بغداد ـ قتل شخصان وأصيب العشرات بجروح وحالات اختناق ليل الأربعاء الخميس، مع استخدام القوات الأمنية العراقية الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في مواجهة متظاهرين في بغداد، بحسب مصادر أمنية وطبية.
وتهز احتجاجات انطلقت منذ الأول من أكتوبر، بغداد وبعض مدن جنوب العراق، مطالبة بـ”اسقاط النظام” والقيام بإصلاحات واسعة، متهمة الطبقة السياسية بـ”الفساد” و”الفشل” في إدارة البلاد. وقتل أكثر من 330 شخصاً، غالبيتهم متظاهرون، منذ بدء موجة الاحتجاجات.
ويسعى المتظاهرون بشكل متكرر لفك الطوق المفروض من القوات الأمنية على هذه الجسور، والعبور من الرصافة الى الكرخ حيث تقع المنطقة الخضراء التي تضم غالبية المقار الحكومية والعديد من السفارات الأجنبية، وهو ما تقوم قوات الأمن بصده.
وصباح الخميس، أفادت مصادر طبية عن “مقتل متظاهرين اثنين، أحدهما بالرصاص والآخر بقنبلة غاز مسيل للدموع، خلال مواجهات وقعت بعد منتصف الليل وحتى فجر اليوم على جسري السنك والأحرار”.
ووجهت منظمات حقوقية انتقادات للقوات الأمنية العراقية لإطلاقها قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر ما أدى إلى وفيات وإصابات “مروعة”، إذ تخترق تلك القنابل الجماجم والصدور.
وخارج العاصمة، أدت الاحتجاجات خلال الأسابيع الماضية الى إقفال العديد من الدوائر الحكومية وقطع الطرق المؤدية الى مرافق حيوية لاسيما موانئ مثل خور الزبير وأم قصر في محافظة البصرة الغنية بالنفط.
وقال الملازم في شرطة البصرة جميل الحجي في تصريحات صحفية، إن العشرات من المتظاهرين أغلقوا طرقاً تؤدي إلى معبر سفوان وميناء خور الزبير.
وأضاف الحجي أن المحتجين يعتزمون الاعتصام على تلك الطرق بغية شل الحركة في الميناء والمعبر الحدودي، مرجحاً أن تقوم القوات الأمنية على تفريقهم في الساعات القليلة المقبلة.
ويعمد المتظاهرون في محافظة البصرة على نحو متزايد إلى قطع الطرق المؤدية إلى المنشآت الحيوية مثل المعابر وحقول النفط والموانئ لزيادة الضغط على الحكومة.
وقال شهود عيان إن حركة المظاهرات والاعتصامات والاضراب عن الدوام في المدارس والجامعات وعدد من المؤسسات الحكومية مازالت متواصلة ولم تنقطع بمشاركة مختلف القطاعات في مناطق متفرقة من ساحات التظاهر.
وتعد البصرة مركز صناعة النفط في العراق، كما أنها المحافظة الوحيدة المطلة على الخليج العربي، حيث تضم خمسة موانئ وعدة منصات لتحميل النفط الخام على الناقلات البحرية.
ولاتزال المدارس والجامعات والمعاهد وعدد من المؤسسات والمحال التجارية تغلق أبوابها خاصة في المحافظات الجنوبية، فيما شلت الحركة في عدد كبير من الشوارع جراء قطع عدد من الجسور في بغداد والمحافظات لمنع توسع رقعة المظاهرات مما ولد حالة من الاختناقات المرورية.
والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا مواجهات مع قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران.
زيادة الضغط على الحكومة
العراقيون لا يتراجعون عن مطالب “إسقاط النظام”
وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تشمل مطالبهم رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.
ويرفض عبدالمهدي الاستقالة، ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولا على بديل له، محذرا من أن عدم وجود بديل “سلس وسريع”، سيترك مصير العراق للمجهول. ومع تمسكه بالسلطة ورفضه الانصياع لمطالب المحتجين رفض شيوخ قبائل جنوبي العراق، الأربعاء، لقاء رئيس الوزراء وقالوا إنهم يؤيدون الاحتجاجات المناوئة للحكومة.
وفي وقت سابق الأربعاء، التقى عبدالمهدي، عدداً من شيوخ القبائل من وسط وجنوبي البلاد، لحثهم على مساعدة الحكومة في نزع فتيل الاحتجاجات.
لكن شيوخ قبائل محافظة كربلاء ومناطق أخرى في الجنوب، قالوا إنهم رفضوا لقاء عبدالمهدي.
وذكر بيان صادر عن شيوخ عموم عشائر كربلاء إنهم رفضوا دعوة عبدالمهدي للقائه في بغداد، مشددين على أنهم يساندون “المظاهرات السلمية لأبناء شعبنا لما لاقاه من الظلم والحيف والفقر والتشريد”.
وأردف البيان، أن “الشيوخ رفضوا الاعتداء على الممتلكات العامة والتجاوز على الأجهزة الأمنية”، وأنه “لا حل إلا بالتظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق المشروعة”.
من جانبها، أعلنت عشائر “آل زريج”، المنتشرة جنوبي البلاد، رفضها أيضا مقابلة عبدالمهدي.
وأكدت في بيان آخر “دعمها للمتظاهرين، وتغيير مفوضية الانتخابات، وتعديل الدستور، فضلا عن إجراء انتخابات مبكرة، وإحالة الفاسدين للقضاء”.
ولا تزال العشائر تلعب دوراً رئيسياً في المجتمع العراقي، وهي تدعو إلى مواجهة النفوذ الإيراني.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، انضم أبناء العشائر وشيوخها على نحو متزايد في الاحتجاجات الشعبية المناوئة للحكومة.
العرب