«مشعل» في السعودية: صفحة جديدة في العلاقات

«مشعل» في السعودية: صفحة جديدة في العلاقات

a1437311522

تتوجس حركة «حماس» من خطر كبير يحيق بالمخيمات الفلسطينية في لبنان، يجعل من خطر انتقال النار الإقليمية الى تلك المخيمات، وربما، عبرها، إلى الداخل اللبناني، قريبا من الواقع.

تتحرك «حماس» لبنانيا لمحاولة تجنيب المخيمات تلك النار، وتحذّر من مشروع ومخطط لاستهداف المخيمات عبر إثارة حرب داخلية بين الفصائل الفلسطينية، مع خلق وتعزيز تيارات دينية سلفية تكفيرية، ومن ثم إثارة فتنة بين الداخل الفلسطيني والخارج اللبناني، أو استغلال المخيمات لتتحول الى صندوق بريد لتوجيه رسائل متعددة الاتجاهات نحو محيطها، كما نحو العمق اللبناني.

وتستدل «حماس» على أكثر من محاولة لإثارة القلائل في أكبر تلك المخيمات، عين الحلوة، وحتى توسع تلك القلائل الى مخيمات أخرى، منها مخيم الرشيدية في أقصى الجنوب اللبناني. وقد شرعت الحركة في اتصالات فلسطينية داخلية، من ناحية أولى، لتشكيل قوة أمنية مشتركة تحفظ الاستقرار في المخيمات، إلا أن تلك القوة لا تزال عاجزة عن ضبط عين الحلوة، على سبيل المثال، في الكامل، نتيجة انفلاش التيار السلفي الذي تمكّن من جر الفصائل الى إشكالات عدة في الأسابيع الأخيرة.

كما تقوم الحركة، من ناحية ثانية، باتصالات مع الجانب اللبناني الرسمي، مؤكدة أن جميع المتورطين في الإشكالات سيسلمون إلى القضاء اللبناني، كما حصل بالفعل. أما الأهم في تلك الاتصالات، فيتمثل في التنسيق مع لبنان في كيفية تجنيب الساحتين الفلسطينية واللبنانية الأسوأ وهو وقف مساعدات وكالة «الأونروا».

هذا الأمر إذا حصل، ستكون له آثار سلبية على الانسان الفلسطيني الذي سيكون فريسة هشة لتيارات تريد توظيفه في إطار اجندتها الخاصة. وبالطبع، ستكون الساحة اللبنانية متضررا رئيسيا من تلك الاجندات، التي بدورها، ستكون نقيضة للهدف الفلسطيني الرئيسي في لبنان، والمتمثل في العودة إلى فلسطين.

ما يقلق «حماس» هو العجز اللبناني أمام هذا الخطر، والانقسامات اللبنانية الداخلية التي تضفي على السلطة اللبنانية صفة «المتفرج» على ما يحصل للفلسطينيين. كما تقلق «حماس»، بشكل أكبر، لعدم تحرك الأحزاب المعنية بالحق الفلسطيني ولا ترى مانعا يحول دون قيام تلك الأحزاب بدورها.

على أن الحركة طلبت من السلطة اللبنانية السماح لها ببرنامج لفاعليات رمزية وتحركات واعتصامات على الحدود اللبنانية الفلسطينية، في الناقورة ومارون الراس وبوابة فاطمة، في محاولة متواضعة للاضاءة على حق العودة ورفضا لما تقرره «الأونروا».

وتقول أوساط متابعة إن هاجس ضياع حق العودة، والقضية الفلسطينية ككل، دفع حركة «حماس» إلى أن تتحرك عربيا، وإلى الانفتاح على خصم سابق بالغ الأهمية بالنسبة الى القضية، هو السعودية، التي رحبت قيادتها الجديدة في ظل الملك «سلمان بن عبد العزيز»، بانفتاح الحركة، وزيارة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» «خالد مشعل» للرياض، للمرة الأولى منذ العام 2011 حين قام «مشعل» بتأدية مناسك العمرة.

وقد بدأت الاتصالات منذ التواصل الهاتفي الذي بادر إليه «خالد مشعل»، في فبراير/شباط الماضي، تجاه «سلمان» للتعزية بوفاة الملك «عبد الله بن عبد العزيز»، وطلب حينها «مشعل» من «سلمان» زيارة السعودية، حتى تمت أمس، علما انها تأخرت نتيجة «الانشغالات الاقليمية للسعودية»، حسب المتابعين.

وكان لافتا للنظر خلال الفترة الماضية، الموقف الذي أعلنت عنه «حماس» حيال أزمة اليمن، والذي بدا قريبا من الموقف السعودي، عبر دعم «الشرعية» في هذا البلد، أي الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، من دون الذهاب إلى تأييد العملية العسكرية السعودية، وقد كان لهذا الموقف آثارا إيجابية لدى الرياض.

ويشير المتابعون إلى أنها خطوة متقدمة بعد تدهور العلاقات بين الجانبين قبل 8 سنوات، حين حسمت «حماس» المعركة بوجه حركة «فتح» في غزة، ما اعتبرته الرياض موجها ضدها كونها كانت راعية للمصالحة الفلسطينية.

وتأتي زيارة «مشعل» على رأس وفد من «حماس»، إلى السعودية، تحت عنوان «العمرة» والتعزية بوفاة وزير الخارجية السعودي «سعود الفيصل»، ويصنفها البعض بالمؤشر الإيجابي الذي يبرهن على رغبة الرياض بتحييد «حماس» عن باقي أذرع «حركة الاخوان المسلمين»، وهو انفتاح يتقاطع مع آخر مماثل حصل بين القاهرة والحركة في الأسابيع الأخيرة.

لن يكتفي «مشعل» بالخرق الذي حدث و«الصفحة الجديدة» التي فتحت مع الرياض، حسب المتابعين، ويبدو أن البحث مع الرياض سيتناول قضايا هامة كالمصالحة الفلسطينية التي تبدي الرياض استعدادها لاستضافتها، شرط تقديم «حماس» و«فتح» طلبا بذلك. وقد قدمت «حماس» بالفعل طلبا إلى الرياض لرعاية المصالحة واستضافتها، وتنتظر الرياض طلبا مماثلا من «فتح»، حسب المتابعين، لكنها لم تحصل عليه حتى الآن.

عمار نعمه

صحيفة السفير اللبنانية