مازالت التوقعات حول افاق الاقتصاد العالمي ضعيفة خصوصا مع الازمات الاقتصادية التي مازالت تعصف باقتصادات عدد من الدول حول العالم والتي بدورها تشكل تهديدا لاقتصادات دول أخرى .
في الحقيقة الواقع الاقتصادي العالمي يثير تخوفات المحللين والمراقبين حول افاق النمو في الاقتصادات العالمية خصوصا في ظل الازماتالاقتصادية والتوترات السياسية حول العالم .
وفي تقرير جديد له قال صندوق النقد الدولي أن الانتعاش الاقتصادي يستمر بصورة تدريجية، ولكنه يتوقع أن يشهد النمو الاقتصاد العالمي انخفاضا طفيفا في عام 2015.
ويضيف التقرير ان هذا يمثل انتكاسة غير متوقعة في النشاط الاقتصادي في الربع الأول من عام 2015 معظمها في أمريكا الشمالية.
الاقتصادات المتقدمة
يرى التقرير إن النمو القوي في الاقتصادات المتقدمة كان الدافع وراء الزيادة في النمو العالمي في 2015.
ومن المتوقع أن تشهد هذه الاقتصادات نموا بزيادة تتراوح بين 1.8 في المئة في عام 2014 و 2.1 في المائة في عام 2015، و 2.4 في المئة في عام 2016.
وفي هذا الاطار قال الخبير الاقتصادي في صندوق النقد الدولي اوليفييه بلانشار في مقابلة مع اذاعة الامم :”اذا نظرتم الى الاقتصادات المتقدمة، فهي في الواقع تعاني من موروثات الأزمة. وبالنظر إلى المستقبل، فمن المحتمل أن تنمو بصورة أقل. وإذا نظرتم الى اقتصادات الأسواق الناشئة، فقد شهدت حقا انخفاضا كبيرا نسبيا في النمو. وبشكل عام، فإن هذا لا يعد شيئا عظيما. ما نتوقعه لهذا العام هو 3.3 في المئة بالنسبة للاقتصاد العالمي… و 3.8 في المئة في العام المقبل. إن الوضع ليس سيئا للغاية، وأيضا ليس شيئا عظيما “.
هذ الضعف غير المتوقع في أمريكا الشمالية في بداية عام 2015، وهو ما مثل النمو المتوقع لعام 2015، حيث من المرجح أن يثبت أنه نكسة مؤقتة
ويوضح التقرير ان الدوافع الأساسية للاستهلاك والاستثمار في الولايات المتحدة وزيادة الأجور، وظروف سوق العمل، والظروف المالية السهلة، وانخفاض أسعار الوقود، وتعزيز سوق الاسكان ستبقى على حالها.
اقتصادات اليورو
ويعد الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو أكثر ثباتا، مع وجود علامات على الزيادة في الطلب المحلي والتضخم. وقد تم تعديل توقعات النمو للعديد من الاقتصادات في منطقة اليورو “على سبيل المثال: إسبانيا، إيطاليا”، ولكن بالنسبة لليونان، فمن المحتمل أن تتضرر بالأنشطة التي تتعلق بالتوقعات السابقة بصورة كبيرة .
أزمة اليونان
تعد ازمة الديون في العن الوضع في اليونان، قال بلانشار: “إن ما يحدث في اليونان مثير ومحزن، إذ ستشهد اليونان وقتا عصيبا جدا. ولكن بالنسبة للعالم ككل، تعتبر اليونان بلدا صغيرا جدا. فهي تساهم في أقل من نصف في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم. وتشكل حوالي 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو. إن الروابط الميكانيكية، سواء كانت مالية أو تجارية محدودة نسبيا، وبالتالي فإن الآثار الميكانيكية ستكون صغيرة.
وما يدعو للقلق في مثل هذه الحالات الآن هو ما ذكره رامسفيلد عندما قال إن الأمور المجهولة، كما تعلمون، من الممكن أن تتسبب الأشياء التي لم نفكر بها في عرقلة شيء أكبر “.
أما في اليابان، فقد كان النمو في الربع الأول من العام الحالي أقوى من المتوقع، ولكن المفاجأة انعكست في تراكم المخزون. ومع ضعف الزخم في الأجور الحقيقية والاستهلاك، فمن المتوقع أن يكون النمو الآن في عام 2015 أكثر تواضعا.
ومن المتوقع أن يتباطآ النمو في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من 4.6 في المئة في 2014 إلى 4،2 في المئة في عام 2015.
وتشمل العوامل الأخرى إعادة التوازن في الصين، والاختناقات الهيكلية، والضائقة الاقتصادية المتعلقة بالعوامل الجيوسياسية لا سيما في رابطة الدول المستقلة وبعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويؤكد صندوق النقد الدولي على أن أولويات السياسة الاقتصادية يجب أن تستمر في رفع الناتج الفعلي والمحتمل من خلال الجمع بين دعم الطلب والإصلاحات الهيكلية ويقول بلانشار: ومن المتوقع أن يصل النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة والنامية في عام 2016 إلى نسبة 4.8 في المئة، ويرجع هذا للتحسن المتوقع في الأوضاع الاقتصادية في عدد من الاقتصادات المتعثرة، بما في ذلك روسيا وبعض اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
وتشمل المخاطر الأخرى انخفاض النمو على المدى المتوسط أو عودة بطيئة إلى العمالة الكاملة في ظل انخفاض أزمة التضخم وأزمة الموروثات في الاقتصادات المتقدمة، وتباطؤ أكثر حدة مما كان متوقعا في الصين، والآثار غير المباشرة للنشاط الاقتصادي من زيادة التوترات السياسية في أوكرانيا والشرق الأوسط وأجزاء من أفريقيا.
ولا تزال مخاطر التطورات السلبية هي الغالبة على توزيع المخاطر امام النشاط الاقتصادي العالمي.
ومن المخاطر على المدى القصير زيادة تقلب الاسواق المالية والتحولات المربكة في اسعار الاصول، بينما ما يزال انخفاض نمو الناتج المحتمل من ابرز المخاطر على المدى المتوسط في كل من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الاسواق الصاعدة، كذلك يشكل انخفاض اسعار السلع الاولية مخاطر على الآفاق في الاقتصادات النامية منخفضة الدخل بعد سنوات طويلة من النمو القوي.
بحسب الخبراء فإن على الاقتصادات إجراء اصلاحات هيكلية ترفع الانتاجية وتزيل الاختناقات في عملية الانتاج .
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية