تعجّ شوارع تونس بملصقات ولوحات دعائية تحمل صور وشعارات 26 مرشحا للانتخابات الرئاسية، المقررة الأحد المقبل. وإن اختلف محتوى الملصقات المنتشرة منذ بدء الحملة الانتخابية في 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، فإن هدفها واحد، هو الظفر بأصوات الناخبين، لخلافة الرئيس الباجى قايد السبسي، الذي توفي في 25 يوليو/ تموز الماضي، عن 92 عاما.
وانتقى المرشحون لحملاتهم شعارات متنوّعة وأخرى متشابهة وبعضها منسوخة، أو كما وصفها منتقدون “مسروقة” من حملات انتخابية غربية.
شعارات الحالمين بكرسي الرئاسة في تونس تعكس شخصيات وانتماءات بعضهم السياسية، بينما استوحى آخرون شعاراتهم من شعار الحزب أو البرنامج الانتخابي، غير أن بعضهم اختار شعارات “عامّة وفضفاضة”.
** حضور “الأنا”
“الشعارات لا تتسم بكثير من الإبداع أو الابتكار، واستخدم بعضها العربية الفصيحة، فيما جاءت بعضها باللهجة العامّية التونسية”، وفق محمد الجويلي، وهو باحث تونسي في علم الاجتماع.
الجويلي أضاف أنه “يمكن تقسيم الشعارات إلى أصناف، أولها هو حضور الأنا وشخصنة الشعارات لدى بعض المرشّحين، بما يعطي قيمة كبرى لدور المرشح من ناحية قدرته على تخليص البلاد من ضعفها، وتغيير أوضاعها إلى الأفضل، وقدرته على تحمّل الأعباء والمسؤولية الرئاسية”.
وزاد: “نلاحظ شخصنة في شعارات المرشح المستقل الصافي سعيد (نحن.. هنا)، ومرشّح الجبهة الشعبية (ائتلاف يساري) حمّة الهمامي (يلزمها حمّه) أي (البلاد تحتاج حمّه)، ومرشّح حزب البديل (ليبرالي)، مهدي جمعة (مستقبل تونس مع مهدي جمعة)، ومرشّح تيار المحبّة (وسطي) الهاشمي الحامدي (أنا ضدّ السيستام “النظام”، ومع الإسلام والعدل والتأميم)”.
** عامة وقوية
حسب الجويلي، اعتمد مرشحون “شعارات عامّة، مثل مرشّح حزب تحيا تونس يوسف الشاهد (تونس أقوى)، ومرشح حركة النهضة (إسلامية) عبد الفتاح مورو (انتخب الأقدر لتونس أفضل)، ومرشح التيار الديمقراطي محمد عبو (دولة قوية وعادلة)، ومرشح تحالف تونس أخرى المنصف المرزوقي (المستقبل يجمعنا)”.
وأوضح أن “مسألة القوّة حضرت في شعارات مرشحين؛ ما يكشف أن الدولة في حالة ضعف، وتحتاج أن تكون قوّية”.
** اقتباسات من الثورة
لاحظ الجويلي أن “مرشحين استخدموا صنفا ثالثا من الشعارات يرتبط بالثورة التونسية”.
وأطاحت ثورة شعبية عام 2011، بالرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي (1987- 2011).
وتابع: “من الشعارات الثورية ما استخدمه المرشح المستقل قيس سعيد (الشعب يريد)، فهذا الشعار كان الأبرز بين شعارات الثورة: الشعب يريد إسقاط النظام”.
وأردف: “كما استخدم المرشح المستقل سيف الدين مخلوف شعار (كرامتك أولا)، في إحالة واضحة إلى أحد الشعارات المرفوعة إبّان الثورة (شغل، حرية، كرامة وطنية)”.
وتابع: “المرشحة عن الحزب الحرّ الدستوري، عبير موسي، المعروفة بمناصرتها لنظام ابن علي، استخدمت شعارات تعلّقت بالثورة (ديمقراطية مسؤولة حريات مضمونة)”.
واعتبر ذلك “محاولة منها لدرء التهمة التي لطالما لاحقتها، وهي الإشادة بعهد الاستبداد زمن ابن علي، وهي تريد اليوم تغيير فكرة الناس حولها، وإبعاد شبهة أنها تتكلم باسم النظام السابق، وتوجيه خطاب طمأنة للتونسيين بأنه لا يمكن العودة للاستبداد من خلال اختيارها شعاري الديمقراطية والحريات”.
** غياب العائلات السياسية
وفق الجويلي، “استخدم حمّة الهمامي مثلا شعبيا في حملته (يلزمها حمّه)، ليبيّن أنه متأصل في المجتمع التونسي، وعدم إظهار انتمائه اليساري، باعتبار أنه يتوجّه إلى كل الشعب الذي يعدّ مجتمعا محافظا في مجمله”.
و”شعار الهمامي مستوحى من المخيال الشعبي التونسي، في إشارة إلى الرجل المناسب في المكان المناسب”، حسب مدير حملته الانتخابية، وائل نوّار، في تصريح صحافي.
وقال الجويلي إن “الشعارات غابت عنها خصوصية العائلات السياسية (يسار، يمين، وسط)؛ إذ تجنّب المرشحون الإشارة في شعاراتهم إلى العائلة السياسية التي ينتمون إليها”.
واستدرك: “المرشح الوحيد الذي تجرّأ وأعلن في شعار حملته عن انتمائه السياسي، هو الهاشمي الحامدي (أنا ضدّ السيستام ومع الإسلام والعدل والتأميم)”.
** ملصقات متشابهة
ملمح آخر رصده الجويلي هو أن “أغلب الملصقات واللوحات الإشهارية (الدعائية) للمرشحين متشابهة؛ إذ تحتوي صورة المرشح مع شعار حملته”.
واستدرك: “باستثناء ملصقات مرشح حزب قلب تونس، نبيل القروي، فلم تظهر صورته في ملصقاته بحجم كبير، على خلاف بقية المرشحين، مع ظهور صور له مع مواطنين في الملصقات”.
** اتهامات بالسرقة
بعض المرشحين، مثل يوسف الشاهد، والمرشح المستقل، وزير التربية السابق، ناجي جلّول، تعرّضوا لانتقادات واسعة من خصومهم السياسيين وروّاد في وسائل التواصل الاجتماعي؛ بتهمة سرقة شعارات حملاتهم من حملات رؤساء فرنسيين.
واعتبر كثيرون أن اختيار الشاهد لشعار “تونس أقوى” هو سرقة واضحة من حملات انتخابية لرئيسي فرنسا السابقين، نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند.
ورد الشاهد بقوله، في تصريحات إعلامية، إنه إطّلع على لافتة حملته الانتخابية قبل ساعة من إطلاقها، وإن تشابهها مع حملات انتخابية لرؤساء فرنسيين هو مجرد صدفة.
وشبّه روّاد على مواقع التواصل الاجتماعي ملصقات الشاهد بحملات الرؤساء الفرنسيين من ناحية صورة المرشح والطبيعة في الخلف.
لكن الشاهد قال إن ملصقه يتكون من أشجار زيتون، وهو عنصر تونسي بامتياز.
فيما اتهم منتقدون المرشح جلول بـ”الاستيلاء على شعار حملة الرئيس الفرنسي السابق، فرنسوا ميتران، تحت شعار “القوة الهادئة” (La force tranquille).
وتستمر الحملات الانتخابية في تونس حتى الجمعة المقبل، على أن يُخصص اليوم التالي للصمت الانتخابي، ويقترع الناخبون داخل تونس الأحد المقبل.
ويكون الاقتراع خارج تونس أيام 13 و14 و15 سبتمبر/ أيلول الجاري، على أن تُعلن النتائج الأولية في 17 من ذلك الشهر.
وفي حال إجراء جولة ثانية، فسيتم التصويت قبل 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بحسب هيئة الانتخابات.
الاناضول