يشكل الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى تطوراً استراتيجيا مهماً لإيران، على المستويين، المحلي والإقليمي، ولا تقتصر أهميته، في مضمونها، على مسألة حق إيران في امتلاك القدرة النووية، واعتبار إيران عضواً في النادي النووي العالمي، وإعادة مليارات الدولارت المحتجزة فقط، بل تتجاوزهما إلى مسألة الاعتراف الدولي بالدور الرئيسي لإيران، في ترتيب البيئة السياسية للإقليم، وضمان مصالحها القومية. وستترتب على هذا الاعتراف نتائج مهمة في أزمات المنطقة، لن تظهر مباشرة، بسبب تعقد هذه الأزمات، وتجاوزها قضية الاتفاق النووي، لكن المكانة الإيرانية بعد الاتفاق لن تكون كما كانت قبله، حيث سيكون لطهران دور مهم، عندما تأتي لحظة الاستحقاقات الكبرى، أو التسويات الكبرى، في المنطقة، كما أن الاتفاق يعطي إيران دفعة قوية لمتابعة نشاطها وسياستها الإقليمية، لا سيما في قضايا العالم العربي.
الملف النووي الإيراني، في ذاته، منفصل عن أزمات المنطقة الحالية، إنه مرتبط بحاجة البلدين الملحة له: طهران بحاجة إلى الأموال الكبيرة المحتجزة، لإنعاش اقتصادها المأزوم، نتيجة خمس جولات من العقوبات الدولية. وفي ظل استنزاف يومي في العراق وسورية واليمن، بدأ يضعف فائض القوة لديها، وواشنطن تبحث عن اتفاقٍ، يؤكد نجاح مبدأ باراك أوباما، أولوية الدبلوماسية على الحرب، وإدخال الدول الكبرى في أقاليمها، ضمن منظومة العلاقات الدولية، حتى تكون جزءاً من حل مشكلات المنطقة، كإيران في الشرق الأوسط، والبرازيل في أميركا الجنوبية، والهند في جنوب آسيا.
مع ذلك، لا يمكن فصل الاتفاق عن الدور الإيراني في عموم المنطقة، بمعنى أن التفاهم الأميركي ـ الإيراني ليس منفصلا تماما عن التفاهمات بين واشنطن وطهران، حول قضايا كثيرة في الإقليم. ولذلك، يذهب بعضهم إلى أن الاتفاق سينعكس إيجاباً على ملفاتٍ في المنطقة، بناء على انتقال السياسة الإيرانية من مجال الفكر الأيديولوجي إلى مجال الفكر البراغماتي، فإيران على هامش منظومة العلاقات الدولية شيء، وضمن هذه المنظومة شيء آخر، ومعطيات المرحلة المقبلة تتطلب أسلوباً مغايراً عن المراحل السابقة، قائماً على فهم قواعد اللعبة الدولية، واعتراف متبادل بالمصالح العليا لكل طرف. لكن هذا التطور على أهميته لن يؤدي إلى تغيير خارطة التحالفات القائمة، كما اعتقد بعضهم، والجديد الذي سيحصل أن إيران ستكون، بعد الاتفاق، فاعلاً رئيسياً في قضايا الحل، لا وفق الرؤية العربية، وإنما وفق الرؤية الأميركية التي تتقاطع في ملفات كثيرة في المنطقة مع الرؤية الإيرانية، خصوصاً في العراق وسورية.
في سورية، مثلاً، لن يغير الاتفاق من واقع الصراع وخطوط الدعم وطبيعة التحالفات، فدمشق الحليف الاستراتيجي الوحيد لإيران، وساحة الاستثمار السياسي الرئيسية لها، وهي الذراع العليا القادرة على خربطة واقع المنطقة، وتهديد إسرائيل بأشكال غير مباشرة. وبالتالي، هي خارج منظومة التفاهمات الإيرانية ـ الأميركية، حيث لن يسمح صناع القرار في طهران بعقد أية صفقة حيال سورية، تؤدي إلى القضاء على النظام السوري.
في المقابل، تتلاقى الرؤيتان، الأميركية والإيرانية، في ضرورة عدم إسقاط النظام السوري، كل لأسبابه، وقد كانت إيران والولايات المتحدة العاملين الرئيسيين في بقاء النظام. الأولى بالدعم العسكري والمالي والبشري الكبير لدمشق، والثانية برفضها حصول المعارضة المسلحة على عتاد عسكري، يقلب الموازين الميدانية.
من هنا، سينعكس الاتفاق النووي في سورية ضمن هدف واحد، هو محاربة الإرهاب (داعش، النصرة) وهو هدف إيراني ـ أميركي رئيسي في هذه المرحلة، ما سينعكس إيجابا على النظام السوري، وسلبا على المعارضة المسلحة، ما قد يدفع الفاعلين الإقليميين المعارضين للنظام (تركيا، السعودية، قطر) إلى تثبيت تحالفهم، ورفع مستوى الدعم العسكري للمعارضة المسلحة.
سترفع إيران من وتيرة دعمها النظام السوري، بعيد الإفراج عن أموالها المجمدة. ولكن، سيقبل أصحاب العمائم في طهران، منذ الآن، بمقتضيات اللعبة الدولية للحل السياسي في سورية، بعدما كانوا رافضين لها، الأمر الذي سيترتب عليه إعادة ترتيب لبنية النظام الداخلية، لحظة التسوية الكبرى، وفق صفقة كبرى، تشابه، في طبيعتها، الصفقة النووية الإيرانية ـ الأميركية.
مع ذلك، لا يمكن فصل الاتفاق عن الدور الإيراني في عموم المنطقة، بمعنى أن التفاهم الأميركي ـ الإيراني ليس منفصلا تماما عن التفاهمات بين واشنطن وطهران، حول قضايا كثيرة في الإقليم. ولذلك، يذهب بعضهم إلى أن الاتفاق سينعكس إيجاباً على ملفاتٍ في المنطقة، بناء على انتقال السياسة الإيرانية من مجال الفكر الأيديولوجي إلى مجال الفكر البراغماتي، فإيران على هامش منظومة العلاقات الدولية شيء، وضمن هذه المنظومة شيء آخر، ومعطيات المرحلة المقبلة تتطلب أسلوباً مغايراً عن المراحل السابقة، قائماً على فهم قواعد اللعبة الدولية، واعتراف متبادل بالمصالح العليا لكل طرف. لكن هذا التطور على أهميته لن يؤدي إلى تغيير خارطة التحالفات القائمة، كما اعتقد بعضهم، والجديد الذي سيحصل أن إيران ستكون، بعد الاتفاق، فاعلاً رئيسياً في قضايا الحل، لا وفق الرؤية العربية، وإنما وفق الرؤية الأميركية التي تتقاطع في ملفات كثيرة في المنطقة مع الرؤية الإيرانية، خصوصاً في العراق وسورية.
في سورية، مثلاً، لن يغير الاتفاق من واقع الصراع وخطوط الدعم وطبيعة التحالفات، فدمشق الحليف الاستراتيجي الوحيد لإيران، وساحة الاستثمار السياسي الرئيسية لها، وهي الذراع العليا القادرة على خربطة واقع المنطقة، وتهديد إسرائيل بأشكال غير مباشرة. وبالتالي، هي خارج منظومة التفاهمات الإيرانية ـ الأميركية، حيث لن يسمح صناع القرار في طهران بعقد أية صفقة حيال سورية، تؤدي إلى القضاء على النظام السوري.
في المقابل، تتلاقى الرؤيتان، الأميركية والإيرانية، في ضرورة عدم إسقاط النظام السوري، كل لأسبابه، وقد كانت إيران والولايات المتحدة العاملين الرئيسيين في بقاء النظام. الأولى بالدعم العسكري والمالي والبشري الكبير لدمشق، والثانية برفضها حصول المعارضة المسلحة على عتاد عسكري، يقلب الموازين الميدانية.
من هنا، سينعكس الاتفاق النووي في سورية ضمن هدف واحد، هو محاربة الإرهاب (داعش، النصرة) وهو هدف إيراني ـ أميركي رئيسي في هذه المرحلة، ما سينعكس إيجابا على النظام السوري، وسلبا على المعارضة المسلحة، ما قد يدفع الفاعلين الإقليميين المعارضين للنظام (تركيا، السعودية، قطر) إلى تثبيت تحالفهم، ورفع مستوى الدعم العسكري للمعارضة المسلحة.
سترفع إيران من وتيرة دعمها النظام السوري، بعيد الإفراج عن أموالها المجمدة. ولكن، سيقبل أصحاب العمائم في طهران، منذ الآن، بمقتضيات اللعبة الدولية للحل السياسي في سورية، بعدما كانوا رافضين لها، الأمر الذي سيترتب عليه إعادة ترتيب لبنية النظام الداخلية، لحظة التسوية الكبرى، وفق صفقة كبرى، تشابه، في طبيعتها، الصفقة النووية الإيرانية ـ الأميركية.
حسين عبد العزيز
صحيفة العربي الجديد