أنقرة – لوح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، بفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين ما لم تتلق بلاده دعما دوليا كافيا لخطة المنطقة الآمنة التي تنوي فرضها على الحدود في تحد واضح لمختلف المتدخلين في الملف السوري، وخاصة الولايات المتحدة..
وجاءت تصريحات أردوغان في وقت تصعد فيه تركيا من ضغطها على واشنطن لتقديم المزيد من التنازلات بشأن عمق المنطقة الآمنة المقرر إقامتها في شمال شرق سوريا والإشراف عليها كما تتعرض هي لضغط متزايد في إدلب بشمال غرب سوريا حيث يتقدم هجوم حكومي مدعوم من روسيا باتجاه الشمال.
وفي كلمة ألقاها في أنقرة قال أردوغان إن تركيا عازمة على إقامة “منطقة آمنة” في شمال شرق سوريا بالتعاون مع الولايات المتحدة بحلول نهاية سبتمبر لكنها مستعدة للتحرك منفردة إذا اقتضى الأمر.
وتأتي تهديدات أردوغان الجديدة في سياق ممارسة المزيد من الضغوط على الاتحاد الأوروبي، وحثها على الإسراع بتقديم المساعدات لبلاده، ودعمها في إنشاء المنطقة الآمنة شمال سوريا.
ومنذ يومين أيضا قال أردوغان “لسنا بصدد طرد اللاجئين عبر إغلاق أبوابنا، لكن كم سنكون سعداء لو نستطيع المساعدة في إحداث منطقة آمنة في سوريا وننجح في ذلك”.
وأردف “المنطقة الآمنة الآن حبر على ورق وليس شيئا آخر، ومن جهة أخرى كما هو معلوم، نتعرض للاستفزازات والتهديدات على حدودنا الجنوبية، وطبعا نتخذ الخطوات اللازمة تجاه ذلك”.
وتشير بيانات الحكومة التركية إلى أن عددا محدودا من السوريين في تركيا جاؤوا من الشريط الشمالي المقترح لإعادة التوطين.
وجاء في كلمة أردوغان “نقول إنه يجب علينا إقامة مثل هذه المنطقة الآمنة حيث تستطيع تركيا بناء بلدات فيها بدلا من مدن المخيمات هنا. دعونا ننقلهم إلى المناطق الآمنة هناك”.
وأضاف “أعطونا دعما لوجيستيا وسوف نستطيع بناء منازل في عمق 30 كيلومترا في شمال سوريا. بهذه الطريقة يمكننا أن نوفر لهم أوضاعا معيشية إنسانية”.
وتابع قائلا “إما أن يحدث هذا وإما سيكون علينا فتح الأبواب”، وإن “لم تقدموا الدعم فاعذرونا، فنحن لن نتحمل هذا العبء وحدنا. لم نتمكن من الحصول على الدعم من المجتمع الدولي وتحديدا الاتحاد الأوروبي”.
وطبقا لاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في مارس 2016 وافقت أنقرة على كبح تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدة بمليارات اليوروهات.
لكن عدد المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان المجاورة ارتفع الشهر الماضي. وقبل أسبوع وصل أكثر من 12 زورقا تحمل 600 مهاجر وذلك في أول موجة هجرة من نوعها خلال ثلاث سنوات.
وفي الشهر الماضي قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن 17 بالمئة من اللاجئين في تركيا جاؤوا من مناطق في الشمال الشرقي تخضع لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية. ولا تغطي المنطقة الآمنة المزمعة سوى جزء بسيط من هذه المساحة.
وفي الأسبوع الماضي قال المسؤول الكردي السوري بدران جياكرد إنه من الضروري إعادة توطين اللاجئين في بلداتهم الأصلية.
وقال عن الشمال الشرقي “توطين مئات الآلاف من السوريين الذين ينتمون إلى مناطق أخرى هنا غير مقبول”.
واعتبر نيكولاس دانفورث الزميل الزائر في صندوق مارشال الألماني والمقيم في إسطنبول أن التحذير بشأن اللاجئين في سياق المنطقة الآمنة يتيح لأردوغان فرصة الضغط على أوروبا والولايات المتحدة في ذات الوقت.
وقال دانفورث “ما يبدو واضحا هنا هو أنه سيكون من المستحيل توطين هذا العدد من اللاجئين في أي منطقة تقام عبر المفاوضات مع الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب”.
وأضاف “تبدو هذه محاولة لممارسة الضغط من أجل الحصول على المزيد من التنازلات الأميركية بشأن المنطقة الآمنة حيث يمكن إعادة توطين بعض اللاجئين بغية كسب الرأي العام داخل (تركيا)”.
العرب