عدن – رجحت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” أن تتمكن الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي من احتواء الآثار السياسية والشعبية التي تبعت تفجيرات عدن، الخميس، وأسفرت عن مقتل وجرح العشرات من منتسبي الحزام الأمني، مشيرة إلى قيام الأجهزة الأمنية في العاصمة اليمنية المؤقتة بالعمل على تخفيف حدّة الاحتقان جراء استهداف جهات غير معلومة لمواطنين من أبناء المحافظات الشمالية في عدن.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، إن الرئيس عبدربه منصور هادي أجرى، مساء الجمعة، اتصالا بنائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري ومحافظ عدن أحمد سالم ربيع، “للوقوف على جملة الأوضاع بعدن” و”توحيد الجهود والصفوف والحفاظ على وحدة النسيج المجتمعي”.
وأشارت الوكالة إلى أن الرئيس اليمني شدد “على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار ونبذ الأعمال والتصرفات الفردية تجاه أبناء الوطن ومن أي محافظة كانت” في إشارة إلى التقارير الإعلامية التي تحدثت عن تعرض بعض المنتمين إلى المحافظات الشمالية لأعمال عدائية.
كما وجهت وزارة الداخلية اليمنية، السبت، أمن محافظة عدن جنوبي البلاد، بمنع أي اعتداءات وأعمال ترحيل لأبناء المحافظات الشمالية في العاصمة المؤقتة.
وقالت الداخلية في بيان لمدير عام شرطة المحافظة، شلال علي شائع هادي، “يمنع الاعتداء على أبناء المحافظات الشمالية المقيمين في عدن، والعاملين في القطاع الخاص وتوقف أي حملات أو تصرفات مناوئة وإيقاف من يقوم بها تحت أي مبرر كان”.
وكشفت تداعيات الأوضاع في المشهد اليمني التي جاءت في أعقاب الهجمات التي تبنتها الميليشيات الحوثية وداعش في عدن عن هشاشة الوضع السياسي والإعلامي في المعسكر المناوئ للحوثيين، وقدرة أطراف داخلية وخارجية مرتبطة بمشروع إيران في المنطقة على استغلال التباينات المتصاعدة بين القوى والمكونات المناهضة للحوثيين في اليمن.
وحذر مراقبون للشأن اليمني من خطورة تجاهل الاحتقانات وخصوصا في الشارع الجنوبي وترحيل القضايا والملفات العالقة والتي باتت تشكل إحدى أبرز نقاط الضعف التي تعمل أطراف داخلية وإقليمية على استخدامها في حرب اليمن التي دخلت عامها الخامس.
ويعتقد خبراء يمنيون أن دخول الدوحة ومسقط على خط الأزمة اليمنية عمل على توسيع الخلافات داخل معسكر الشرعية، من خلال إحياء واستحضار تباينات وملفات عالقة كانت مؤجلة إلى ما بعد الحرب.
وساهم نفوذ قطر وتأثيرها على جماعة الإخوان في اليمن في إرباك عمل التحالف العربي والحكومة الشرعية، فيما استخدمت مسقط كل أدواتها واستدعت نفوذها وعلاقاتها القديمة في اليمن لصالح محور إيران والدوحة والحوثيين، إضافة إلى مضاعفة الدعم الذي يقدمه هذا المحور لتيار متشدد في الحراك الجنوبي يتزعمه حسن باعوم المقيم في مدينة صلالة العمانية ونجله فادي باعوم الذي تربطه علاقات عميقة بحزب الله اللبناني، وهو التيار الذي تؤكد مصادر “العرب” أنه يقف خلف جزء كبير من حالة التحشيد الشعبي في الشارع الجنوبي التي تستهدف أبناء المحافظات الشمالية، بهدف إحراج المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي.
وحذر الخبراء من غياب المعالجات التي تحول دون استمرار أو عودة حالة التصعيد التي تهدف إلى إدخال المحافظات الجنوبية المحررة في صراع داخلي، يحرج كل الأطراف ويعطي دلالة مهمة على خطورة ترك الملفات الساخنة في المشهد اليمني عرضة للمزيد من التعقيد.
ومن شأن هذا أن يضاعف من قدرة الحوثيين على إلحاق الضرر بالجبهة المناوئة لهم، ويمكن الأطراف الإقليمية الداعمة لمشروعهم من استثمار هذا الخلل في بنية الشرعية وتوظيفه لصالح الأجندة المعادية للتحالف العربي بقيادة السعودية.
ولفت مراقبون يمنيون إلى أن الآثار السياسية والاجتماعية التي خلفها استهداف الحوثيين لمعسكر الجلاء في عدن، صباح الخميس، فاقت الآثار المادية لهذا الهجوم من حيث خطورتها على المدى القريب وقدرتها على تعميق الخلافات الداخلية في المعسكر المقابل، وهو ما سيفتح شهية الميليشيات الحوثية لتكرار هذا النوع من الاستهداف الموجه.
وتسعى قطر عبر آلتها الإعلامية أو من خلال موالين لها في منظومة الشرعية والحراك الجنوبي “تيار باعوم” لتأجيج الخلافات وتغذية الخطاب العدائي في الشارع اليمني في اتجاهين: الأول، يرتكز على سياسة التحريض الممنهج على المكونات الجنوبية والحزام الأمني والمقاومة الجنوبية، والتبرير للهجمات التي تستهدفها وتغطية تلك الجرائم إعلاميا من خلال ضخّ سيل من المعلومات المغلوطة حول طبيعة الهجوم والجهات التي تقف خلفه، وصرف الأنظار عن الفاعل الرئيسي الذي يقف خلف تلك الهجمات الإرهابية.
والاتجاه الآخر يصب في اتجاه التحريض على استهداف أبناء المحافظات الشمالية في عدن ومحاولة إلصاق تلك الأعمال بأطراف أخرى والدفع بالأمور نحو الصدام بين الفصائل والتيارات الجنوبية وبين المكونات الشمالية.
وكان قيادي بارز في المجلس الانتقالي الجنوبي أكد في تصريح، الجمعة، لـ”العرب” أن المجلس شكل لجنة للتحقيق في حوادث عدن والمحفد وعلاقة الأطراف السياسية كافة وخطابها الإعلامي تجاه هذه المستجدات، مشيرا إلى أن أي ردة فعل ضد المواطنين الشماليين في عدن مرفوضة وسيقوم الحزام الأمني بواجبه تجاهها.
العرب