دمشق – دخلت قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد على خط المواجهات بين الأكراد والجيش التركي شمال البلاد، حيث بدأ الجيش السوري في تحريك قواته “لمواجهة العدوان التركي على الأراضي السورية”.
ووسّعت قوات النظام السوري انتشارها في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سورية وأصبحت على مسافة ستة كيلومترات من الحدود مع تركيا.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تحركات لقوات النظام ضمن المنطقة الواقعة بين مدينتي الحسكة ورأس العين على مسافة نحو ستة كيلومترات من الحدود السورية التركية، ومن المرتقب أن تتقدم القوات أكثر باتجاه منطقة رأس العين.
ويأتي التدخل السوري بعد انتزاع قوات تركية بدعم من مقاتلي المعارضة السيطرة على منطقة حدودية من قبضة الأكراد. وأكدت مصادر صحافية تابعة للنظام السوري أن قوات النظام دخلت تل تمر في ريف الحسكة، قرب الحدود بشمال شرق سوريا.
من جانبه، حذر مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، من اندلاع اشتباكات بين جيش النظام السوري والقوات التركية شمال شرقي سوريا.
وقال أقطاي “إذا حاول جيش النظام السوري مقاومة ما تفعله تركيا شمال شرقي سوريا والوقوف أمامه، فمن الممكن أن تندلع اشتباكات بين الجيشين”.
وجاء التدخل السوري بعد التوصل إلى اتفاق أمس الأحد بين دمشق والأكراد ينصّ على انتشار الجيش السوري على طول الحدود مع تركيا للتصدي لهجوم أنقرة والفصائل السورية الموالية لها المستمر منذ خمسة أيام ضد مناطق سيطرتها.
وقالت الإدارة الذاتية للأكراد في بيان لها “لكي نمنع ونصد هذا الاعتداء فقد تم الاتفاق مع الحكومة السورية كي يدخل الجيش السوري وينتشر على طول الحدود السورية التركية لمؤازرة قوات سوريا الديمقراطية لصد هذا العدوان وتحرير المناطق التي دخلها الجيش التركي ومرتزقته المأجورون”.
وأضافت “هذا الاتفاق يتيح الفرصة لتحرير باقي الأراضي والمدن السورية المحتلة من قبل الجيش التركي كعفرين” في شمال غرب حلب.
ولم يوضح الأكراد تفاصيل الاتفاق، وما إذا كانوا قدموا تنازلات لدمشق، التي أخذت عليهم دائما تحالفهم مع واشنطن رافضة أي شكل من أشكال الإدارة الذاتية في سوريا.
وفي سياق متصل، سحبت الولايات المتحدة الأميركية نحو ألف جندي من قواتها شمال سوريا أمس الأحد.
وقال مسؤولان أميركيان إن الولايات المتحدة تدرس خططا لسحب معظم قواتها من شمال سوريا خلال أيام وذلك في جدول زمني أسرع مما كان متوقعا للانسحاب الأميركي في ظل تصعيد الهجوم التركي على المنطقة.
وقال أحدهما إن الانسحاب الكامل ربما يستغرق أسبوعين أو أكثر غير أن ذلك ربما يتم بوتيرة أسرع من المتوقع.
وعبر بريت ماكجورك، الذي كان أكبر دبلوماسي بإدارة ترامب في التحالف الذي قادته واشنطن ضد التنظيم حتى استقالته العام الماضي، عن أسفه لتفكك السياسة الأميركية في سوريا بعد سنوات من المكاسب ضد التنظيم.
وقال ماكجورك إن “القوات المسلحة الأمريكية تنسحب من شمال شرق سوريا حيث كانت خلافة داعش.. هذا كله دون تفكير وتجهيز أو تخطيط”.
وأضاف “سيكون لذلك تداعيات خطيرة على أمننا القومي يتجاوز سوريا. الآن نتمنى أن يخرج رجالنا سالمين”.
وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية لها هجوماً ضد المقاتلين الأكراد، شركاء الولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بعد يومين من سحب واشنطن مجموعة من جنودها من نقاط حدودية في خطوة بدت بمثابة ضوء أخضر أميركي، وهو ما اعتبرته قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري المقاتلون الأكراد، “طعنة من الخلف”.
وحيال الاتفاق بين الأكراد والنظام السوري، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن الإدارة الذاتية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية قدمتا “تنازلات في سبيل منع تقدم القوات التركية في الشمال السوري”.
وبعد خمسة أيام من المعارك التي رافقها قصف مدفعي وجوي كثيف، باتت القوات التركية والفصائل الموالية لها تسيطر على نحو مئة كيلومتر على طول الحدود بين مدينة تل أبيض (شمال الرقة) وبلدة رأس العين (شمال الحسكة).
وفي مواجهة الهجوم التركي، دعت الإدارة الذاتية الكردية روسيا للقيام بدور “الضامن” في “الحوار” مع دمشق.
ولم تحرز مفاوضات سابقة أجرتها الحكومة السورية مع الأكراد حول مصير مناطقهم أي تقدّم، مع إصرار دمشق على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع في العام 2011، وتمسّك الأكراد بإدارتهم الذاتية ومؤسساتها المدنية والعسكرية التي بنوها في بداية سنوات النزاع.
وفي بداية العام 2019، وفي مواجهة تهديدات تركية أيضاً، انتشرت قوات النظام في منطقة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي بعد دعوة من الأكراد في مواجهة هجوم تركي، انتهى بالسيطرة على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية وفي العام 2018، دعا الأكراد أيضاً دمشق للتدخل. إلا أن الأخيرة لم تنشر حينذاك وحدات من جيشها.
العرب