عرض الرئيس العراقي برهم صالح مبادرة لاحتواء الأزمة التي أثارتها المظاهرات المنددة بالفساد، في حين تحدث ناشطون عن تعليق الاحتجاجات نحو أسبوعين حتى الانتهاء من إحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين في كربلاء.
ففي خطاب ألقاه أمس الاثنين بعد نحو أسبوع على بدء موجه المظاهرات الجديدة المطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الوظائف للعاطلين عن العمل؛ قال صالح إن مطالب المتظاهرين هي في صلب مسؤوليات الحكومة، وأضاف أنه لا شرعية لأي نظام من دون تحقيق مطالب الشعب.
وقدم الرئيس العراقي في خطابه مبادرة من عدة بنود لاحتواء الأزمة في البلد، وعلى رأسها فتح تحقيق قضائي في أعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات، ومحاسبة المسؤولين عنها.
ودعا إلى تشكيل لجنة خبراء مستقلين بالتشاور مع الجميع، وبينهم المتظاهرون، لتشخيص الخلل والمشاكل تمهيدا للسير على قراراتها لإجراء إصلاحات فعلية.
كما اقترح صالح فتح حوار سياسي شامل لتشكيل كتلة داعمة للإصلاح في البرلمان من أجل تذليل العقبات، ودعا أيضا إلى إجراء تعديل وزاري.
وتأتي مبادرة الرئيس العراقي بعد سقوط ما يصل إلى 110 قتلى وأكثر من ستة آلاف جريح في أكبر احتجاجات تواجه حكومة عادل عبد المهدي منذ توليه منصبه قبل نحو عام.
وتفجرت الاحتجاجات الجديدة الثلاثاء الماضي في بغداد، وانتشرت في عدة محافظات جنوبية، وخلال الأيام الأولى تعرضت مقرات أحزاب سياسية ومؤسسات إعلامية للتخريب والحرق، في حين تعرض المتظاهرون لإطلاق نار مباشر من قبل قوات أمنية وعسكرية؛ مما أسفر عن إصابات كثيرة في صفوفهم.
وأكدت مصادر طبية مقتل 110 أشخاص، وقالت وزارة الداخلية العراقية إن ثمانية من القتلى و1200 من الجرحى هم من قوات الأمن.
وبعد تسجيل حصيلة كبيرة من الضحايا، بدا أن حدة الاحتجاجات تراجعت بعد فرض الحكومة إجراءات أمن أكثر صرامة، في حين يعود الهدوء تدريجيا إلى بعض بؤر المواجهات، ومنها حي مدينة الصدر (شرقي بغداد).
وخرجت مساء الاثنين مظاهرات محدودة في مدينة الصدر، بعد يوم من مقتل 15 شخصا وإصابة خمسين آخرين برصاص قوات يعتقد أنها تابعة للجيش.
وخرجت مظاهرات أخرى محدودة في بعض المحافظات الجنوبية، خاصة مدينة السماوة بمحافظة المثنى، في حين لم تشهد مدينة الناصرية بمحافظة المثنى أي مظاهرات عكس ما حدث في الأيام الماضية.
وفي الناصرية أيضا، قال شهود إن القوات الأمنية شنت حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من المتظاهرين والناشطين الذين شاركوا في المظاهرات بالمدينة في الأيام الستة الماضية.
ودعا شيوخ عشائر ِالمدينة السلطات إلى التدخل لإطلاق سراح أبنائهم من الشباب الذين اعتقلوا في الأيام الماضية.
وبينما تسعى قوات الأمن العراقية لاستعادة السيطرة على الوضع، قال ناشطون لوكالة الأناضول للأنباء إن المتظاهرين في محافظات جنوبية -مثل محافظتي ذي قار والديوانية- سيعلقون الاحتجاجات حتى انتهاء ما تعرف بأربعينية الإمام الحسين في العشرين من الشهر الجاري.
وأضاف الناشطون أن المظاهرات ستستأنف بعد انتهاء الفعاليات الدينية بكربلاء، مشيرين إلى أن الهدف من تعليق المظاهرات هو تمكين الناس من إحياء الذكرى في أجواء آمنة.
وبينما كانت الشعارات التي رفعها المتظاهرون تستهدف الفساد، فإن مسؤولين بالحكومة العراقية اعتبروا أن الاحتجاجات ترمي إلى إسقاط حكومة عادل عبد المهدي.
وأقرت الحكومة بمسؤولية قواتها عن استهداف المتظاهرين، وتحدثت عن إجراءات تشمل التحقيق مع ضباط استخدموا العنف المفرط ضد المتظاهرين في مدينة الصدر ببغداد مساء الأحد، وكانت وزارة الدفاع نفت وقوف قواتها خلف عمليات القتل، وتحدثت عن “مندسين” و”قناصين مجهولين” يطلقون النار على المتظاهرين والقوات الأمنية على حد سواء.
وأمر رئيس الوزراء العراقي الاثنين باستبدال قوات الجيش المنتشرة في مدينة الصدر -التي يقطنها ثلث سكان العاصمة وعددهم ثمانية ملايين تقريبا- بقوات من وزارة الداخلية.
وقبل ذلك، أكد عبد المهدي أن الحكومة تلتزم بتقديم برامج عملية للتخفيف من معاناة الشعب، ومحاكمة المتهمين بالفساد والتلاعب بالمال العام.
المصدر : الجزيرة + وكالات