واشنطن – في ظل التطورات التي يشهدها الشمال السوري إثر العملية العسكرية التي أطلقها الجيش التركي في مواجهة الأكراد يتحول نظر الأميركيين نحو حقول النفط في الشرق رغم الانتقادات الموجهة لقرار ترامب سحب جنوده.
ويعتبر العديد من الخبراء أن الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في سوريا التي تقضي بحماية الحقول النفطية في شرق البلاد بعيدة عن الواقع ومشكوك في شرعيتها.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الجمعة “نحن نتخذ إجراءات لتعزيز موقعنا في دير الزور لمنع وصول” جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية “إلى الحقول النفطية”.
وأوضح إسبر ردا على سؤال عن إمكانية إرسال دبابات قتالية أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) “تقوم بتعزيز هذا الموقع والأمر سيشمل قوات ضخمة”.
لكن وزارة الدفاع الروسية شككت في الخطط الأميركية ووجهت انتقادات حادة لها معتبرة أن الإبقاء على وجودها العسكري في شرق سوريا وتعزيزه يأتيان ضمن ما وصفته بأنه “لصوصية دولة على الساحة العالمية” بدافع الرغبة في حماية مهربي النفط وليس من منطلق مخاوف أمنية حقيقية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن واشنطن لا تملك تفويضا بموجب القانون الدولي أو الأميركي لزيادة وجودها العسكري في سوريا وأن خطتها ليست مدفوعة بمخاوف أمنية حقيقية في المنطقة.
الولايات المتحدة اقترحت من قبل فكرة استغلال النفط السوري بالاتفاق مع موسكو، وإيداع الأرباح في صندوق للتنمية يوضع تحت تصرف الدولة بعد انتهاء النزاع
وأضافت في البيان “أن أفعال واشنطن الحالية، المتمثلة في الاستيلاء على حقول النفط في شرق سوريا والإبقاء على السيطرة العسكرية عليها، هي باختصار لصوصية دولة على الساحة العالمية”.
وتابع البيان قائلا إن القوات الأميركية وشركات أمنية خاصة في شرق سوريا توفر الحماية لمهربي النفط الذين يجنون ما يربو على 30 مليون دولار شهريا. وأعلن الرئيس ترامب في السادس من أكتوبر سحب العسكريين الأميركيين الألف المنتشرين في شمال شرق سوريا مفسحا بذلك المجال لعملية عسكرية تركية ضد قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد المكون الرئيسي فيها وحليفة واشنطن في مكافحة الجهاديين.
لكنه قال الأربعاء إن “عددا قليلا من الجنود” الأميركيين سيبقون في سوريا “في المناطق التي تحوي نفطا”، مؤكدا “قمنا بضمان أمن النفط”. وتابع ترامب “سنقوم بحمايته وسنقرر ماذا سنفعل في المستقبل”.
وأكد البنتاغون الخميس إرسال تعزيزات لحماية حقول النفط، دون توضيح حجمها.
رسميا، يهدف ذلك إلى منع تنظيم الدولة الإسلامية من الاستيلاء على الحقول النفطية الكبرى في البلاد، التي يسيطر عليها حاليا التحالف الكردي العربي ممثلاً بقوات سوريا الديمقراطية، في محافظة دير الزور (شرق) شرق الفرات، في موقع غير بعيد عن الحدود العراقية.
لكن هذه الإستراتيجية الجديدة تشكل، حسب رأي نيك هيراس، تحولا كاملا للولايات المتحدة التي كانت تبرر وجودها على الأرض السورية رغما عن الرئيس السوري بشار الأسد، بمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال هذا الخبير في النزاع السوري في مركز الأمن الأميركي الجديد (سنتر فور أيه نيو أميركيان سيكيوريتي) لوكالة فرانس برس إن إدارة ترامب تحاول “جعل أفضل الموارد النفطية للبلاد رهينة واستخدامها عملة للمقايضة، من أجل إجبار نظام الأسد وحماته الروس على قبول مطالب الولايات المتحدة” خلال تسوية سياسية للنزاع السوري.
وتابع هيراس أن “مهمة الولايات المتحدة تحولت من القتال النبيل في مواجهة أكثر منظمة إرهابية مكروهة في العالم إلى مناورة وهمية لإجبار الأسد على تغيير سلوكه عبر مصادرة النفط السوري”.
واقترح ترامب شخصيا الاثنين أن تقوم الولايات المتحدة “بإرسال واحدة من كبريات المجموعات النفطية” لاستغلال النفط السوري.
وصرح الموفد الأميركي الخاص السابق لسوريا بريت ماكغولاك الذي استقال في ديسمبر الماضي، في مؤتمر صحافي “سيكون ذلك أمرا غير قانوني”، مذكرا بأن النفط السوري ملك لشركة حكومية سورية “شئنا أم أبينا”.
وأضاف أن الولايات المتحدة اقترحت من قبل فكرة استغلال النفط السوري بالاتفاق مع موسكو، وإيداع الأرباح في صندوق للتنمية يوضع تحت تصرف الدولة بعد انتهاء النزاع. وأوضح أن “الروس لم تعجبهم الفكرة وأعتقد أنها لن تعجبهم اليوم أيضا”.
العرب