استقبلت الشكوك وعود الحكومة العراقية بزيادة الإنفاق وفتح أبواب التوظيف والمساعدات الاجتماعية في ظل ضعف الأجهزة الحكومية وانتشار الفساد، إضافة إلى إمكانية تعميق الاختلالات المالية وتكريس حالة الشلل الاقتصادي.
لندن – اتجهت الحكومة العراقية إلى الهروب إلى الأمام بمحاولة إطفاء الاحتجاجات بحلول ترقيعية تستخدم المسكّنات المؤقتة، التي من المستبعد أن تعالج الأسباب العميقة التي فجّرت الاحتجاجات.
وكان مجلس الوزراء قد قرر منح 150 ألف شخص من العاطلين، الذين لا يملكون القدرة على العمل منحة شهرية تعادل نحو 150 دولارا ولمدة ثلاثة أشهر، وهو ما يكشف الطابع المؤقت لتلك الخطوة، التي لن تشمل سوى عدد ضئيل من جيوش العاطلين.
كما أعلن عن فتح أبواب التقديم للحصول على أراض سكنية مخصصة لذوي الدخل المحدود واستكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية للمستحقين، في محافظة البصرة، وخلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع.
وتضمّنت الإجراءات تعزيز رصيد صندوق الإسكان لزيادة عدد المقترضين، وتمكينهم من بناء الوحدات السكنية على قطع الأراضي التي ستوزّع على المواطنين، وتضمين ذلك في موازنة العام المقبل وأن تكون القروض معفاة من الفوائد.
وأعلن مجلس الوزراء أيضا عن إعداد وتنفيذ برنامج وطني للإسكان لبناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات، ومنح الأولوية للمحافظات والمناطق الأكثر فقرا.
كما قرّر أيضا إيقاف إجراءات هدم العشوائيات، التي كانت أحد أسباب اندلاع الاحتجاجات، لحين توفير البدائل، الأمر الذي يفتح مهلة التنفيذ إلى أجل غير مسمّى.
ورغم أن المجلس قال إن القرارات تمثّل حزمة أولى إلا أن تلك الوعود في حال تنفيذها، لن تصل سوى إلى نسبة ضئيلة، إذ تشير البيانات إلى وجود أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية عشوائية، غالبيتها أكواخ تفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة.
ووعدت الحكومة بإنشاء مجمّعات تسويقية حديثة (أكشاك) في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات، تتوزع على العاطلين خلال مدة 3 أشهر وبتكلفة كلية تبلغ نحو 55 مليون دولار.
القرارات لن تشمل سوى نسبة ضئيلة من جيوش العاطلين ويمكن للفساد أن يحرم المستحقين منها
واشترطت أن يتعهد الحاصلون على الأكشاك بتشغيل اثنين من العاطلين عن العمل لضمان توفير ما لا يقلّ عن 45 ألف فرصة عمل للمواطنين مع مراعاة إعطاء الأولوية لمن أزيلت أكشاكهم.
وقررت أيضا إعداد برنامج لتدريب وتأهيل العاطلين عن العمل ممن يملكون القدرة على العمل وبعدد 150 ألفا من الشباب الخرّيجين وغير الخرّيجين مع صرف منحة مالية خلال فترة التدريب البالغة 3 أشهر قدرها 150 دولارا شهريا.
وقالت إن البرنامج يهدف إلى تأهيلهم للعمل في الشركات الاستثمارية ومنح الناجحين منهم قروضا ملائمة لتأسيس مشاريع متوسطة أو صغيرة من صندوق القروض المدرة للربح في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أو منحهم قروضا من خلال مبادرة البنك المركزي لإقراض الشباب.
ووعدت بشمول المتدربين بقانون الخدمات الصناعية بمنحهم قطعة أرض لإنشاء مشروع صناعي مع تمتعهم بكافة الامتيازات التي يوفرها القانون المذكور.
وكان من بين الإجراءات الأخرى فتح باب التطوع للشباب في الجيش وإعادة المفسوخة عقودهم من مُنتسبي الجيش والقوات الأمنية في كافة المحافظات.
ويشكك الخبراء وكثير من المحتجّين بآليات تنفيذ القرارات في ظل ضعف الأجهزة الحكومية وانتشار الفساد، خاصة أن جميع الوعود لا تكفي سوى نسبة ضئيلة من جيوش العاطلين.
ويمكن لتلك الإجراءات أن تعمّق شلل الاقتصاد المعتمد على إيرادات النفط فقط، خاصة في ظل تشغيل الحكومة لنحو 7 ملايين موظف، وهو عدد يفوق جميع دول العالم عند المقارنة بعدد السكان.
ويرى الخبراء أن الحل المستدام يكمن في إصلاح مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد ووضع قوانين واضحة للاستثمار، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية لخلق فرص العمل بدل أن تكون الحكومة المصدر شبه الوحيد للوظائف.
ويعاني العراق من عجز كبير في الموازنة في ظل مستويات أسعار النفط الحالية وارتفاع مخصصات الموازنة التشغيلية، الأمر الذي يمكن أن يؤدّي إلى تخلّفها عن تسديد الرواتب إذا ما تراجعت أسعار النفط.
العرب