واشنطن – ذكرت مصادر لبنانية مرافقة لزيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى واشنطن إن ما استمع إليه الحريري من المسؤولين الأميركيين يوحي بأن أجواء البيت الأبيض غير مرتاحة للمسار الذي تنتهجه الحكومة اللبنانية حيال حزب الله.
وأكدت المصادر أن الحريري نفسه بات يشعر بأن الظرف الذي تمر به المنطقة لم يعد يمكن أن يتساهل مع موقفه في مسألة “ربط النزاع” مع حزب الله والزعم بإمكانية التعايش بين الدولة والدويلة.
وقالت إن الحريري سمع موقفا أميركيا متشددا ضد إيران وحزب الله بغية إبلاغه إلى من يهمه الأمر في بيروت حول الضغوط المقبلة التي ستمارسها الولايات المتحدة على الحزب من ضمن العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران وأذرعها في المنطقة.
وأكد رئيس الوزراء اللبناني أثناء مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في مقر الوزارة بالعاصمة واشنطن “إننا لا نستطيع تغيير موقف الإدارة الأميركية من العقوبات ضد حزب الله، ولكننا نعمل على تجنيب لبنان أي تبعات”.
وصنفت الولايات المتحدة حزب الله تنظيما إرهابيا أجنبيا، منذ عام 1997، وفي الآونة الأخيرة فرضت عقوبات عدة عليه.
وفي يوليو الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على 3 شخصيات بارزة، هي رئيس كتلة حزب الله في البرلمان محمد رعد، والنائب في الكتلة أمين شري، والمسؤول الأمني في الحزب وفيق صفا.
وكان حزب الله قد تعمّد تفخيخ زيارة الحريري إلى واشنطن حين أعلن قبل ساعات على لقاء الحريري مع بومبيو بعد سلسلة اجتماعات عقدها مع مسؤولين كبار في واشنطن، عن برقية وجهها أمينه العام حسن نصرالله الى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، تضامنا معه على خلفية فرض الإدارة الأميركية عقوبات شخصية عليه.
ووجه الحزب من خلال هذا الإعلان رسالة مزدوجة إلى الحريري وإلى واشنطن على السواء، في وقت ما زال الحريري يسعى فيه إلى التموضع في موقع وسطي بين ضغوط المجتمع الدولي وشراكته مع حزب الله داخل الحكومة التي يترأسها في لبنان.
ويرجح أن يتمترس الحريري خلف المواقف الأميركية التي أعلنها من واشنطن من أجل التسويق لسلوك جديد يجب أن ينتهجه هو وحلفاؤه تلبية لشروط المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان اقتصاديا وماليا.
وبات الحريري يشعر بأن المرحلة قد تتطلب الاستغناء عنه وعن حكومته، خصوصا إذا ما تطور الموقف الدولي ضد إيران وإذا ما انضمت دول أخرى إلى بريطانيا في الاحتذاء بالولايات المتحدة في وضعها حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري على لوائح الإرهاب.
ولا شك أن سياسة الدعم التي تنتهجها الولايات المتحدة للجيش اللبناني والتوسط لحل النزاع الحدودي البري والبحري اللبناني مع إسرائيل يتطلبان موقفا لبنانيا رسميا حازما في الدفاع عن مصالح لبنان وأصدقائه في العالم.
واستغرب مراقبون تجنب الحريري تبني أي موقف حيال الاتهامات الإسرائيلية بوجود مصانع صواريخ تابعة لحزب الله في لبنان على نحو يشي بأنه وحكومته ما زالا عاجزين عن اتخاذ موقف متباين عن مواقف الحزب في هذا الشأن.
وأجاب الحريري على سؤال بشأن الادعاءات الإسرائيلية بوجود مصانع صواريخ لحزب الله على الأراضي اللبنانية، بالقول “الأميركيون يناقشون معنا هذا الموضوع، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، ونحاول إيجاد أفضل طريقة لعدم وضع لبنان في موضع الخطر”.
ومن الواضح أن الحريري يستمر في تبني خطاب حزب الله حين يعتبر أن بيروت غير مسؤولة عن تبديد القلق الإسرائيلي من أخطار تدعيها تل أبيب تهددها من لبنان.
وقال الحريري في هذا الصدد “لسنا بوليسا عند الإسرائيلي الذي يواصل خرق القرار 1701، وليس هناك توازن في ردات الفعل تجاه ما ترتكبه إسرائيل من خروقات”.
واعتبر المراقبون أن احتمال فرض الولايات المتحدة عقوبات على حلفاء حزب الله بات واردا ولم يعد مجرد تحليل، وأن الأمر قد يفاجئ اللبنانيين. وأشار الحريري في هذا الصدد إلى أن الحديث عن عقوبات على حلفاء لحزب الله، يجري تداوله في الكونغرس، “ولكن أعتقد بأننا لن نصل إلى ذلك”.
ورجحت مصادر أن عدم اعتقاد الحريري بوصول الأمر إلى هذه الدرجة قد يعتمد على موقف رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي بزعامة وزير الخارجية جبران باسيل. وقالت إن الحريري سينقل أجواء واشنطن إلى عون وباسيل بعد عودته إلى بيروت وأنه تعمد تأكيد وجود نقاش حول فرض عقوبات على حلفاء حزب الله في محاولة لتنبيه شركائه داخل الصفقة الرئاسية إلى التطور المتشدد لموقف واشنطن حيال حزب الله ولبنان.
العرب