تسابق إيران الجولة الرابعة بدور للوكالة الدولية للطاقة الذرية

تسابق إيران الجولة الرابعة بدور للوكالة الدولية للطاقة الذرية

اياد العناز 

ضمن أروقة المفاوضات الأمريكية الإيرانية وفي جولتها الثالثة وبحضور الفرق الفنية التي دعمت النقاشات العلمية والعملية للبرنامج النووي الإيراني، أكدت على ضرورة إشراك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المباحثات الثنائية ليكون لها الدور البارز فيما تم الوصول إليه مديات تخص عمليات لتخصيب اليورانيوم وخزن الطرود المركزية الفاعلة وكمية المواد الانشطارية التي لها الدور الكبير في صناعة الأسلحة النووية.
وهذا ما تحقق ميدانيًا بوصول وفد من الوكالة الدولية إلى إيران بتاريخ الثامن والعشرين من شهر نيسان 2025 لإجراء مباحثات فنية مع الخبراء الإيرانيين وللوقوف على أنشطة وفعالية إيران النووية وتحقيق الرقابة الميدانية في المواقع النووية، والتي ستبدي إيران موافقتها لكل متطلبات الخبراء الفنيين ليكون حافز وداعم لها في الجولة الرابعة سعيًا لتحقيق أهدافها وغاياتها بالتوصل لاتفاق نووي يفضي إلى رفع العقوبات عنها وبقاء دورها وتأثيرها السياسي بضمان وجودها وعدم التعرض لنظامها وادامة علاقتها الدولية.
حرصت إيران على أن يكون للدور الأوربي مكانة في المفاوضات لتوسيع دائرة التأثير السياسي ولمنع دول ( ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) من استخدام فاعلية ضغط الزناد التي تلوح بها إمكانية تمديد العقوبات الاقتصادية على إيران في 15 تشرين الأول 2025، وهي المدة التي حددتها اتفاقية العمل الشاملة المشتركة في حالة عدم التزام إيران بما اتفق عليه في الاتفاق النووي الذي وقع في تموز 2015.
بدأت الأوساط الإيرانية بالحديث عن ما يمكن تحقيقه من قبل الوفد الإيراني المفاوض وضرورة التمسك بالثوابت المعلنة من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي باستمرار الحوارات واعتماد صيغ فاعلة في الاحتفاظ بمكتسبات تم تحقيقها في مجال النشاط العلمي للبرنامج النووي وفاعليته مع الأدوات والوسائل المتطورة في برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وذكر المتحدث بأسم لجنة السياسات الخارجية في البرلمان الإيراني ( أبراهيم رضائي) أن نائب وزير الخارجية الإيراني ابلغهم بأن طهران ( لم ولن تتفاوض بشأن خطوطها الحمراء المتمثلة في وقف تخصيب اليورانيوم والقدرات الدفاعية والقوة الإقليمية، وأن التركيز الحالي محصور في الملف النووي وسنرفض اي محاولات لفرض شروط إضافية)،
يمكن الاستدلال على هذا الحديث بأن الغاية منه إعطاء فسحة من الأمل والدعم الشعبي للحكومة الإيرانية كون الجلسة تعقد في مجلس الشورى وبغية تعزيز الدور التفاوضي واقناع أبناء الشعوب الإيرانية بثوابت السياسة الإيرانية، ولهذا فهي رسائل للداخل وليس للعالم، ولهذا طالب أعضاء المجلس بضرورة رفع العقوبات المفروضة على النفط والبتروكيماويات والغاز والشحن والعلاقات المالية والمصرفية والإفراج عن الأصول والأموال الإيرانية المحتجزة في الخارج وإنهاء ملف إيران في مجلس الأمن الدولي ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية،وهم يدركون أن هذه المتطلبات لا يمكن تحقيقها إلا بقبول إيران بالتعامل الصريح مع ما طلبته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في معالجة صريحة وفاعلة لمنع أي حالة تطور واستمرار في بناء البرنامج النووي ووقف عمليات التخصيب والاكتفاء بنسب معينة على أن تكون جميع الإجراءات تحت رعاية ومراقبة مفتشي الوكالة الدولية، وأن عملية رفع العقوبات وإنهاء الملفات الأخرى لا تأتي دفعة واحدة وإنما عبر مراحل لحين التأكد من مصداقية التطبيق الفعلي لأي اتفاق نووي دائم تتفق عليه الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
وجود خبراء الوكالة الدولية في أي اجتماعات قادمة يساهم في اتخاذ القرار المناسبة ويمنح المناقشات أهمية بالغة في تحديد مستقبل البرنامج النووي وطبيعة علاقات إيران مع الإدارة الأميركية والدول الأوربية، ولهذا تسعى إيران للتنسيق مع روسيا والصين والتواصل معهما على أعلى المستويات في إمكانية مشاركتها في جولات الحوار القادمة أو التدخل لدى الولايات المتحدة الأمريكية لتخفيف سياسة الضغط الأقصى ضدها.
سعي الدوائر العسكرية والأمنية الإيرانية لإثبات وجودها عبر ممارسة العديد من الفعاليات الميدانية التي تتزامن مع موعد عقد جولات الحوار تتابعها الإدارة الأمريكية وتعلم حقيقتها والغاية منها وأنها سوف لا تشكل أي حالة ضغط عليها في المفاوضات لأنها تعلم قدرة إيران التسليحية، وهي تقرأ ما أعلنته صحيفة طهران تايمز الحكومية في 31 آذار 2025 بأن الصواريخ الإيرانية محملة على منصات إطلاق في جميع مدن الصواريخ تحت الأرض وجاهزة للإطلاق وأن شبكة إطلاق الصواريخ البالستية معظمها منصات متنقلة ولكنها مركبة أيضًا في صوامع مدفونة تحت الأرض وهناك شبكة أنفاق تحت الخرسانة بنتها إيران لخزن جميع الصواريخ، تعلم واشنطن أنها رسائل إيرانية تؤكد مدى الاستحكامات الأمنية المستخدمة في حماية القدرة الصاروخية والحفاظ عليها واستخدامها في الوقت الملائم.
أن القادم من الأحداث ونتائج الحوارات وما ستسفر عنه المفاوضات التي أعلن عن جولتها الرابعة في الثالث من آيار 2025 وزير الخارجية العُماني بأنها ستكون على مستويات أكبر، وهذا يعني أن المفاوضات وصلت إلى درجة مناسبة وحققت ما ترغب فيه الإدارة الأميركية وأن الأمر يحتاج لقرار سياسي بل سيادي يتعلق بامكانية التوصل إلى اتفاق دائم،
وتحقيق صفقة كبيرة تلبي رغبات المفاوض الأمريكي والتزامه برسالة الرئيس ترامب للمرشد الأعلى وتحقق لإيران مبتغاها في ضمانة أمريكية بعدم التعرض لنظامها السياسي وبقائه ورفع العقوبات الاقتصادية وانسحاب واشنطن من الاتفاق القادم.
إن إطالة أمد التفاوض بين إيران والولايات المتحدة فرصة تسعى إليها إيران لتقليل احتمالات توجيه ضربة عسكرية لها وكسب الوقت لمنع أي إجراءات تستهدف البنية التحتية لصناعتها النفطية ومواقع منصات صواريخها البالستية، في حين أن الأهداف الأمريكي ليس مع سياسة إطالة الوقت وتعدد الجولات وإنما هو اختيار أمريكي للتفاوض مع إيران وعدم التلويح بالعمل العسكري إلا إذا فشلت جولات المفاوضات والسياسية الدبلوماسية بين البلدين.

وحدة الدراسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة