العلاقات الإيرانية الحمساوية إلى الواجهة من جديد

العلاقات الإيرانية الحمساوية إلى الواجهة من جديد

تشهد العلاقات الإيرانية الحمساوية تقاربا جديدا بلغ حالة الذروة، لأول مرة منذ العام 2012، الذي شهد تدخل إيران في الأزمة السورية، الأمر الذي اعتبرته حماس سلبيا في ذلك الوقت.

وامتدت هذه القطيعة لمدة سبعة أعوام، ولكن لم تكن بالقطيعة التي لا تحقق التواصل؛ إذ بدأ الإيرانيون في عام 2014، أي بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بالتواصل مع حركة حماس، وذلك على خلفية ما حققه الجناح العسكري للحركة من نجاحات في إدارة المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، فتطور الأمر قليلا لتقتصر العلاقة على دعم المقاومة لكن ليس بالشكل الذي كان عليه قبل عام 2012.

جاء التقارب الحالي في ظل واقع إقليمي مهترئ، ووفق تحديات كبيرة تعيشها المنطقة لا سيما القضية الفلسطينية، وما تطرحه الولايات المتحدة من مشاريع أهمها صفقة القرن، وحفاظ إيران على حالة من التوازن الواضح تجاه القضية الفلسطينية، رغم الاختلاف في قضايا الأمة التي تتشابك فيها إيران، وكذلك في ظل ثبات الدعم الإيراني المباشر والجريء للمقاومة الفلسطينية التي عبرت عنها في كثير من المواقف، في ظل موقف التخلي والعداء من جانب النظام الرسمي العربي.

كما يصب هذا التقارب في إعادة الاعتبار لمحور المقاومة، من دون المساس بالخط المتوازن المرتبط في علاقة حماس مع عمقها الإستراتيجي المتمثل في الأمة العربية والإسلامية، وفي هذا الإطار تشكل وفد رفيع من الحركة لزيارة طهران ممثلا بنائب رئيس حركة حماس صالح العاروري، والذي يعطي اهتماما كبيرا لهذه العلاقة، مكلفا من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، وفق حالة إجماع داخل الأروقة لمفهوم هذه العلاقة.

ولو نظرنا للصورة عن قرب لسألنا: لماذا هذا التقارب في هذه الفترة تحديدا؟

بداية، لو أردنا تقسيم المنطقة لأربعة مقاطع، فيمكن تصنيفها على النحو الآتي:

الأول: الخليج العربي ويمكن أن نصفه بـ”المربع السلبي” تجاه حركة حماس، عدا قطر، ثم المغرب العربي، ويعتبر موقفه في إطار رسمي وشعبي إيجابيا إلى حد ما ولكن مساحة تأثيره محدودة، ثم المربع التركي الذي يعيش تحديات كبيرة، وأخيرا، يأتي المربع الإيراني الأكثر تحررا في المنطقة من التبعية، بتصدره لمشروع إستراتيجي يعتبر قضية فلسطين جزءا لا يتجزأ من هذا المشروع، وهو الأمر الذي يمكن الوقوف عليه بإسهاب من خلال المعطيات التالية:

– المنطقة تعيش تحديات كبيرة وحالة سيولة سياسية أثرت في مناحي اعتباراتها السياسية والاقتصادية والأمنية.

– القضية الفلسطينية تراجعت في أولويات الأمة نتيجة للواقع التي تعيشه.

– استغلال الواقع الإقليمي من قبل الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي من أجل فرض وقائع جديدة تهدف في مقدمتها لتصفية القضية الفلسطينية.

– تدرك حماس أن المربع الإيراني التي تختلف معه فكريا تتفق معه في العداء للاحتلال الإسرائيلي، وهي تقاطعات واضحة، خصوصا في ظل هذه المرحلة.

– تنظر حماس إلي أن دخولها في إطار المعسكر الموازي للولايات المتحدة الأمريكية، عنصر قوة يمكن أن يحدث توازنا في مسار القضية الفلسطينية.

– التغيرات الحاصلة في البيئة السورية، ومؤشرات بقاء نظام بشار الأسد في الحكم.

ولكن إلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه العلاقات:

– طالما أن الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية ليس مشروطا، فيمكن أن تصل إلي حال يوصل المقاومة إلى تقاطع جبهات ونيران، وهذا ما صرحت به كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

– ربما أيضا يمكن الوصول إلي إعادة تفعيل العلاقة مع سوريا النظام، في إطار الملفات التي تخدم القضية الفلسطينية.

خلاصة القول: إن انضمام حماس لمحور ربما يتعارض مع عمقها الإستراتيجي، يوثر فيها بشكل كبير، لكن تفهم الأمة يمكن أن يبرر للحركة ذلك، في إطار ما يعرف بالمحدد الإستراتيجي لحماس في مفهوم علاقتها مع الغير، وهو قائم على أن حماس متوازنة في علاقاتها في إطار دعم القضية الفلسطينية، ولا تتدخل في الشأن الداخلي للدول.

القدس العربي