت بعد إعلان العراق هزيمة داعش عام 2017، يبرز وجود نوع من التنسيق في الهجمات من قبل عناصر التنظيم، رغم أن الاعتقاد بأن مركزية داعش في تنفيذ العمليات الإرهابية قد انتهت باختفاء زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وأن القضاء على خلايا التنظيم يتم عن طريق عمليات عسكرية منسقة، بالتنسيق مع التحالف الدولي الذي يمتلك الأنظمة المتطورة في مراقبة وتحديد المواقع التي يختبئ بها عناصر التنظيم، وفرض سيطرة محكمة على صحراء الأنبار التي تمثل أحد أبرز معاقل التنظيم وخطوط إمداداته.
وترى التحليلات العسكرية الغربية، ان هزيمة داعش تسير بتقدم لتدمير التنظيم، لكن هذا لا يعني أن المعركة انتصرت، لأن داعش يحاول النهوض، إلا أننا سنستمر في مساعدة شركائنا لتعزيز مكاسبهم في متابعة الخلايا النائمة للتنظيم، لكن، ما يزال للتنظيم خلايا نائمة في أرجاء العراق، وبدأ العودة تدريجياً إلى أسلوبه القديم في شن هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات، التي كان يتبعها قبل عام 2014.

وحدة الدراسات العراقية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية