شكوك أردوغان بولاء الجيش وراء استبعاد المواجهة في إدلب

شكوك أردوغان بولاء الجيش وراء استبعاد المواجهة في إدلب

أنقرة – بات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على موعد يومي مع إطلاق التهديدات بشأن الرد على تقدم الجيش السوري مدعوما بقوات روسية في إدلب دون فعل، وهو موقف اعتبره متابعون للشأن التركي يعكس غياب الثقة لدى الرئيس التركي في ولاء قادة الجيش، فضلا عن شكوكه في الخبرات الميدانية للجيش الذي ظل لسنوات طويلة يقاتل الأكراد دون تحقيق أيّ نجاحات.

وقال أردوغان، الأربعاء، إن الجيش التركي سيضرب القوات السورية المدعومة من روسيا في أيّ مكان بالوسائل البرية أو الجوية إذا أصيب أيّ جندي تركي بسوء، مشددا على أن بلاده عازمة على طرد قوات النظام السوري إلى ما وراء مواقع المراقبة التركية في إدلب بشمال غرب سوريا بنهاية فبراير.

ورغم استهداف القوات السورية لنقاط مراقبة تركية في أكثر من مرة ما أدى إلى مقتل جنود أتراك، إلا أن أردوغان ظل يردد تهديداته بضرب قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وإعطائها مهلا للانسحاب دون أن ينفذ أيّا من تهديداته.

ويرى المتابعون للشأن التركي أن أردوغان ليس متأكدا من قدرة الجيش التركي على دخول حرب بمواجهة الأسد وموسكو لاعتبارات منها أنه لا يثق بمستوى الطاعة والولاء بعدما فعله بكبار قادة الجيش من إقالات واعتقالات وإهانات عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016.

ويشير هؤلاء إلى أن الترقيات التي تمت لتعويض القادة المتمرسين سيطرت عليها الترضيات الحزبية والعلاقات الشخصية ولا يعرف مدى قدرة القادة الجدد على خوض المعارك ومدى خبراتهم الميدانية، وهو ما جعل أنقرة تدفع بمجموعات المعارضة السورية الحليفة لخوض المعارك بدلا عن القوات التركية في عفرين.

وقال إلهان تانير، الكاتب في موقع أحوال تركية، إن أنقرة جهّزت أعدادا كبيرة من المنتمين إلى الميليشيات السورية خلال العمليات التي شنتها عبر الحدود على سوريا منذ سنة 2016، وفي ليبيا خلال الفترة الأخيرة، وهي تعتمد نفس التكتيك إلى اليوم، حيث اختارت إرسال مقاتلين سوريين إلى إدلب، لكنها قررت إرسال المزيد من العربات المدرعة كتعزيزات.

واعتبر تانير في تصريح لـ”العرب” أن حكومة أردوغان تراهن على المقاتلين السوريين وتعتمد عليهم أكثر من الجنود الأتراك حتى تتجنب عواقب خسارة المنتمين إلى صفوفها، ما قد يساهم في هز مكانة الرئيس السياسية الهشة. في المقابل، لا يهتم أيّ مواطن تركي بحصيلة القتلى في صفوف المقاتلين السوريين.

واكتفى أردوغان إلى حدّ الآن بالدفع بقوات تركية إلى المناطق السورية في حركة استعراضية تهدف إلى إظهار القوة والحزم ومحاولة تحصيل تنازلات من روسيا، لكن خياره الرئيسي في المواجهة إذا خرجت الأوضاع عن السيطرة سيكون القصف الجوي والمدفعي.

ويدرك الروس والسوريون نقطة الضعف التركية، ولذلك يستمرون بتنفيذ أجندة استعادة إدلب بشكل متسارع، موجهين رسائل إنذار قوية لأردوغان من خلال استهداف أرواح جنود في نقاط المراقبة.

واتهم الكرملين تركيا، الأربعاء، بعدم الالتزام بالاتفاقات التي أبرمتها مع روسيا “لتحييد” المتشددين في محافظة إدلب السورية.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الهجمات على القوات السورية والروسية مستمرة في المنطقة، في تحدّ واضح لتصريحات الرئيس التركي الذي لوّح باستهداف القوات السورية على أكثر من جبهة وبأساليب مختلفة.

وأضاف أن موسكو لا تزال ملتزمة بالاتفاقات مع أنقرة، لكنها تعتبر أن الهجمات في إدلب غير مقبولة وتتنافى مع الاتفاق مع أنقرة. ولفت بيسكوف إلى أن “تعهد الجانب التركي على وجه الخصوص، بموجب هذه الوثيقة (الاتفاق)، بضمان تحييد الجماعات الإرهابية في إدلب”.

وأضاف في مؤتمر صحافي عبر الهاتف “ما زلنا نلاحظ بكل أسف أن تلك الجماعات تنفذ هجمات من إدلب على القوات السورية وتقوم أيضا بأعمال عدائية ضد منشآتنا العسكرية”، معتبرا أن “هذا غير مقبول ويتنافى مع اتفاقات سوتشي”.

من جهتها، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان لها، أن وجود قوات ومدرعات تركية في منطقة إدلب بسوريا يجعل الوضع أسوأ بكثير وكذلك نقل الأسلحة والذخيرة عبر الحدود السورية – التركية.

وأبرمت روسيا اتفاقا مع تركيا في عام 2018 لإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، لكن ذلك الاتفاق، إلى جانب غيره من الاتفاقات بين البلدين، تعرّض لضغوط مع تزايد التوتر في المنطقة.

ووصفت دمشق الأربعاء الرئيس التركي بأنه شخص “منفصل عن الواقع” بعد تهديده باستهداف القوات السورية في كل مكان.

وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، “يخرج علينا رأس النظام التركي بتصريحات جوفاء فارغة وممجوجة لا تصدر إلا عن شخص منفصل عن الواقع (…) ولا تنمّ إلا عن جهل”.

العرب