مشاريع محافظتي واسط وديالى تقود “ثورة الدواجن” في العراق

مشاريع محافظتي واسط وديالى تقود “ثورة الدواجن” في العراق

أظهرت بيانات أن مشاريع الدواجن في العراق تشهد قفزات غير مسبوقة بعد حظر استيراد الدجاج والبيض، بالتزامن مع فورة زراعية قادت أيضا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وحظر استيراد العديد من المحاصيل، لكنّ الجدل لا يزال مستعرا بشأن فوضى التهريب والفساد، التي تقوّض مستقبل هذا التحول الكبير.

بغداد – انقسمت آراء العراقيين بشأن تأكيد وزارة الزراعة العراقية أن قطاع إنتاج الدجاج والبيض في العراق شهد نموا متسارعا منذ تطبيق قرار منع استيراد الدجاج والبيض بسبب وفرة الإنتاج المحلي.

وذكرت أن معدلات النمو تسارعت وتيرتها بعد الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لحماية المنتج الوطني، وأن محافظتي واسط وديالى احتلتا صدارة معدلات النمو في قطاع الدواجن.

وتؤكد التقديرات ارتفاع الإنتاج في معظم محافظات العراق، رغم قلة البيانات والإحصاءات الدقيقة بسبب ضعف أداء المؤسسات الحكومية.

ويأتي هذا التحول بعد إعلان العراق عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح هذا العام، لأول مرة منذ عقود بعد موسم أمطار غزيرة. وأعلنت بغداد في يوليو الماضي أنها اشترت من المزارعين أكثر من 4 ملايين طن من القمح، رغم موجة حرائق اجتاحت الكثير من الحقول قبل الحصاد.

كما أعلنت وزارة الزراعة حينها عن حظر استيراد 16 محصولا أساسيا، وأكدت أن الإنتاج المحلي أصبح كافيا لتلبية حاجة الأسواق العراقية.

لكن الكثير من العراقيين يقولون إن حظر الاستيراد أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار وخلق نوعا من الاحتكار في ظل عدم كفاية الإنتاج المحلي لتلبية حاجة السوق.

ويصعب إيجاد خلاصة نهائية، في ظل شكوى المنتجين من استمرار فوضى التهريب بسبب الفساد في المعابر الحدودية وخاصة مع إيران، ويشيرون إلى بيع منتجات مستوردة على أنها عراقية.

16 محصولا زراعيا تم حظر استيرادها إضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح

وأشارت صحف محلية ومواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال إلى ارتفاع أسعار البيض 3 أضعاف منذ إعلان وزارة الزراعة حضر الاستيراد في مايو الماضي.

ويرى البعض أن قرارات منع الاستيراد الارتجالية قتلت المنافسة ومنحت المنتجين المحليين موقعا احتكاريا يسمح لهم بزيادة الأسعار في ظل شحة المعروض في الأسواق.

ونسب بيان صادر عن وزارة الزراعة إلى مدير عام دائرة البيطرة الدكتور صلاح فاضل عباس قوله، إن محافظة واسط حققت النسبة الأعلى في زيادة مشاريع إنتاج الدجاج والبيض منذ العام الماضي.

وأوضع أن مشاريع إنتاج البيض في محافظة واسط قفزت بنسبة 110 بالمئة لتصل إلى 21 مشروعا مقارنة بعشرة مشاريع قبل عام، في حين ارتفعت مشاريع إنتاج لحوم الدواجن بنسبة 50 بالمئة لتصل إلى 100 مشروع بعد أن كانت 50 مشروعا في العام الماضي.

وذكر البيان أن محافظة ديالى جاءت في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة النمو في عدد مشاريع إنتاج البيض ولحوم الدواجن نحو 25 بالمئة بعد قرار منع الاستيراد.

وأكد مدير عام البيطرة أن دائرته ماضية في متابعة تنفيذ قرارات الوزارة في باقي المحافظات وإصدار التعليمات الكفيلة بتطبيقها لتحقيق هدفها الأساسي في حماية المنتج المحلي عبر منع استيراد البيض ولحوم الدجاج.

وأشار إلى أن القرارات تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية حاجة السوق والمستهلكين من هاتين المادتين الأساسيتين للمائدة العراقية والمساعدة على زيادة الإنتاج المحلي، وبالتالي خفض الأسعار لتخفيف الأعباء على كاهل المستهلك.

وقالت اللجنة الزراعية في مجلس محافظة ديالى، إن المحافظة تشهد ازدهارا غير مسبوق في قطاع الدواجن، الذي أدى لتوفير الكثير من الوظائف وانعكس في جودة المنتجات المقدمة للمواطنين، بعد أن انتشرت منتجات مستوردة فيها مخاطر صحية كبيرة.

وذكر رئيس اللجنة حقي الجبوري أن “إيقاف استيراد منتوجات الدواجن وخاصة بيض المائدة خلق ما نسميه ربيع الدواجن وأسهم في إحياء قطاع كان على وشك الانهيار الكلي بسبب الاستيراد العشوائي، الذي كان وراء تكبيد الكثير من مربي الدواجن خسائر مادية هائلة في السنوات الماضية”.

وأضاف أن “ربيع الدواجن وفر الآلاف من الوظائف للعاطلين عن العمل، وأعطى فرصة لتأمين مصدر رزق للكثير من الشباب، إضافة إلى زيادة استثمارات أصحاب المشاريع في توسيع حقولهم لسد حاجة الأسواق المتزايدة من منتجات الدواجن وخاصة بيض المائدة واللحوم البيضاء”.

وأشار إلى أن “إيقاف الاستيراد أسهم في تقليل السموم التي كانت تصلنا مع البيض الفاسد، الذي كان يغرق الأسواق العراقية في السنوات الماضية، وتسبب في ضرر صحي وبيئي ونقل أمراض وأوبئة”.

وأكد أن “دعم الإنتاج الوطني خلق قطاعا اقتصاديا كبيرا يولد فرصا لا تنتهي من الوظائف”.

لكن تلك البيانات المتفائلة يقابلها جدل متصاعد في الأوساط الاقتصادية والشعبية العراقية بسبب ارتباك قرارات مع استيراد بعد السلع الغذائية التي أدت إلى ارتفاعات حادة الأسعار، بسبب عدم كفاية المعروض واستغلال المنتجين المحليين.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شعارات وحملات تدعو إلى مقاطعة شراء البيض في إطار حملة انطلقت من محافظة الديوانية، ثاني أفقر محافظات العراق، بعد محافظة المثنى المجاورة لها، قبل أن تنتشر في بقية المحافظات.

وجاءت الزيادة في أسعار البيض وعدد من المنتجات الزراعية بعد أن أصدرت وزارة الزراعة العراقية قرارا يقضي بمنع استيرادها، معللة ذلك بوفرة الإنتاج المحلي ومحاولة تشجيعه.

لكن الكثير من العراقيين يقولون إن الإنتاج المحلي لمعظم المنتجات التي تم حظر استيرادها لا يكفي حاجة السوق المحلية، وأن الوزارة لا تملك إحصاءات دقيقة تستند إليها في قرار منع الاستيراد.

ويرى محللون أن الحكومة ترتكب أخطاء مزدوجة فهي تهرب من تقصيرها في دعم المنتجين المحليين إلى حظر الاستيراد وتنتقل من تقويض قدرة المشاريع المحلية إلى تحميل أعباء ذلك على المستهلكين من خلال حظر الاستيراد العشوائي.

وانتقد أمين سر جمعية حماية منتجي الدواجن في الديوانية فراس الجبوري “غياب التخطيط السليم لدى وزارة الزراعة في ما يخص خلق التوازن بين المنتجات المحلية والمستوردة”.

وقال إن الوزارة تتخبط بين إغراق السوق بمنتجات مستوردة تطيح بالمنتج المحلي وبين إغلاق الحدود بوجه الاستيراد رغم قلة المنتج المحلي. وأضاف أن الحل يكمن في إيجاد توازن مدروس.

وأشار إلى أن الحل الوحيد لمواجهة ارتفاع الأسعار هو قيام الوزارة بمنح تراخيص استيراد وفق معايير شفافة، من أجل تحقيق التوازن في الأسعار بصورة عادلة تحفظ مصالح المستهلكين وأصحاب المشاريع. وحذر من تزايد ارتفاع الأسعار في حال بقي الحال على ما هو عليه.

وحاول المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف تبرير ارتفاع أسعار البيض باستغلال وجشع التجار، الذين قاموا برفع أسعاره بعد قرار منع الاستيراد.

وقال إن جودة بيض المائدة المحلي تفوق البيض الأجنبي المستورد، وإن الوزارة لديها خطط فورية من شأنها إنهاء هذا الارتفاع وخفض أسعار البيض في الفترة المقبلة.

العرب