الأمم المتحدة تتمسك باللجنة الدستورية لحل الأزمة السورية

الأمم المتحدة تتمسك باللجنة الدستورية لحل الأزمة السورية

واصل المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، مساعيه لإقناع السوريين بجدوى اللجنة الدستورية، عبر تأكيده أن هذه اللجنة ستضمن حقوق مختلف أطياف المجتمع السوري التي ستكون ممثلة فيها، دون إقصاء ولا تهميش. ويأتي ذلك بعد كل الجدل الذي رافق موافقة النظام السوري والمعارضة على اللجنة، فيما ذهب البعض إلى اعتبار أن هذه الخطوة تزيد في تغييب الأكراد بدفع تركي.

نيويورك- تشبث المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، الأربعاء في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة، بالتأكيد على اللجنة الدستورية التي أعلن عن تشكيلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تضم ممثلين عن جميع أطياف المجتمع السوري.

وأشار بيدرسون إلى أن اللجنة الدستورية ستعقد أول اجتماعاتها في 30 أكتوبر الجاري وتحديدا في جنيف، معتبرا أن “اجتماع الـ150 عضوا من اللجنة الدستورية، المؤلفة من 50 عضوا من الحكومة، و50 من المعارضة و50 من المجتمع المدني، هو فرصة فريدة للسوريين، للإجماع والعمل على دستور جديد”.

ولفت إلى أن “هذا الأمر يصب في مصلحة وتطلعات الشعب السوري، ويوجه رسالة قوية جدا للسوريين إذا ما استتبع بإجراءات بناء الثقة، وخطوات صلبة على الأرض”.

وقال بيدرسون “حاولنا التأكد من تمثيل جميع أطراف المجتمع السوري ضمن اللجنة الدستورية، بما يشمل الإثنيات والديانات والتجمعات والتوجهات السياسية المختلفة، من دون تدخل السياسيين، وبإمكاني القول إننا توصلنا إلى هيئة تمثيلية مميزة لسوريا”، وأكد أن “الدستور سيساعد على بناء الثقة، وقد يمثل طريقا تؤدي إلى العملية السياسية”.

ويعتبر العديد من المراقبين أن هذه اللجنة شكلت على ضوء نفوذ القوى والدول التي تلعب أدوارا رئيسية في سوريا وليس على قاعدة إحلال السلام في البلد الذي مزقته الحرب الأهلية منذ عام 2011.

ويشدد هؤلاء على أن اللجنة الدستورية، أماطت اللثام بشكل واضح عن وجود نقاط تفاهم مشتركة بين النظام السوري وتركيا وتحديدا بخصوص ما وصف بإقصاء الأكراد ضمن مكونات هذه اللجنة.

وتظاهر المئات من الأشخاص في مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سوريا، تنديداً بـ”إقصاء” الإدارة الذاتية الكردية عن عضوية اللجنة الدستورية التي شكلتها الأمم المتحدة مؤخراً في إطار جهودها للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

وترد في قائمتي المعارضة والمجتمع المدني أسماء شخصيات كردية، لكنها لا تمثّل الإدارة الذاتية التي تتولى تسيير شؤون مناطق في شمال وشمال شرق سوريا تحت سيطرة فصائل كردية وعربية، وتقدّر مساحتها بنحو ثلاثين في المئة من مساحة سوريا.

وتجمع المتظاهرون أمام مقرّ الأمم المتحدة في القامشلي ورفعوا لافتات باللغات الكردية والعربية والسريانية، كتبت على إحداها شعار “الدستور الذي لا نشارك فيه لن نلتزم به”، وشعار ”من حقنا المشاركة في صياغة الدستور”.

وندّد الرئيس المشترك للإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة (الحسكة) طلعت يونس بـ”إبعاد ممثلي الإدارة الذاتية عن اللجنة الدستورية” داعياً المجتمع الدولي إلى “إعادة النظر في تشكيل هذه اللجنة وضرورة مشاركة جميع مكونات المجتمع السوري في صياغة الدستور”.

وحمل العشرات من المتظاهرين صوراً لمقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية قضوا خلال المعارك التي خاضوها في السنوات الأخيرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال هاشم شويش، أحد المتظاهرين، “نملك قوة عسكرية حقّقت نجاحات كبيرة ويجب أن يكون لنا ممثلون في هذه اللجنة” مشيراً إلى الصور قربه قائلاً “يجب ألا تذهب دماء هؤلاء هدراً”. وكانت الإدارة الذاتية أعلنت في بيان إثر تشكيل اللجنة الدستورية أن “إقصاءها” عنها “إجراء غير عادل”.

المئات يتظاهرون في مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية شمال شرق سوريا، تنديدا بـإقصائهم من عضوية اللجنة الدستورية

ولم تدع الإدارة الذاتية الكردية إلى المشاركة في أي من جولات المحادثات التي عقدتها الأمم المتحدة بين طرفي النزاع في جنيف. كما لم تشارك في محادثات أستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة.

وأكد غير بيدرسون، في هذا السياق وفق ما نقلته عنه وكالة الأناضول الأربعاء، على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مخاوف تركيا المشروعة من احتمالية قيامها بعملية عسكرية شرقي الفرات.

وتمسك بالتأكيد على أهمية الجهود التي تبذلها روسيا وايران وتركيا بشأن تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، قائلا “يجب الأخذ بعين الاعتبار مخاوف تركيا المشروعة من احتمالية قيامها بعملية عسكرية شرقي الفرات”.

وأوضح أن اللجنة الدستورية ستعمل على زيادة الثقة وفتح الباب لعملية سياسية أوسع في سوريا عبر وساطتها بين مختلف الأطراف السورية.

وأضاف أن اللجنة الدستورية ستساعد أيضا في إعلان وقف كبير لإطلاق النار في البلاد، مشيرا إلى أن إعادة كتابة الدستور في سوريا ليست من صلاحياته، إنما هي من قرارات اللجنة المؤلفة من 150 شخصا.

ورد بيدرسون من جهة أخرى على سؤال حول إمكانية عدم إشراك منظمة “ي ب ك/بي كا كا” ضمن اللجنة، قائلا “الأكراد السوريون هم ضمن اللجنة، كما أن جميع الأعراق الأخرى والمكونات الدينية والفكرية تدخل ضمن اللجنة”.

لكنه أعرب عن قلقه بشأن المنطقة التي تتوزع فيها قوات منظمة “ي ب ك/بي كا كا” شرقي الفرات، مؤكدا على ضرورة حل مشكلات المنطقة واحترام كافة المجموعات العرقية فيها.

العرب