بدأت إيطاليا الاثنين أسبوعا حاسما لمستقبل حكومة جيوزيبي كونتي المهددة بالسقوط منذ أن خرج زعيم حزب الرابطة (يمين متطرف) ماتيو سالفيني الخميس من تحالفه مع شريكه في الائتلاف الحاكم، ودفعِه باتجاه إجراء انتخابات مبكرة في الخريف، فيما حذّر سياسيون إيطاليون من تغوّل اليمين المتشدد ومساعيه إلى إخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
ويبحث مجلس الشيوخ الايطالي تحديد موعد جلسة التصويت على حجب الثقة عن الحكومة بناء على مذكرة قدّمها حزب الرابطة. وينص الدستور الإيطالي على أن جلسة التصويت على حجب الثقة عن حكومة كونتي يجب أن تجرى في مجلس الشيوخ لأنه المجلس الذي نال فيه الثقة بعد تشكيل التحالف بين حزب الرابطة وحركة خمس نجوم قبل 14 شهرا.
ويسعى سالفيني إلى تشديد الضغوط وصولا إلى التصويت على مذكرة بحجب الثقة عن حكومة كونتي في مهلة أقصاها 20 أغسطس وفرض انتخابات مبكّرة في الخريف، مراهنا على استطلاعات للرأي تمنحه 36 إلى 38 بالمئة من نوايا التصويت التي انعكست عمّا كانت عليه في ربيع العام 2018 حين كانت تتوقع نيل حركة خمس نجوم 32 بالمئة من الأصوات مقابل 18 بالمئة للرابطة.
رينزي دعا جميع النواب بمن فيهم نواب الرابطة إلى دعم حكومة تكون مهمّتها وضع موازنة العام 2020 والحؤول دون زيادة الضريبة على القيمة المضافة المقررة العام المقبل
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة جورنالي اليمينية أكد سالفيني أنه في حال تقررت انتخابات مبكرة فهو لن يخوضها منفردا معلنا أنه سيلتقي “في الساعات المقبلة (رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني) و(زعيمة حزب فراتيلي ديتاليا جورجيا ميلوني)” لكي “أقترح عليهما اتفاقا” انتخابيا. ومن شأن تحالف سالفيني مع برلوسكوني وميلوني أن يؤمّن له غالبية وازنة. وواصل سالفيني خلال نهاية الأسبوع الماضي “جولة على الشواطئ” لقيت أصداء إعلامية واسعة، سعيا إلى كسب تأييد ناخبي الجنوب المناصرين حتى الآن لحركة خمس نجوم.
واختلط زعيم السياديين الإيطاليين خلال جولته بالحشود والتقط الكثير من صور السيلفي وتناول الغداء عاري الصدر على الرمل، محاولا تصوير نفسه على أنه مواطن عادي كسائر المواطنين، غير أن سالفيني واجه اعتراضات في بازيليكاتا وصقلية حيث ذكره البعض بانتقاداته السابقة لـ”الجنوب الذي يعيش على المساعدات”.
وأما بالنسبة للدوافع خلف دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة الآن، فأوضح أنه “لم يعد يريد سلطة تنفيذية تشهد شجارات متواصلة، إننا بحاجة إلى حكومة مستقرة لخمس سنوات”.
وفي روما، بدأ المعسكر المعارض لسالفيني يحشد صفوفه بعدما تخطى صدمة فك التحالف بين سالفيني ودي مايو. ودعا زعيم حركة خمس نجوم لويجي دي مايو القوى السياسية الإيطالية إلى التصويت على التخفيض المقرر لعدد البرلمانيين قبل العودة إلى صناديق الاقتراع.
وقال “دعونا نلغي 345 مقعدا (من أصل 950 مقعدا حاليا تعتبر عددا قياسيا) ورواتبها” من أجل إعادة الاستثمار في “المدارس والطرقات والمستشفيات”. وخرج مؤسس الحركة الممثل الهزلي بيبي غريلو عن صمته ليساند دي مايو مقترحا تشكيل “جبهة جمهورية” قادرة على منع “الهمجيين” من السيطرة على السلطة.
وأعرب رئيس الوزراء الأسبق إنريكو ليتا (بين أبريل 2013 وفبراير 2014) عن “قلقه الكبير” حيال صعود سالفيني، محذرا في مقابلة أجرتها معه من أن زعيم حزب الرابطة قد يحصل على “الغالبية المطلقة” في البرلمان. وقال ليتا الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي (يسار وسط) “سيشكل ذلك خطرا كبيرا على البلاد”، مشيرا إلى أن “سالفيني بأفكاره السيادية يمكن أن يدفع نحو إخراج إيطاليا من أوروبا”.
ومع أن سالفيني صرّح مرارا بأنه يريد إبقاء إيطاليا في الاتحاد الأوروبي، فإن ليتا يعتبر أنه “رجل لا مبادئ له”، مضيفا “قد يقول اليوم أنه يريد أوروبا، ليقول في الغد العكس تماما”.
واعتبر أن حصول حزب الرابطة على الغالبية المطلقة في البرلمان “ستكون له تداعيات فظيعة، ليس لأن نهج سالفيني سيادي وعنصري فحسب، بل لأنّ كل أفكاره المناهضة للهجرة وللاندماج ستصبح هي القاعدة”.
وقدّم رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي الذي تولّى رئاسة الحكومة من فبراير 2014 إلى ديسمبر 2016، والذي لا يزال من قادة الحزب الديمقراطي، “اقتراحا عمليا” لتفادي “تسليم مستقبل أطفالنا إلى اليمين المتطرف”.
ودعا رينزي جميع النواب بمن فيهم نواب الرابطة إلى دعم حكومة تكون مهمّتها وضع موازنة العام 2020 والحؤول دون زيادة الضريبة على القيمة المضافة المقررة العام المقبل والتي ستثقل كاهل الإيطاليين.
العرب