مرَّت أكثر من ثلاث سنوات على انضمام الأهوار (جنوب العراق)، إلى لائحة التراث العالمي، حين صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بالإجماع على ضمّها، إلا أنها بالرغم من ذلك لم تشهد أي تطورٍ، سواء على الصعيد الخدمي أو العمراني، الأمر الذي يُهدد بإزالتها من اللائحة.
اشترطت اليونسكو ترميم مناطق الأهوار وإزالة التجاوزات، كما أكدت على ضرورة مراعاة وتسهيل عودة سكانها الأصليين، بالإضافة إلى تطوير الجانب السياحي. إلا أن أيّاً من هذه الشروط لم يتحقق خلال الفترة الماضية، ما زاد من مخاوف المسؤولين المحليين في المحافظات الجنوبية من إزالتها. تعتبر الإزالة خسارة لهذه المدن التي عانت لفترات طويلة من التهميش والفقر وفساد أحزاب السلطة.
تمتد الأهوار، وهي مسطحات مائية، على أطراف ثلاث محافظات (البصرة وميسان والناصرية)، وتشغل مساحة نحو مليون و48 ألف دونم، كما تضم أكثر من 1200 موقع أثري، من بينها قصر شولكي ومعبد “دب لال ماخ” الذي يُعد أقدم المحاكم في تاريخ العراق القديم.
كشف عضو لجنة تطوير الأهوار في مجلس محافظة ميسان عدنان الغانمي، عن أسباب التلكؤ، وقال في تصريح صحافي، إن “موضوع تطوير الأهوار، خصوصاً بعد إدراجها على لائحة التراث العالمي، كان من المفترض أن يسير وفق اتجاهين من خلال لجنتين، مركزية وأخرى محلية، في حين أن الأخيرة محدودة الصلاحيات، وتعتمد على اللجنة المركزية التي كان يجب أن تعمل بتوجيهات الحكومة المركزية في بغداد”.
وأشار إلى “تلكؤ واضح في عمل اللجنة المركزية”، مبيناً أن المجلس المحلي في ميسان “لم يلحظ وجود جدية ونية حقيقية في تنفيذ أي من الشروط التي وضعت من قبل منظمة اليونسكو قبل إدراج الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي”.
من جانبه، قال المسؤول المحلي في محافظة البصرة عيدان البزوني، إن “حراك الحكومة المركزية في بغداد ووزارة السياحة والآثار خجول”، مبيناً، في حديث إلى “العربي الجديد”، أن “بغداد تتعامل بمزاجية عالية مع كل القضايا المرتبطة بمحافظات الجنوب. فالبصرة وذي قار لم تشهدا أي تطور بما يتعلق بإنشاء المشاريع الاستثمارية، وكان من المفترض أن يتم إنشاء نوادٍ رياضية وفنادق ومساحات خضراء خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن كل هذا لم يحدث، وهو ما يهدد بقاء الأهوار على لائحة التراث العالمي”.
يتابع: “الأهوار لم تشهد خلال السنوات الماضية أي زيادة بالمساحات المائية، ولكن موجة السيول التي اجتاحت العراق ساعدت في رفعها، لكن على صعيد التخاطب مع تركيا، فإن العراق لم ينجح في إقناع الجانب التركي بزيادة الإطلاقات المائية من أجل إنعاش الأهوار، وهذا كان من أبرز شروط اليونسكو التي لم تتحقق”.
وحتى الأيام الأخيرة، سرَّب مسؤولون محليون من مدن الجنوب معلوماتٍ تتحدَّث عن نيَّة منظمة “يونيسكو” سحب منطقة الأهوار من لائحة التراث العالمي، إلا أن وزير الثقافة والسياحة والآثار في العراق عبد الأمير الحمداني، نفى ذلك، وقال لـ”العربي الجديد”، إن “الوزارة مستمرة بسعيها لاستثمار السياحة في العراق، كونها عصبا مهما وموردا عظيما للبلاد، ونحن نعتمد بتطويرها على التعاون مع شركات عراقية خاصة، وإن الحكومة العراقية متعاونة جداً مع الوزارة، وقد وافقت على تمويل الكثير من المشاريع ولمدة 5 سنوات، والعمل متواصل لإحياء قوى سياحية نموذجية، إضافةً إلى تعمير جوانب من مدينة أور الأثرية والمعابد القديمة في الناصرية وميسان”.
وأضاف أن “رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أكد في غير مرة على سعي الحكومة إلى توفير أكثر من مورد اقتصادي للبلد، من خلال تفعيل الجوانب السياحية والزراعية والصناعية، وهي خطة عراقية للاعتماد على مقومات أخرى غير النفط. أما ما يتعلق بالأهوار ففرقنا مستمرة بالعمل من أجل توفير البنى التحتية والاحتياجات التي يطلبها السائح المحلي والأجنبي”.
العربي الجديد