كارثة إنسانية تتربص بالهاربين من التصعيد العسكري في شمال سوريا

كارثة إنسانية تتربص بالهاربين من التصعيد العسكري في شمال سوريا

دمشق – قال المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون محليون السبت إن أكثر من 24 مدنيا منهم 11 طفلا لقوا حتفهم في غارات جوية على مدى اليومين الماضيين في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه جماعات المعارضة في تصعيد لهجوم تدعمه روسيا.

وأضاف المرصد أن هجوما جويا في قرية دير في إدلب أسفر عن سقوط سبعة قتلى معظمهم أطفال. وكانت ضربات جوية لقرية حاس في إدلب الجمعة أسفرت عن مقتل 13 مدنيا. وأوضح ناشطون محليون والمرصد السوري أن من بين القتلى امرأة حبلى. وكان الضحايا يحاولون الوصول إلى ملاذ آمن بعد فرارهم من مكان آخر.

وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد إن هدف الحكومة هو إجبار المدنيين على الفرار من مناطق كانت أهدأ نسبيا في إطار التصعيد العسكري الذي بدأ في أواخر أبريل.

وقال أحمد الدبيس مدير السلامة والأمن في اتحاد الرعاية الطبية ومنظمات الإغاثة، وهي منظمة خيرية تدعم المرافق الطبية في شمال غرب سوريا، إن نطاق القصف اتسع وطال مناطق سكنية لا توجد بها مناطق عسكرية. وأضاف أن الهدف هو إجبار الناس على النزوح.

وأوضح أن عدد القتلى المدنيين منذ أواخر أبريل على يد قوات الحكومة السورية والقوات الروسية تجاوز 730 قتيلا. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 500 مدني لقوا حتفهم خلال القتال.

وقالت روسيا وسوريا إن قواتهما لا تستهدف المدنيين وإنما الجماعات المسلحة وخاصة منها جبهة النصرة التي تعرف اليوم باسم هيئة تحرير الشام.

ومحافظة إدلب في شمال غرب سوريا هي جزء من آخر منطقة تسيطر عليها المعارضة.

ومنذ أبريل، تتعرض هذه المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وتنتشر فيها أيضا فصائل أخرى معارضة للنظام، لقصف شبه يومي من قبل النظام وحليفه الروسي.

ومنذ نهاية أبريل، أوقعت الاشتباكات 1300 مقاتل من الجهاديين والفصائل المقاتلة بالإضافة إلى أكثر من 1150 عنصرا من قوات النظام وتلك الموالية لها، بحسب المرصد.

وتستقبل محافظة إدلب عشرات الآلاف من الأشخاص الذين فرّوا من منازلهم في عدد من مناطق البلاد بسبب المعارك أو بعد استعادة النظام مناطق من فصائل المعارضة المسلحة.

ومنذ بداية التصعيد، قتل 820 مدنيا وفقا للمرصد السوري. ودفع العنف أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح، بحسب الأمم المتحدة التي تخشى “كارثة” إنسانية.

ومنطقة إدلب ومحيطها مشمولة باتفاق روسي تركي منذ سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل. كما يقضي بسحب الفصائل المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وانسحاب المجموعات الجهادية من المنطقة المعنية. لكن لم يتم تنفيذه.

وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبّب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دمارا هائلا في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

ويواجه النازحون من المناطق المشمولة بـ”خفض التصعيد”، شمالي البلاد باتجاه الحدود السورية التركية ظروفا مأساوية بعد هروبهم من منازلهم جراء هجمات النظام السوري وروسيا. وفي 5 أغسطس الجاري، أعلن النظام السوري، استئناف عملياته العسكرية في المنطقة رغم إعلانه الالتزام بوقف إطلاق النار خلال مباحثات أستانة التي جرت مطلع الشهر الجاري.

ونزح نحو 124 ألف مدني خلال فترة عيد الأضحى الماضي، من مناطق خفض التصعيد بعد زيادة حدة الهجمات من قبل النظام وداعميه، بحسب ما أفاد به مدير جمعية “منسقو الاستجابة المدنية” محمد حلاج، الجمعة.

وأوضح عيسى شاكر أنه اضطر للنزوح من بلدة اللطامنة في حماة إلى جنوبي إدلب قبل 5 سنوات، مشيرا إلى أنه ينزح مجددا إلى الحدود التركية.

وقال “لماذا لا يرى أحد ما يحل بنا؟ لا نعلم أين سنذهب. سنبحث عن تجمعات بعد سراقب كي ننصب خيمتنا”.

أما محمد أحمد النازح من الريف الجنوبي لإدلب، فقال “هربنا من الهجمات الجوية والبرية الوحشية. امتلأت الطرق المتجهة من ريفي إدلب وحماة والمؤدية إلى الحدود التركية، بالسيارات التي تحمل النازحين”.

العرب