شهدت مدينة كربلاء ليلة عنيفة سقط فيها عشرات الضحايا، فيما تحدى المتظاهرون حظر التجول الليلي الذي فرضته السلطات في بغداد، كما يواصلون الاحتشاد منذ ساعات الصباح بعد يوم احتجاجي شهد توافد آلاف الطلاب إلى شوارع مدن عدة في العراق، في إطار التظاهرات المتواصلة في البلاد، غير آبهين بتحذيرات السلطات.
وقالت مصادر طبية وأمنية لرويترز اليوم الثلاثاء إن 14 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 865 أثناء الليل جراء فض الشرطة العراقية مظاهرات في كربلاء الليلة الماضية، فيما نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مصادر أمنية تأكيدها سقوط 18 قتيلا.
وذكر شهود عيان سماع إطلاق رصاص حي في محيط مجلس محافظة المدينة التي تبعد نحو مئة كيلومتر إلى جنوب بغداد.
وقد نفت قيادة الشرطة في مدينة كربلاء سقوط قتلى من المتظاهرين خلال فض قوات الأمن الاعتصام.
من جهته قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء عبد الكريم خلف إنه لا صحة لسقوط قتلى في كربلاء، مشيرا إلى أن الأرقام الرسمية تشير إلى إصابة 90 منتسبا و53 مدنيا، خرج منهم 35 بعد تلقيهم العلاج بالمستشفيات.
تحدي الحظر
وفي بغداد، تحدى متظاهرون قرارا بحظر التجول وشاركوا في تجمعات حاشدة الليلة الماضية في ساحة التحرير وسط العاصمة، كما خرج الآلاف سيرا وبسياراتهم مطلقين العنان للأبواق والأناشيد.
وقال مراسل الجزيرة إن الساحة شهدت تجمعات فاقت أعدادها تظاهرات الأيام الماضية، رافضين المغادرة رغم إطلاق الغازات المدمعة عليهم والتي استخدمتها القوات الأمنية في محاولة لتفريقهم.
وردد المحتجون شعارات تؤكد استمرارهم في المظاهرات حتى تلبية مطالبهم، وتتمثل في تحقيق إصلاحات اقتصادية، ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتوافدت حشود المتظاهرين صباح الثلاثاء إلى ساحة التحرير وسط بغداد، التي يحتلها المحتجون منذ مساء الخميس.
وكانت السلطات أعلنت حظرا للتجوال من الثانية عشرة من منتصف الليلة الماضية وحتى السادسة فجرا.
واكتسبت الحركة الاحتجاجية المطالبة بـ”إسقاط النظام” زخما الاثنين، مع مشاركة آلاف الطلاب في المظاهرات ببغداد ومدن جنوبية عدة.
والتحقت بالاحتجاجات نقابات مهن مختلفة بينها نقابة المحامين التي أعلنت إضرابا لمدة أسبوع، ونقابة المهندسين، وذلك رغم الإجراءات الأمنية التي تعرقل الوصول الى أماكن الاعتصام والتظاهر خصوصا في الجنوب.
وشهدت مدن مختلفة مظاهرات طلابية حاشدة، بينها الكوت والديوانية والناصرية والحلة والعمارة وميسان والبصرة، تمتد وسط وجنوب البلاد.
ففي الديوانية الواقعة على بعد مئتي كيلومتر إلى جنوب بغداد، قرّر الأساتذة والطلاب في كل الجامعات الحكومية والخاصة “اعتصاما لمدة عشرة أيام حتى سقوط النظام”، وفقا لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
وخرج آلاف الطلبة إلى الشارع في البصرة التي شهدت احتجاجات دامية مماثلة في صيف 2018، للمطالبة بتحسين أوضاع المحافظة التي تحمل الاسم نفسه.
وفي الناصرية جنوب البلاد ذكرت مصادر طبية أن ثلاثة محتجين فارقوا الحياة متأثرين بجروح أصيبوا بها في احتجاجات سابقة.
وللمرة الأولى منذ انطلاق الحراك المطلبي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الحالي، انضم الاثنين طلاب من مدينة بعقوبة -كبرى مدن محافظة ديالى شمال شرق بغداد- إلى الاحتجاجات التي تجمهرت عند مبنى مجلس المحافظة الذي استقال اثنان من أعضائه تضامنا مع المحتجين.
ومنذ بداية الحراك الشعبي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قتل 250 شخصا وأصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص.
امتصاص الغضب
وصوّت البرلمان العراقي في وقت سابق أمس على تشكيل لجنة برلمانية لتعديل الدستور، إضافة إلى وقف امتيازات كبار المسؤولين.
من جهته، قال الرئيس العراقي برهم صالح إن تشريع قانون جديد للانتخابات في العراق بدل القانون الحالي يمثل مرتكزا أساسيا للإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد.
ودعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أمس الاثنين إلى إجراء انتخابات مبكرة، بعد إعلان حظر التجول في العاصمة بغداد. ويدعم الصدر أكبر كتلة برلمانية، وساعد حكومة عادل عبد المهدي الائتلافية الهشة
على الوصول إلى السلطة.
المصدر : وكالات