تصدرت الخلافات في شأن الموازنة العامة بين الحكومة الاتحادية وإقليم وكردستان، اجتماعاً ضم رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، في أربيل جرى خلاله التأكيد على “مواصلة الحوار على أساس الدستور”.
ووصل إلى إقليم كردستان، الثلاثاء، وفد عراقي كبير برئاسة صالح، وضم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائب رئيس الوزراء ووزير المال فؤاد حسين وعدداً من مسؤولي الحكومة الاتحادية.
وذكر بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان أن “صالح وبارزاني أكدا توطيد علاقات أربيل- بغداد ومواصلة الحوار لحل المشاكل على أساس الدستور”.
وأوضح البيان أنه جرى البحث في المسائل المهمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، خصوصاً “مسائل الموازنة العامة الاتحادية العراقية للسنة المقبلة، والمادة 140 الدستورية، وصياغة القوانين، وتهديدات ومخاطر الإرهاب والتطرف”.
وأكد المجتمعون “وحدة صف الأطراف الكردستانية في العراق والقوى العراقية والعمل المشترك بينهم وتوحيد الكلمة في ما يتعلق بالقضايا المصيرية، والتقدم بعلاقات أربيل- بغداد.
طبيعة الخلاف
وكانت الخلافات بين بغداد وأربيل قد تجددت بداية العام الحالي بعدما أعلنت الحكومة الكردية عدم قدرتها على الالتزام بالاتفاق مع الحكومة الاتحادية بتسليم 250 ألف برميل نفط يومياً إلى شركة النفط الوطنية “سومو” مقابل دفع رواتب الإقليم من الموازنة العامة للبلاد.
وتؤكد الأطراف الكردية أن بغداد مدينة لأربيل بنحو 80 مليار دولار، هي أموال القروض والرواتب المقطوعة خلال السنوات الماضية. في المقابل، ترى الأطراف السياسية في العاصمة أن الإقليم يأخذ نسبة كبيرة من الموازنة العامة تصل إلى 13 في المئة من دون أن يسدد ما بذمته من أموال ويقوم بتصدير 600 ألف برميل يومياً عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية.
اتفاق جديد
وقال النائب عن الكتل الكردية في البرلمان الاتحادي، شيركو جودت، إن “المفاوضات الجارية بين السلطات الاتحادية وحكومة الإقليم تهدف إلى الوصول إلى اتفاق جديد حول مشروع قانون الموازنة لعام 2020، يرضي جميع الأطراف ويمتد لسنوات والتفرغ لحل القضايا الأخرى وفي مقدمها المناطق المتنازع عليها”. ولم يوضح جودت طبيعة هذا الاتفاق، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الحكومة الاتحادية تريد من الجانب الكردي سداد ما بذمته (250 برميل نفط يومياً) لشركة النفط الوطنية للشهور الماضية قبل التوقيع على اتفاق جديد”.
ووفق المصادر فإن وزارة النفط العراقية تريد من الإقليم تسليم 400 ألف برميل يومياً إلى بغداد، ذلك أن خبراء النفط في الوزارة أكدوا أن أربيل تستخرج ما بين 600 و700 ألف برميل، وليس 250″. إلا أن الوفد الكردي المفاوض يرفض تسليم هذه النسبة من نفط الإقليم حتى الآن ويسعى إلى اعتراف الحكومة الاتحادية بأنها مدينة إلى كردستان بمبالغ القروض الخارجية وتعهدها بسداد الديون المرتبة على الحكومة الكردية لشركات النفط الأجنبية مقابل 250 ألف برميل نفط فقط.
رفض مسبق
وتعهد نواب المحافظات الجنوبية في وقت سابق برفض أي مقترح لقانون الموازنة يعفي الإقليم من سداد ما في ذمته من ديون ومنحه أكثر من استحقاقه الدستوري على حساب المناطق الجنوبية المنتجة للنفط، التي ترى أنها تستحق حصة أكبر من الإقليم في الموازنة العامة.
وقال النائب يوسف الكلابي لـ”اندبندنت عربية”، إن “الإقليم امتنع عن التعامل مع السلطة الاتحادية واستحوذ على نفط المناطق الشمالية منذ عام 2014 والحديث عن ديون مترتبة على بغداد إلى أربيل مجرد ادعاءات لتحقيق موقع تفاوضي أفضل”.
وأضاف “لا يمكن الاستمرار بدفع رواتب الموظفين والبيشمركة (القوات الكردية) من الموازنة الاتحادية من دون أن تكون هناك واردات من الإقليم كما هي الحال مع بقية محافظات البلاد”. وأشار إلى أن غالبية الكتل البرلمانية ترفض تكرار الاتفاق الذي حصل في الموازنة السابقة ولم تلتزم به الحكومة الكردية.
واعتبر النائب عن كتلة “الحكمة” المعارضة جاسم بخاتي أن “الأكراد ما زالوا يتبعون سياسة المراوغة وإعطاء وعود مفتوحة وغير محددة بزمن للتهرب من دفع ما عليهم من مستحقات للحكومة، خصوصاً في الاستحقاق النفطي والمنافذ الحدودية”.
وجزم أننا هذه المرة لن نرضخ أو نتساهل معهم إذا لم يسلموا كامل مستحقات الخزينة المركزية للسنوات الماضية”.
ولفت بخاتي إلى أن “20 نائباً من الحكمة ومعهم أضعاف عددهم مصممون على عدم التصويت على موازنة 2020 بشأن استحقاق الإقليم من دون الإيفاء بدفع المستحقات المطلوبة منهم وبعكسه سنغادر قاعة البرلمان ونمتنع عن التصويت”.
ويبدو أن الاتفاق بين الجهات التنفيذية في بغداد وأربيل لا يعني بالضرورة تمرير مشروع الموازنة في البرلمان، ذلك أن معظم الكتل العربية ترفض حتى الآن أي اتفاق يسمح للإقليم بالحصول على حصته من الموازنة من دون مقابل، فيما تعجز الحكومة الكردية عن سداد الديون المترتبة لمصلحة الشركات العاملة في الإقليم وتسليم بغداد 250 برميلاً في آن واحد. لذا، من المرجح أن يتعطل مشروع قانون الموازنة في أروقة الحكومة لفترة طويلة قبل إرساله إلى البرلمان.
اندبندت العربي