مفارقة أميركية في التعامل مع العقوبات على السودان

مفارقة أميركية في التعامل مع العقوبات على السودان

أكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن بلاده ستختبر التزام الحكومة السودانية الانتقالية الجديدة بحقوق الإنسان وحرية التعبير وتسهيل دخول المهمات الإنسانية قبل موافقتها على رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

أضاف المسؤول، في تصريح للصحافيين مشترطاً عدم نشر اسمه، “قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك كل الأمور الصائبة، لذلك نحن نتطلع إلى التعامل معه. وقد أظهرت هذه الحكومة الجديدة الالتزام حتى الآن. وسنواصل اختبار هذا الالتزام”.

وتوقف المسؤول عند مفارقة تتمثل في كون حمدوك نقطة الاتصال الرئيسية، في الوقت الذي سيتعين على الدبلوماسيين الأميركيين التعامل مع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي النائب السابق لرئيس المجلس العسكري الذي يقود قوات الدعم السريع.

وأدى الخبير الاقتصادي حمدوك اليمين رئيسا لحكومة انتقالية متعهدا بتحقيق استقرار السودان وحل أزمته الاقتصادية.

تاريخ

مسيرة السودان مع العقوبات الاقتصادية الأميركية بدأت عام 1988 بسبب تخلفه عن سداد الديون.

وقد صدرت بأوامر تنفيذية من الرئيس الأميركي أو بتشريعات من الكونغرس.

وفي 1993 أدرجت واشنطن السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد سنتين من لستضافة الخرطوم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقد غادرها عام 1996، تحت وطأة الضغوط الأميركية.

وفي 1997 فرضت واشنطن بفرار تنفيذي من الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عقوبات مالية وتجارية على السودان، تم بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية له، وألزمت الشركات الأميركية والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع هذا البلد.

وفي 1998 قصف سلاح الجو الأميركي بأمر من الرئيس كلينتون موقعاً في الخرطوم، وفيما قالت الجهات الرسمية في السودان إنه مصنع للأدوية صرحت واشنطن أنه مصنع أسلحة كيميائية.

وبعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على برجي التجارة في نيويورك، شهدت العلاقة بين البلدين تغييراً، إذ أبرمت الخرطوم واشنطن اتفاق تعاون لمحاربة الإرهاب.

وعلى الرغم من ذلك أصدر الكونغرس تشريعات جددت العقوبات على الخرطوم.

وربط “قانون سلام السودان” في 2002، العقوبات بتقدم المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وفي 2006 فرض الكونغرس عقوبات ضد “الأشخاص المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.

وحظر الرئيس جورج بوش الابن ممتلكات 133 شركة وثلاثة أفراد سودانيين.

وفي العام نفسه، اعتبر بوش أن سياسات حكومة السودان تهدد أمن أميركا وسلامها وسياستها ولا سيما في مجال النفط.

وفي 2012 جدد الرئيس باراك أوباما العقوبات المفروضة على السودان، على الرغم من إقراره بأن النظام السوداني حل خلافاته مع جنوب السودان، ويحذر من أن الصراعات في إقليم دارفور وغيره ما زالت تمثل عقبات خطيرة على طريق تطبيع العلاقات بين واشنطن والخرطوم.

وأوباما نفسه، في 2015 خفف العقوبات على السودان، بما يسمح للشركات الأميركية بتصدير أجهزة اتصالات شخصية وبرمجيات تتيح للسودانيين الاتصال بالإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

ثم مدد لمدة عام العقوبات المفروضة على الخرطوم، مع إشارة إلى إمكان رفعها في حال حقق هذا البلد تقدماً.

عام 2017 شهد مفارقة، ففي حين رُفعت العقوبات الاقتصادية جزئياً “نتيجة التقدم الذي أحرزه السودان”، أبقت الإدارة الأميركية السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.

والغريب أنه منذ 2006 تشير تقارير أميركية ‘لى تعاون الخرطوم في مكافحة الإرهاب. ومن تلك التقارير الرسمية تقرير وزارة الخارجية عام 2006 وا=تقرير الكونغرس عام 2009.

وفي 2017 أضافت إدارة الرئيس دونالد ترمب أضافت السودان إلى قائمة الدول المتقاعسة في وقف الاتجار بالبشر، وتضم كلاً من السودان وإيران وفنزويلا والكونغو الديمقراطية وغينيا الاستوائية وجنوب السودان.

واشترطت الإدارة الأميركية على السودان لرفع العقوبات ما اصطلح على تسميته خطة المسارات الخمسة، وتضمنت مكافحة الإرهاب، والعمل على مكافحة جيش الرب، والسلام في دولة الجنوب، والسلام في السودان، وإكمال مسيرته والشأن الإنساني.

وتنشط السعودية منذ سنوات مع الإدارة الأميركية من أجل رفع العقوبات على السودان.

اندبندت العربي