قدم مسؤولون بارزون في القطاع المالي العراقي صورة قاتمة لمستقبل اقتصاد البلاد، في حال نفّذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده بفرض عقوبات على العراق، وذلك خلال اجتماع رفيع شارك فيه نواب في البرلمان.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن الاحتمالات كافة التي طرحت، تستند إلى فرضية استمرار خضوع الحكومة العراقية لوجهة النظر الإيرانية، في ظل الصراع المشتعل بين طهران وواشنطن في المنطقة، والعراق على وجه الخصوص.
التوقف عن تزويد العراق بالدولار
محافظ البنك المركزي العراقي ورئيس ديوان الرقابة المالية ووكيل وزارة المالية، أقروا خلال الاجتماع بـ “إمكان إيقاف تزويد العراق بالدولار النقدي”، في إطار العقوبات الأميركية المتوقعة، بالنظر إلى السيادة الكاملة التي تملكها الدول على عملتها، وهو تطور من شأنه أن يؤدي إلى تراجع قيمة الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية.
عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي ماجدة التميمي، قالت إن “البلاد ستواجه مخاطر كبيرة لو توقفت الولايات المتحدة عن دعمها بعملة الدولار، إذ يتوجب عليها البحث عن عملة بديلة”، مشيرة إلى أن “معظم البنوك العالمية لديها شروط صعبة وقيود للتعامل مع العراق بوصفه بلداً غير مستقر ولديه مشاكل عدة، وسيجري التعامل معه بحذر شديد، فضلاً عن أن التحول إلى عملات أخرى يتطلب تغيير السلوك التجاري للبلد”.
ملف الديون
ومنذ إسقاط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 2003، تخضع واردات بيع النفط العراقي إلى حماية يشرف عليها الرئيس الأميركي شخصياً، ويجري النظر فيها سنوياً.
تمنع هذه الحماية الرئاسية، دائني العراق من الوصول إلى أموال النفط، وهو إجراء ضمن تدفق المال على بغداد طيلة الأعوام الماضية.
ووفقاً للتميمي، فإن العراق مدين لدول وشركات أجنبية بـ 28 مليار دولار، بالإضافة إلى ديون لدول الخليج قيمتها 41 مليار دولار، تعود لحقبة صدام حسين.
وفي حال رفع الحماية الأميركية عن الحساب العراقي في الولايات المتحدة الذي يستقبل عوائد النفط، سيتمكن الدائنون من الوصول إلى الأموال المودعة فيه، ما يورط بغداد في إشكاليات معقدة.
حظر التعامل مع “سومو”
ومن بين الاحتمالات التي ناقشها مسؤولو القطاع المالي في العراق، ذهاب الولايات المتحدة باتجاه حرمان جهات عراقية معينة من القيام بنشاطاتها أو حظر التعامل معها من قبل معظم الشركات العالمية، لاسيما الشركات المختصة بتسويق النفط العراقي.
وتخشى بغداد أن تمنع الولايات المتحدة بعض الشركات العالمية من التعامل مع الشركة الوطنية لتسويق النفط، التي تعرف اختصاراً بـ “سومو”، وهو إجراء سبق أن اختبر في الحالة الإيرانية، وكان مفعوله قاتلاً بالنسبة إلى الاقتصاد الأحادي، الذي يقوم على البترول فقط، كحالة الاقتصاد العراقي.
عقوبات الخزانة
الاحتمال الرابع الذي كان حاضراً على طاولة مسؤولي قطاع المال في العراق، يتعلق بإمكان إدراج الولايات المتحدة كيانات أو شخصيات عراقية على قائمة الحظر التي تديرها وزارة الخزانة الأميركية، ما يعرض أصولها المالية لخطر التجميد ويحرمها من التعامل دولياً بالدولار.
ويمكن أن يشمل الحظر المتوقع البنك المركزي نفسه، وهو مستودع المال الرئيسي في العراق، كما يمكن أن يشمل مسؤولين في السلطة التنفيذية، وفقاً لمراقبين، وهو إجراء يقيد التعاملات المالية بشكل كبير، نظراً لخشية معظم البنوك الدولية من إغضاب الولايات المتحدة في حال تجاوزت قرارت الحظر.
وتقول التميمي، إنه “لا يمكن مقارنة الحصار الاقتصادي الذي جرى فرضه على العراق في التسعينيات وكيفية إدارته وتدبير الأموال اللازمة لتسديد الالتزامات، مع الوضع الراهن للعراق الذي لا يستطيع أن يتحمل هكذا صدمات”، مشيرة إلى وجود “فرق كبير في أعداد الموظفين ومن ثم الرواتب (بين الوضع في التسعينيات والوضع الحالي)، فضلاً عن وجود شركات صناعية رابحة آنذاك استخدمت أرباحها لتغطية الرواتب”.
وطالبت التميمي بـ “دراسة الموقف والأخطار المحتملة على العراق بشكل مستفيض، تمهيداً لاتخاذ القرارات السليمة ووضع البدائل المستندة إلى تحقيق مصلحة العراق أولاً وأخيراً”.
محمد ناجي
اندبندت العربي