الخلاف بين بغداد وأربيل يضعف اقتصاد كردستان

الخلاف بين بغداد وأربيل يضعف اقتصاد كردستان

استأنف العراق وإقليم كردستان مؤخرا مفاوضاتهما بشأن النفط والموازنة المخصصة للإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وهما نزاعان قديمان يعتبر التوصل إلى اتفاق حولهما أمرا غير مؤكد وفق عدد من الخبراء.

والعلاقات بين بغداد وأربيل متوترة منذ سنوات عدة، وقد ساءت أكثر في عام 2014، حينما استغل إقليم كردستان الفوضى السائدة في أعقاب اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للبلاد، للبدء بتصدير النفط من أراضيه إلى تركيا مباشرة.

ويصدر إقليم كردستان حاليا بين 400 ألف و500 ألف برميل يوميا. لكن رسميا، عليه أن يصدر منها 250 ألف برميل يوميا عن طريق شركة سومو النفطية الحكومية، وأن يدفع الإيرادات الناتجة عما تبقى للموازنة الفدرالية.

وفي المقابل، على بغداد أن تدفع نحو 12% من موازنتها الاتحادية لأربيل (8.2 مليارات دولار).

وشهدت موازنة عام 2019 سابقة، وهي أن تدفع بغداد رواتب موظفي الإقليم الشمالي، من دون اشتراط أن تعيد أربيل ما عليها من إيرادات نفطية.

لكن في الواقع، إذا كانت بغداد تدفع الرواتب شهريا للموظفين، فإنها لا تدفع الموازنة المخصصة للأكراد، قائلة إن كل الذهب الأسود في كردستان يصدر إلى تركيا من دون المرور عبر منشآتها.

وبمجرد تسميته رئيسا جديدا لحكومة إقليم كردستان، توجه مسرور البارزاني إلى بغداد داعيا إلى “ترك نزاعات الماضي وراءنا”.

ويشير مصدر حكومي إلى أن حقيقة “استعجاله” الظهور في بغداد يعد “إشارة جيدة”، وعليه تم تشكيل لجان فنية مشتركة للاتفاق على موازنة 2020.

ويبدو أن الإقليم مصمم على التفاوض لأنه مخنوق ماليا بسبب ديون تصل إلى 14 مليار دولار بحسب البارزاني، لكن الرقم في الحقيقة أكثر بضعف ذلك بحسب عدد من الخبراء.

أما في ما يتعلق برواتب الموظفين، فقد وصلت إلى رقم قياسي هو 8.9 مليارات دولار في عام 2019، بحسب أربيل.

غير أن بغداد لا تخصص سوى 4.6 مليارات دولار، مشيرة إلى وجود وظائف وهمية بين الموظفين البالغ عددهم 1.2 مليون.

وتعليقا على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي أحمد طبقجلي إنه بوجود 3.5 مليارات دولار فقط من عائدات النفط بعد خصم التكاليف -وفق الخبراء- فإن الإقليم لم يدفع لموظفيه منذ أشهر عدة.

الخلاف بين بغداد وأربيل يضعف اقتصاد كردستان، فالناس لا يعرفون ما إذا كانوا سيتقاضون أجورهم في نهاية الشهر، وهذا يؤثر على الاقتصاد والاستثمارات، وأكثر من ذلك، كما يقول النائب الكردي سركاوت شمس الدين.

وترى أربيل في عادل عبد المهدي الشريك الأفضل، فهو “متعاطف وأبرم بالفعل اتفاقيات مع الأكراد” وفق شمس الدين.

من جانبه، يبحث رئيس الحكومة -وهو مستقل وصل إلى السلطة بإجماع ضد النواب المنقسمين- عن قاعدة أكثر صلابة.

وفي هذا الإطار، يعتقد طبقجلي أن عبد المهدي المثقل بأعباء البرلمانيين المتخاصمين في ما بينهم، قد يجد في الأكراد “حلفاء طبيعيين”.

من جهتها، تقول الخبيرة بشؤون النفط العراقي ربى الحصري إن أربيل وبغداد “في طريق مسدود”، لأن الأولى ترفض أي سيطرة اتحادية على حدودها ونفطها وعائداتها، في حين أن الثانية “لا تتحدث مع الأكراد بصوت واحد”.

وتضيف الحصري أن “أي اتفاق جديد سيظل مؤقتا، وستشوبه العيوب نفسها سابقا”.

وللحصول على مصادقة البرلمان، سيتعين على عبد المهدي إقناع العديد من النواب الذين يتهمونه بتقديم تنازلات كثيرة لإقليم كردستان.

الجزيرة