العراق: تعديل وزاري مرتقب لامتصاص غضب الشارع

العراق: تعديل وزاري مرتقب لامتصاص غضب الشارع

بغداد – من المقرر أن يصوت البرلمان العراقي على تعديلات وزارية مقترحة من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، في محاولة لتهدئة الشارع العراقي.

وجاءت الخطوة بعد دعوة الرئيس العراقي برهم صالح إلى ضرورة إجراء تغييرات وزارية جوهرية في صلب الحكومة بما يتماشى مع تطلعات العراقيين ويضمن تحقيق إصلاحات سريعة وفعّالة.

كما توجّه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مجدّداً إلى العراقيّين، في كلمة تعهّد خلالها بإجراء “تحقيقات تفصيليّة”، وبمنح تعويضات لعائلات “الشهداء” من المتظاهرين أو أفراد القوات الأمنيّة الذين قتلوا خلال أحداث الأيام الماضية.

كما ذكّر عبد المهدي بـ”الحزمة الأولى” من القرارات التي اتّخذتها الحكومة السبت “استجابةً لمطالب المتظاهرين والشعب”.

وأعلن العراق الحداد ثلاثة أيّام بعد وقوع أكثر من مئة قتيل في تظاهرات وأعمال عنف لم يؤدّ توقّفها منذ 48 ساعة إلى خفض التوتّر بين العراقيين الذين يخشون استمرار الانقطاع شبه التام لشبكة الإنترنت.

واعترفت القيادة العسكريّة العراقيّة بحصول “استخدام مفرط للقوّة” خلال مواجهات مع محتجّين في مدينة الصدر ذات الغالبيّة الشيعيّة بشرق بغداد أسفرت عن مقتل 13 شخصاً ليلاً، بحسب مصادر أمنيّة وطبية.

وفي سياق متصل، أفاد مصدر قضائي عراقي بأن محكمة تحقيق الحلة صدقت اعترافات أحد أفراد القوات الأمنية العراقية في قوات مكافحة الشغب تسبب بمقتل متظاهر خلال المظاهرات الشعبية التي شهدتها محافظة بابل.

وقال المصدر إن “محكمة تحقيق الحلة صدقت موقوف في قوة مكافحة الشغب العراقية اعترف بتسببه باستشهاد متظاهر في مركز محافظة بابل بطلقات نارية أطلقها على المتظاهرين”.

وأضاف أن “المحكمة دونت أقوال الموقوف وفق قانون العقوبات العراقي وأجرت كشف الدلالة تمهيدا لإحالته إلى المحكمة المختصة”.

وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق دعا المصابين وذوي الشهداء من جراء المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها البلاد مطلع الشهر الجاري الى مراجعة محكمة التحقيق المختصة كلا بحسب سكنهم لتسجيل الشكاوى للتحري عن أسباب مقتل وإصابة المتظاهرين.

وفي بغداد، ثاني عاصمة عربيّة من حيث عدد السكّان، بدا واضحاً أنّ الحياة اليوميّة عادت إلى طبيعتها.

وعادَ الازدحام إلى الطُرق في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكّانها تسعة ملايين نسمة، فيما فتحت المدارس أبوابها مجدّداً أمام الطلاب. كما فتحت الإدارات والمتاجر أبوابها، لكنّ الدخول إلى شبكات التواصل الاجتماعي لا يزال متعذّرًا.

وفي مداخل العاصمة وخارجها، لا تزال النقاط الأمنيّة تُجري عمليّات تفتيش للسيّارات، فيما تمّ نشر قوّات إضافيّة.

وكان العراق شهد منذ الأوّل من أكتوبر تظاهرات بدت عفويّةً تُحرّكها مطالب اجتماعيّة، لكنّها ووجهت بالرصاص الحيّ. وقد أفضت إلى الفوضى في مدينة الصدر، معقل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وبلغت الحصيلة الرسميّة لأعمال العنف التي طالت بغداد وجنوب العراق ذي الغالبيّة الشيعيّة أيضًا أكثر من مئة قتيل وأكثر من ستّة آلاف جريح. وما زال الغموض يلفّ هوّية الذين قاموا بأعمال العنف، إذ إنّ السلطات تحدّثت عن “قنّاصة مجهولين”.

من جهتها، حضّت منظّمة العفو الدوليّة السلطات على “التحقيق بشكل صحيح” في “الاستخدام المفرط والمميت” للقوّة.

ورغم توقّف أعمال العنف في بغداد والجنوب، بقيت شبكات التواصل الاجتماعي محجوبةً بعد أن تمكّن الناشطون من تصوير أعمال العنف بشكل واسع.

وحتّى الآن، لم تُعلّق السلطات العراقيّة على قطع الإنترنت الذي يشمل ثلاثة أرباع البلاد، بحسب ما ذكرت المنظّمة غير الحكوميّة المتخصّصة في أمن المعلوماتية “نيتبلوكس”. وحدها منطقة كردستان العراق في شمال البلاد لم تتأثر بهذا القطع.

وقالت “نيتبلوكس” إنّ “هذا القطع شبه الكامل (للشبكة) الذي فرضته الدولة في معظم المناطق، يحدّ بشكلٍ خطير التغطية الإعلاميّة ويحول دون الشفافية إزاء ما يجري”.

وفي مواجهة الحوادث الدمويّة، أدّت حركة الاحتجاج الاجتماعي إلى أزمة سياسيّة.

ففي بلد يتأثّر بنفوذ الدولتَين العدوّتَين، إيران والولايات المتحدة، ويتبادل مسؤولوه الاتّهامات بالولاء لقوى أجنبيّة، أطلق الرئيس برهم صالح نداءً إلى “أبناء الشعب الواحد”.

وأعلن عن “حوار وطني” عُقِدت من أجله حتّى الآن سلسلة لقاءات بين برلمانيين وكذلك بين الحكومة وزعماء عشائر وأحزاب سياسيّة.

وكان المتظاهرون أطلقوا هتافات ضد كل هؤلاء الممثلين، وفي حدث غير مسبوق في العراق، لم يستجيبوا مع نداءات شخصيات سياسية أو دينية معروفة.

العرب