دخلت الأسبوعَ الثالث المظاهراتُ الشعبية في بغداد وعدد من المحافظات الأخرى جنوب البلاد للمطالبة بالإصلاحات السياسية ومحاربة الفساد، بالتزامن مع تزايد دعوات المنظمات الدولية بالإسراع في وضع إطار قانوني للانتخابات.
وتباينت الآراء حول إمكانية وقبول فكرة إصلاح النظام الانتخابي والدعوات لانتخابات مبكرة، ومبادرة البعثة الأممية بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. والتقت رئيسة البعثة جينين بلاسخارت الاثنين المرجع الشيعي علي السيستاني بالنجف لبحث مطالب المتظاهرين، وأكدت أن بعثتها قدمت نصائح للحكومة وحان الوقت لتقدم شيئا.
أزمة نظام
وتعليقا على هذه التطورات، يقول رئيس مركز التفكير السياسي د. إحسان الشمري إن جزءا من أزمة النظام السياسي هو أن النظام الانتخابي وضع حسب مقاسات القوى الماسكة بالمعادلة السياسية بعد عام 2003، وهذا النظام كان البوابة التي أسست للمحاصصة والفساد ومن ثم وصول شخصيات لا تتمتع بالكفاءة إلى السلطة، فضلا عن تقاسم مفوضية الانتخابات من خلال هذه الأحزاب.
وعن الدعوات الداخلية والخارجية لإصلاح النظام الانتخابي، أوضح د. الشمري للجزيرة نت أنه يمكن المضي في هذا الموضوع إذا ما توفرت الإرادة خاصة بعد الضغط الجماهيري الذي سيدفع هذه القوى السياسية إلى تقديم بعض التنازلات.
أما قضية الانتخابات المبكرة فما زالت -كما يرى الشمري- غير مقبولة من بعض القوى السياسية خاصة الممسكة بالمعادلة وليس جميعها والتي ستتضرر حتما من إصلاح النظام الانتخابي خاصة كتلة الفتح بزعامة هادي العامري ومن التحق بها “لأن حكومة عادل عبد المهدي باتت حكومة هذه الكتلة الآن بعد أن تخلت عنها كتلة (سائرون) بزعامة مقتدى الصدر”.
قانون الانتخابات
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت أمس استكمال مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي يتضمن تقليص عدد النواب لنحو 30% (213 نائبا بدلا من العدد الحالي البالغ 329) كما يتم بموجبه إعادة تشكيل مفوضية الانتخابات من السلك القضائي والخبراء بعيدا عن المحاصصة الحزبية، فضلا عن تقليل عمر الترشح إلى ٢٥ سنة، واعتماد الصوت الأعلى في الدوائر الانتخابية.
ورأى د. الشمري -في تغريدة على تويتر- أن الهدف الرئيسي لهذه التعديلات احتواء المظاهرات وليس إتاحة تمثيل حقيقي للشعب لأنها كتبت وفق رؤية واتفاق الأحزاب، مشيرا إلى أن تنفيذ هذه التعديلات سيتعطل في البرلمان.
بالمقابل، يرى النائب عن ائتلاف “متحدون للإصلاح” د. ظافر العاني أن هناك رغبة لدى معظم الكتل السياسية بإعادة النظر بالقانون الانتخابي “ولكن لدينا ملاحظات على المسودة التي أعدتها رئاسة الجمهورية، خاصة المتعلقة بما يحتاجه المجتمع، والفقرة الخاصة بإشراف القضاء على الانتخابات كدائرة انتخابية، لأن عددا كبيرا من الأقضية مسيطر عليها من قبل أحزاب سياسية معينة خاصة في نينوى وصلاح الدين وديالى”.
وقال العاني للجزيرة نت إنه نتيجة لذلك لن يكون هنالك تمثيل واضح يعكس صورة المجتمع بهذه المحافظات، فضلا عن عدم وجود قدرة فنية لدى مفوضية الانتخابات بإجراء انتخابات في الأقضية بحدودها الجغرافية الحالية، ومن دون وجود إحصاء سكاني، لذلك سيكون لمجلس النواب رأيه بهذا المشروع المقترح “ونحن مع إجراء تعديلات جوهرية لضمان وجود تمثيل أوضح لمن يحققون أعلى الأصوات بالانتخابات المقبلة”.
آراء الناشطين
ويرى ناشطون أن تشريع قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات مبكرة خطة جيدة، لكن يجب أن تسبق ذلك التعديلات الدستورية.
وفي هذا الإطار، يقول الناشط المدني د. عدنان بهية إن الأكراد سيكونون عقبة أمام تنفيذ هذه التعديلات بسبب استفادتهم من الوضع الحالي، لذلك هناك حاجة إلى قدرة كبيرة من الدفع وتوحيد الرؤى لتمرير مثل هذا القانون، كما “نحتاج إلى تشكيل مفوضية انتخابات جديدة تكون مستقلة تماما، وهذه العملية قد تحتاج ثلاثة أشهر حتى يمكن إجراء انتخابات مبكرة في أبريل/نيسان المقبل على أقل تقدير”.
أما الإعلامي أحمد الشيخ ماجد فيرى أن “تغيير قانون الانتخابات إلى قانون منصف وعادل -لا يؤسس إلى هيمنة أحزاب التمثيل الطائفي والعرقي من جديد- يعد من المطالب المهمة والأساسية للمتظاهرين بعد إقالة الحكومة”.
وأكد للجزيرة نت أن هناك حراكا يجري لتعديل قانون الانتخابات “لكن المتظاهرين يخشون من إعادته بصياغات مختلفة تصب في ذات الهدف” وهو إبقاء هيمنة الأحزاب الكبيرة وتهميش الصغيرة منها، مشيرا إلى أن الشارع حتى الآن هو “الضاغط لتحقيق قانون انتخابي عادل”.
المصدر : الجزيرة