قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تركتْ أثرها على إيران. وفي تقرير أعده جيرالد سيب قال إن حملة إدارة دونالد ترامب في فرض عقوبات اقتصادية على إيران أثّرتْ على ميزانية حكومة إيران وأضرت باقتصادها. وأضاف: “قد توافق أو لا توافق على هذه الاستراتيجية، ولكن لا يعرف إلى أين ستقود، ومع ذلك لا يشك أحد في أثرها”.
يقول الكاتب إن الأرقام الحقيقية عن أثر الاستراتيجية غير متوفرة نظراً لاستمرار تجارة السوق السوداء، إلا أن صادرات النفط الإيرانية انخفضت إلى حوالي 200 ألف برميل في اليوم، وهو أقلّ عن المستوى هذا الصيف، وكذلك أقل من 2.5 مليون برميل في اليوم عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب في مايو/ أيار 2018 الخروج من الاتفاقية النووية التي وقّعها سلفه باراك أوباما وبقية دول العالم. وبدأ بفرض العقوبات من جديد لوقف الشركات والدول عن شراء النفط الإيراني.
تداعيات العقوبات انتشرت إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد الإيراني الذي سيتقلّص هذا العام بنسبة 6%. وفي الوقت نفسه يدفع تراجع قيمة العملة الإيرانية باتجاه التضخم بشكل ستزيد فيه الأسعار على المستهلكين بنسبة 37.2% حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
إن تراجع سعر برميل النفط إلى 56 دولار من 69 دولاراً قبل عام فاقم من أزمة إيران، ولهذا فإنها تبيع نفطاً قليلاً وبسعر أقل. وهنا يؤكد الكاتب أن ميزانية الرئيس حسن روحاني، التي قدّمها في ديسبمر/ كانون الأول، كانت تتوقع تصدير ما بين مليون إلى مليون ونصف برميل نفط في اليوم، وهذا يعطي صورة عن الضغط الذي تعانيه إيران.
ويضيف الكاتب سيب أن تداعيات العقوبات انتشرت إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد الإيراني الذي سيتقلص هذا العام بنسبة 6%. وفي الوقت نفسه يدفع تراجع قيمة العملة الإيرانية باتجاه التضخم بشكل ستزيد فيه الأسعار على المستهلكين بنسبة 37.2% حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
ويرى الكاتب أن أزمة الميزانية الإيرانية تثير أسئلة حول قدرة الحكومة الإيرانية على دعم قطاع واسع من السلع من أجل تخفيض أسعار كل شيء من الكاز إلى الطعام.
ويقدّر المحللون أن هناك 17-18 صندوقاً للتقاعد يعاني من مشاكل خطيرة، في وقت يضغط فيه التضخم السكاني في إيران.
يضيف جيرالد سيب أن لا إشارة على تحرك إدارة ترامب غير زيادة الضغط على الجمهورية الإسلامية. ففي الربيع قامت بإلغاء الإعفاءات التي منحتها للدول لشراء النفط الإيراني ومنها الهند والصين وتركيا وإن كانت لمدة مؤقتة، في محاولة لتقليل صادرات النفط الإيراني. وفي الأسبوع الماضي، وضعتْ الإدارة قائمة بناقلات نفط إيرانية وشركات ومؤسسات تأمين على القائمة السوداء، قالت إنها تابعة لـ “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”، المصنّف كمؤسسة إرهابية. كما قام سيغال ماندلكر، مساعد وزير الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب، بزيارة لدول الخليج وحذّر الشركات من التعامل مع النفط الإيراني المباع عبر السوق السوداء.
الكاتب جيرالد سيب: عامل الضعف في عقوبات ترامب هي الصين التي لا تزال تشتري شحنات من النفط الإيراني، وإن بطريقة سرية.
ويقول الكاتب إن إدارة ترامب وسّعت العقوبات من أجل معاقبة من يشتري البتروكيماويات والحديد الصناعي والحديد الثمين. والهدف هو تقليل الموارد من أهم أربعة مصادر للموارد المالية الإيرانية. ويرى الكاتب أن عامل الضعف في عقوبات ترامب هي الصين التي لا تزال تشتري شحنات من النفط الإيراني وإن بطريقة سرية. لكن مسؤولاً أمريكياً قال إن هناك عقوبات قادمة ضد شركات صينية لوقف هذه النشاطات. وفي وقت وجدت فيه إيران طرقاً لبيع منتجاتها، بات واضحاً أثر العقوبات الذي لم يعد ممكناً تجنّبه.
تأمل إدارة ترامب أن تقود العقوبات إيران للاستسلام والموافقة للجلوس إلى طاولة المفاوضات والموافقة على اتفاقية جديدة وبقيود إضافية على النشاطات الإيرانية والحدّ من الصواريخ الباليستية والتوقّف عن دعم “حماس” و”حزب الله” والحوثيين. لكن طهران أعلنت مراراً أنها لا تريد التفاوض قبل تخفيف العقوبات، الشرط الذي لا توافق عليه إدارة ترامب.
تأمل إدارة ترامب أن تقودَ العقوباتُ إيران للاستسلام والموافقة للجلوس إلى طاولة المفاوضات، والموافقة على اتفاقية جديدة وبقيود إضافية على النشاطات الإيرانية، والحدّ من الصواريخ الباليستية، والتوقّف عن دعم “حماس” و”حزب الله” والحوثيين.
لقد حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سدّ الثغرة من خلال أشكال من المساعدة الدولية تسمح لعودة الدبلوماسية، لكن الأمريكيين أبدوا فتوراً من محاولات ماكرون.
أما الخيار الآخر أمام إيران، بحسب الصحيفة، فهو التمترس داخلياً والتشدّد خارجياً. ومن زار إيران خلال حرب الثماني سنوات مع العراق يعرف القدرة الإيرانية كأمّة تتحمل الألم. فطهران مشغولة بالتخلي عن بنود الاتفاقية النووية التي انسحبت منها الولايات المتحدة، وتعرف أن سلاحها الأقوى هو نشر الذعر بسبب نهاية الاتفاقية بين القادة الأوروبيين الذين لا يزالون يدعمونه. كما زادت إيران من هجماتها السرية على حلفاء أمريكا والملاحة الدولية في المنطقة لكي تظهر أن لديها القدرة على التسبب بالألم.
في النهاية نجحت استراتيجية ترامب في دفع إيران لمواجهة استحقاق، ولكن لا يُعرف أيّ طريق ستختار.
القدس العربي