لا يزال مسلسل القتل والتغييب ضد الصحافيين في العراق مستمرا منذ عام 2003 وحتى الآن من قبل الجماعات والميليشيات المسلحة، ويقوم معظم الصحافيين الذين يعيشون في العراق بالعيش في مناطق مختلفة وغير ثابتة وعدم الاستقرار في مكان واحد؛ خوفا من القتل أو التغييب القسري الذي يتعرض له الصحافيون، فيما لجأ آخرون إلى العيش خارج العراق حفاظا على حياتهم. ودعا صحافيون إلى تدخل دولي ومحاسبة الحكومة العراقية عما يتعرض له الصحافيون من قتل وقمع وترويع أمام مرأى ومسمع العالم.
الصحافي أبو أحمد الذي رفض التحدث باسمه الصريح كونه مطلوبا ومطاردا من قبل الميليشيات قال إنه منذ 10 سنوات قام بتغيير محل سكنه أكثر من 30 مرة بسبب تعرضه للتهديد والملاحقات من قبل الميليشيات، وذكر أنه تعرض لثلاث محاولات اغتيال بعد ملاحقته وإطلاق النار عليه لكنه نجا بأعجوبة، وأضاف أن العراق بلد غير صالح للعمل الصحافي والإعلامي، ومن يعمل فيه عليه أن يكون على توقع بأنه سيقتل أو يختطف في أي لحظة، لافتا إلى أن ملاحقات الصحافيين لم تكن الميليشيات والجماعات الإرهابية وحدها مسؤولة عنه، وإنما حتى الجهات الأمنية، وذكر أنه قد تم مداهمة منزله خلال التظاهرات الأخيرة بحثا عنه ولكنه لم يكن متواجدا فقرر الهرب واللجوء إلى مدينة أخرى، مبينا أنه سيهرب إلى خارج العراق لأن الأوضاع لم تعد مستقرة وقد أصبح مطلوبا للميليشيات بشكل واضح وعلني.
السياسية والبرلمانية السابقة سروة عبد الواحد قالت إن استتباب الأمن في إقليم كردستان كذبة يصدقها فقط من يجهل حقيقة الأمر، وأشارت إلى أن “ما يثبت كلامي هو اغتيال الإعلامي البارز في قناة NRT الكوردية آمانج باباني مع طفله وزوجته أمام إحدى المولات في السليمانية، وهو دليل هشاشة الوضع الأمني”، وذكرت أن الصحافي آمانج كان صحافيا جريئا وناقش المواضيع الحساسة في إقليم كردستان.
الإعلامي العراقي سعدون محسن ضمد تساءل: “ما موقف نقابة الصحافيين العراقيين من جرائم اقتحام القنوات الفضائية والاعتداء على ممتلكاتها؟ لماذا لا نسمع لنقيب الصحافيين صوتا؟، هل هو مع جرائم الاقتحام والإحراق؟ وهل هو مع تكميم الأفواه وترويع الإعلاميين وتهديدهم بمذكرات الاعتقال؟ وهل اتصل بالإعلاميين الهاربين الآن في الإقليم من عمليات الخطف والتغييب؟”، على حد تعبيره.
كان موقف مفوضية حقوق الإنسان جيدا فيما يتعلق بمتابعة الضحايا والكشف عن أعدادهم، لكنها مطالبة بالمزيد
وأضاف: “كان موقف مفوضية حقوق الإنسان جيدا فيما يتعلق بمتابعة الضحايا والكشف عن أعدادهم، لكنها مطالبة بالمزيد، بإعلان موقفها من انتهاكات حقوق الإنسان التي تستمر الحكومة بممارستها، عليها أن تضغط مستعينة بالمجتمع الدولي لإعادة خدمة الإنترنت وتمكين الإعلام من ممارسة دوره، وعليها الاستعانة بالمجتمع الدولي لحماية مواطنيها من جرائم القتل التي تمارسها بعض الأحزاب والحكومة”، داعيا المنظمات والنقابات والهيئات القانونية والعدلية في العالم إلى “حمايتنا من القناصين الأشباح الذين يزهقون أرواحنا، ومن عصابات الخطف التي تضطهد الرأي المختلف في العراق”.
الصحافي عمر الجنابي قال بأن هناك مشكلة حقيقية يعاني منها الصحافيون والإعلاميون في العراق وهي القمع، مبينا بأنه كان في السابق هناك جماعات متطرفة وميليشيات تقوم بقتل واختطاف وقمع الصحافيين، غير أن اليوم الجهات الأمنية الحكومية باتت تمارس القمع والاعتقال، مشيرا إلى أن “الحكومة مسؤولة عن أرواح الصحافيين كونها تدعي أنها مسيطرة على جميع الأجهزة الأمنية وهم يعملون تحت إمرتها، لذلك يفترض أن السلاح الموجود في الشارع هو تحت سلطتها، لذلك يجب أن تكون الحكومة مسؤولة عن حياة الصحافيين وحمايتهم”.
القدس العربي