آخرها اعتقال مدير صفحة “الخوة النظيفة” على فيسبوك الخميس وقبلها اغتيال صحافي كردي الأربعاء لدعمهما المظاهرات، يصرخ الصحافيون العراقيون عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي “أنهم في خطر محدق” مطالبين بتوفير الحماية لهم بعدما غادر أغلبهم إلى إقليم كردستان أو خارج البلاد.
بغداد – أثار الإعلان الخميس عن اعتقال الناشط المدني شجاع الخفاجي مدير صفحة “الخوة النظيفة” على فيسبوك من منزله في العاصمة بغداد من قبل مجهولين جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق.
وأعلنت صفحة “الخوة النظيفة” على فيسبوك:
الخوة النظيفة
تعلن “الخوة النظيفة” وفريقها التطوعي عن قيام قوة عسكرية مسلحة مجهولة باقتحام وخطف مديرها شجاع فارس لطيف الخفاجي المدون والناشط في حقوق الإنسان من منزله فجر الخميس وسط العاصمة العراقية بغداد. وقد قام المسلحون في الساعة 5:30 فجر الخميس بعد مراقبة تحركاته باقتحام منزله بالقوة ومصادرة جميع هواتف وكمبيوترات العائلة والاستيلاء على تسجيلات كاميرات المراقبة المنزلية واقتياد الخفاجي تحت تهديد السلاح واستبدال العجلة التي قام المسلحون باعتقاله فيها بعجلة أخرى ونقله إلى جهة مجهولة أمام أنظار القوات الأمنية.
ويذكر أن الخفاجي تلقى تهديدات مختلفة بالاعتقال والتصفية الجسدية منذ سبتمبر الماضي.
واستنكرت “الخوة النظيفة” في بيان صحافي “الإجراء بحق مدونها وطالبت بالإفراج الفوري عنه، مؤكدة أنها تنتظر من جميع المنظمات الدولية والمدنية والفرق التطوعية والجمعيات الصحافية المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير في البلاد الوقوف معها للإفراج عن شجاع الخفاجي فورا”!
ويؤكد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق أن جهات أمنية عراقية تنفذ حملة اعتقال “تعسفية” بحق الداعمين للمظاهرات التي شهدتها العاصمة بغداد وعدد من المحافظات للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير فرص العمل، وشهدت سقوط أكثر من مئة قتيل وآلاف الجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية.وكانت صفحة “الخوة النظيفة” أول من أعلن الأربعاء عن اغتيال الإعلامي الكردي آمانج باباني وأسرته في السليمانية التابعة لإقليم كردستان العراق.
وعُثر مساء الأربعاء على جثث الصحافي الكردي وزوجته وطفلهما في محافظة السليمانية. ويقدم الصحافي الكردي برنامج “بلا حدود” على قناة NRT (أن.أر.تي) الكردية، كما قدم في وقت سابق برنامجا استقصائيا يُعنى بالجريمة، فيما عملت زوجته مقدمة في قناة كرد سات.
ودانت حكومة إقليم كردستان الأربعاء بشدة اغتيال الإعلامي وأسرته.
والخميس، قال العميد آسو شيخ طه في مؤتمر صحافي إن الحادث هو حادث انتحار، موضحا أن الزوج قتل زوجته أولا ثم طفله وأخيرا أقدم على الانتحار. وأضاف أن خلافات بين الزوجين من أسباب الحادث، داعيا وسائل الإعلام إلى توخي الحذر لدى نقل المعلومات.
وكانت السلطات المحلية في محافظة السليمانية قد أفادت في وقت سابق أن المعلومات الأولية تفيد بأن مسلحين مجهولين اغتالوا الإعلامي مع عائلته في المدينة ولاذوا بالفرار.
بالمقابل، شكك معلقون في رواية مديرية شرطة محافظة السليمانية خاصة أن شهود عيان أكدوا أن مسلحين أطلقوا 60 رصاصة على سيارة كانت تسير في أحد شوارع مدينة السليمانية بإقليم كردستان.
وبحسب ما أوردت قناة “أن.أر.تي”، تحدث ممثل جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في الإقليم عن “ملاحقة مسلحين مجهولين سيارة الضحية وأسرته، قرب مرآب في مدينة السليمانية، حيث أمطروه بوابل من الرصاص، فأردوه وزوجته وابنه قتلى على الفور”.
وطالبت الجمعية “السلطات في الإقليم بحماية حياة الصحافيين وعوائلهم”. وقال مغرد:
جريمة قتل الصحافي آمانج باباني وأسرته تؤكد أن المُناخ الآمن للصحافيين في العراق أصبح مرعبا، وأن آلة العنف التي تقف وراءها أحزابُ الشر الفاسدة تعمل بأقصى طاقتها! #صحافيو_العراق_في_خطر ويواجهون أسوأ التهديدات اليوم، وحمايتهم ضرورة ملحة تقع على عاتق المسؤولين.
في سياق آخر، أكد الخبير الأمني هشام الهاشمي على صفحته بموقع فيسبوك اعتقال الخفاجي قائلا “عيب الكذب يا رئيس الوزراء أعطيت وعدا بإنهاء الملاحقة والمتابعة للإعلاميين والمدونين”.
ولا تزال “القوات المجهولة” والتي وعد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بملاحقتها، تنفذ حملات اعتقال وملاحقات لصحافيين وناشطين ومدنيين ومدونين، على خلفية التظاهرات التي انطلقت في الأول من الشهر الجاري.
ولم تتوقف سلسلة اختفاء الناشطين والصحافيين، في وقت يؤكد خبراء أمنيون وصحافيون أن “جهات مسلحة مجهولة تقوم بذلك” استكمالا لسلسلة المداهمات والاعتقالات التي طالت منازل شباب الاحتجاجات في العاصمة بغداد، بينهم مدونين وصحافيين.
وكان عدد من النشطاء قد اتجهوا إلى إقليم كردستان هربا من الاعتقال أو التعرض للاختطاف القسري الذي تنفذه أطراف مسلحة مجهولة، وذكر ناشطون أن الكثير من الصحافيين اضطروا إلى ترك العاصمة وبعض المناطق الجنوبية، نحو محافظات الشمال.
وسجل “بيت الإعلام العراقي” ظاهرة فرار العشرات من الصحافيين من بغداد ومحافظات الجنوب خلال التظاهرات التي شهدتها البلاد، والتي تزامنت مع حملة تضييق غير مسبوقة من قبل السلطات الرسمية على وسائل الإعلام تخللها هجمات نفذها مسلحون مجهولون على قنوات عديدة تضمنت تكسير ممتلكات قنوات وإيقاف بثها، كما ترافقت مع تهديدات مباشرة وغير مباشرة تلقاها العشرات من الصحافيين والإعلاميين بسبب تغطية التظاهرات.
وذكر “بيت الإعلام العراقي” في تقرير، نقلا عن صحافيين وإعلاميين أنهم تركوا العمل الصحافي خلال الاحتجاجات وقرر آخرون تغيير مناطق سكنهم وآخرون غادروا مدنهم نحو إقليم كردستان أو إلى خارج البلاد.
وقال (م س) وهو صحافي يعمل في قناة فضائية عراقية في بغداد إن القناة التي يعمل فيها تعرضت إلى تهديدات مباشرة من جهات مسلحة، وأضاف أنه قرر ترك منزله مع أفراد عائلته وتوجه إلى مكان طلب عدم الإشارة إليه لأسباب أمنية، وأشار إلى أن تهديدات أمنية وصلت إليه حتى على صفحته في فيسبوك عبر رسائل أو عبر تعليقات تضمنت تهم الخيانة والوعيد بالانتقام والقتل.
وتوقفت معظم القنوات والوكالات والمواقع الإخبارية عن العمل خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا، فيما أجبرت وسائل إعلام أخرى على تغطية المظاهرات عبر ما تنقله القناة الرسمية التابعة للحكومة فقط التي أصبحت مصدرا للأخبار، فيما أصبح المصدر الآخر الذي يمثل المتظاهرين هو مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا تويتر عبر تسريب العشرات من مقاطع الفيديو والصور والأخبار إلى مدونين من خارج البلاد، بسبب الحظر الذي تم فرضه على شبكة الإنترنت من قبل الجهات الرسمية.
كما أكد مدونون شاركوا في احتجاجات الأسبوع الماضي تلقيهم مكالمات هاتفية من أرقام مجهولة لتهديدهم بالتصفية الجسدية “إذا هم لم يتوقفوا عن دعم الاحتجاجات” في وقت تناقلت فيه صفحات التواصل الاجتماعي “قائمة” المستهدفين من تلك الأطراف المسلحة المجهولة.
وروى (ي ص) وهو صحافي يعمل في وكالة إخبارية محلية طريقة خروجه من بغداد بعد التهديدات التي طالته وأوضح أن طريق الخروج لم يكن سهلا، مؤكدا “كنت أشعر بالرعب لأن معلومات انتشرت عن أن قوات الأمن وضعت قائمة مطلوبين للصحافيين والناشطين، وخشيت من أن تقوم إحدى نقاط التفتيش باعتقالي خلال خروجي”.
بينما قال (ث ك) وهو صحافي ومدون إخباري إنه اضطر إلى مسح محتويات كمبيوتره الإخبارية وأرشيف صور التظاهرات وكذلك في هاتفه المحمول خشية مصادرته أو تكسيره أو أن يتم اعتبار محتويات كمبيوتره تهمة قد تؤدي به إلى الاعتقال، وأضاف أنه أغلق صفحاته الشخصية على فيسبوك وتويتر.
وعلى تويتر دشن مغردون عراقيون عدة هاشتاغات أبرزها الحرية لشجاع الخفاجي وصحافيوالعراق في خطر.
وقال معلق مخاطبا الإعلاميين على تويتر:
قد تكون أنت التالي… لن تمنعونا حق التعبير عن الرأي… #الحرية_لشجاع_الخفاجي #صحافيو_العراق_في_خطر.
وتساءل آخر:
إلى متى يبقى الإعلامي والصحافي مادة ورسالة تهديد يستخدمها من بيده القوة والسلاح؟ ما ذنبُ هذه العائلة تهدر أرواحها بسبب سياسات عفنة أو تصفية حسابات وتكميم أفواه، لترقد أرواحكم بسلام؟ اللعنة على من سكت عن الحق. #صحافيو_العراق_في_خطر.#صحفيو_العراق_في_خطر
بدل أن تلاحق السلطة الفاسدين، قامت بملاحقة الإعلاميين والصحافيين! وبدل من أن تقدم لهم قوانين الحماية والحصانة، حمت الفاسدين بالتواطئ معهم.
فيما شرح مغرد تكتيك الحكومة الجديد من وجهة نظره:
التكتيك الجديد للحكومة يبقى الإنترنت مفتوحا دون انقطاع… ولكن بلا نشطاء وبلا مدونين، نت أخرس فبعد أربع وعشرين ساعة على اغتيال صحافي في السليمانية جهة مجهولة في بغداد تعتقل المدون شجاع الخفاجي صاحب صفحة “الخوة النظيفة” دون أوامر قبض.
واعتبر الصحافي العراقي محمد سلطان:
تدرك السلطات العراقية أنها لا تستطيع قمع الحركات الاحتجاجية في ظل وجود صحافيين وناشطين يكشفون خفايا ذلك، وأن مشروعها القمعي لن يتحقق إلا بإبادة هذه الشريحة أولا.
في المقابل تداول عراقيون مواد من دستورهم ليبينوا أن ما تقوم به الميليشيات خارج عن القانون.
وكتب مغرد في هذا السياق:
المادة 38 من الدستور تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب. أولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانيا: حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثا: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون. الدستور العراقي الفصل الثاني: الحريات المادة 37 أولا أ. حرية الإنسان وكرامته مصونة. ب. لا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي.
العرب