عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من زيادة التوتر بين الدول المسلحة نووياً، وحذر من أن “العالم سيفقد مكابح لا تقدر بثمن للحرب النووية” بانتهاء العمل بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى الجمعة، في 2 أغسطس (آب) الحالي.
وقال غوتيريش للصحافيين “هذا سيؤدي على الأرجح إلى زيادة التهديد الذي تشكله الصواريخ الباليستية بدلاً من أن يقلله… وبغض النظر عن مآل ذلك الأمر، فعلى كل الأطراف تجنب التطورات المزعزعة للاستقرار والسعي بشكل عاجل إلى التوصل لاتفاق بشأن مسار جديد مشترك للحد من انتشار الأسلحة عالمياً”.
ومن المقرر أن تنسحب الولايات المتحدة من المعاهدة في 2 أغسطس، إلا إذا اتخذت روسيا قراراً في اللحظة الأخيرة بتدمير صاروخ جديد متوسط المدى يقول حلف شمال الأطلسي إنه ينتهك المعاهدة ويدفع واشنطن للقول إنها في حاجة إلى تطوير رؤوس حربية لردع موسكو. بينما تقول روسيا إنها ملتزمة بالكامل ببنود المعاهدة.
وقال غوتيريش “أحث الولايات المتحدة والاتحاد الروسي بقوة على تمديد ما يسمى بمعاهدة نيو ستارت لتوفير الاستقرار وإتاحة وقت للتفاوض على إجراءات مقبلة للحد من انتشار الأسلحة”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن في فبراير (شباط) 2019 بدء عملية الانسحاب من هذه المعاهدة الخاصة بالصواريخ النووية المتوسطة المدى (بين 500 5500 كيلومتر).
وفي بداية يوليو (تموز) الماضي، صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قرار تعليق انضمام روسيا إلى هذه المعاهدة.
وتنتقد واشنطن منذ عام 2014 تطوير موسكو أنظمة اعتبرت أنها تشكل انتهاكاً للمعاهدة. والصاروخ المعني هو 9ام729 ومداه نحو 1500 كيلومتر، بحسب الحلف الأطلسي، في حين تؤكد موسكو أن مداه لا يزيد على 480 كيلومتراً.
واعتبر المحلل العسكري ألكسندر غولتس أن “روسيا تمارس الخداع، أولاً من خلال نفيها وجود الصاروخ، ثم باعترافها بوجوده مع القول إنه يحترم المعاهدة”.
وعندما انتقلت الولايات المتحدة من التهديد إلى التنفيذ، وأكد ترمب نيته التخلي عن المعاهدة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، لم تفعل روسيا شيئاً لثنيه عن الأمر.
وعملياً، كان كبار القادة الروس ينتقدون منذ سنوات هذه المعاهدة التي يعتبرون أنها تخدم مصلحة واشنطن أكثر، وبات هناك اقتناع لدى الرئاسة الروسية بأن موسكو لا تحتاج إليها. وكان الجدل يندلع في موسكو كلّما أُعلن عن انتشار جديد لنظام دفاع صاروخي أميركي لدى حلفاء واشنطن في أوروبا أو آسيا. وتعتبر الولايات المتحدة أن هذه الأنظمة محض دفاعية، لكن روسيا تعتبرها تهديداً على أبوابها ولمنشآتها النووية.
لم يكن مستغرباً بالتالي أن تعلن الرئاسة الروسية أنها جاهزة للإعلان عن صواريخ جديدة حالما يصبح القرار الأميركي بالانسحاب من المعاهدة رسمياً.
وإضافة إلى استحداث صاروخ بري متوسط المدى، تنوي روسيا تطوير نسخة برية من صواريخ كاليبر المستخدمة من البحرية والتي اختُبرت بنجاح في سوريا.
لكن روسيا تواجه ضغوط أزمة اقتصادية تعانيها منذ عام 2014، كما أن ميزانيتها العسكرية أقل بعشرة أضعاف من ميزانية الجيش الأميركي، لكن بوتين أوضح لوزير دفاعه، الذي عبّر مراراً عن معارضته سباقاً “محموماً” للتسلح، أن تطوير هذه الأسلحة الجديدة سيكون “من دون زيادة ميزانية الدفاع”.
معاهدة ثنائية
بعد انتهاء مفاعيل معاهدة منع الصواريخ النووية المتوسطة المدى، لا تبقى إلا معاهدة نووية ثنائية واحدة بين موسكو وواشنطن، هي معاهدة ستارت التي تتعلق بإبقاء ترسانتي البلدين من الأسلحة النووية دون مستواها خلال الحرب الباردة وتنتهي فترة سريان هذه المعاهدة عام 2021.
وتوقع الباحث الكسندر سافلييف أن تكون “حظوظ تمديدها (ستارت) ضعيفة. ففي هذه الظروف، لا شيء سيوقف سباقاً جديداً للتسلح النووي بين الولايات المتحدة وروسيا”.
أوروبا ستفقد جزءًا من أمنها
حثت ألمانيا الولايات المتحدة وروسيا، الخميس، على الحفاظ على ما تبقى من إطار العمل الدولي للحد من الأسلحة.
ولمح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في بيان، إلى أن اللوم يقع على عاتق موسكو في انتهاء المعاهدة، التي تمثل اتفاقاً تاريخياً للحد من الأسلحة وقع إبان الحرب الباردة بين الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف والرئيس الأميركي رونالد ريغان عام 1987.
وقال ماس في بيان “نأسف لتقاعس روسيا عن فعل ما يلزم لإنقاذ معاهدة القوى النووية متوسطة المدى”.
وأضاف “تفقد أوروبا جزءًا من أمنها بانتهاء معاهدة القوى النووية متوسطة المدى… أنا على قناعة بأننا يجب أن ننجح اليوم مجدداً في الاتفاق على قواعد بشأن نزع السلاح والحدّ منه من أجل تجنب سباق تسلح نووي جديد”.
ودعا الوزير موسكو وواشنطن إلى بذل المزيد من الجهود للحفاظ على معاهدة ستارت الجديدة الموقعة عام 2010، التي تحد من عدد الصواريخ النووية الاستراتيجية.
اندبندت العربي