قلق روسي واسترخاء أميركي

قلق روسي واسترخاء أميركي

1331846704

وضع الروسي عنواناً عريضاً لتحركاته في المنطقة وهو محاربة «داعش»، فيما لا يبدو الأميركيون متحمسين لمجاراته باعتبار أنهم لا يريدون القيام بشيء يوحي للرئيس السوري بشار الأسد بأنه سيكون في إمكانه الاحتفاظ بالسلطة. بالتالي فإن ما تم تداوله في كواليس اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك عن مبادرة أميركية موعودة لحل في سورية، يبدو بعيد المنال، اذا كان مبنياً على تلميحات تتعلق باستمرار الأسد لمرحلة انتقالية.

وما يعتبره الروس وآخرون، تبلداً اميركياً في مناقشة حل يضع حداً لانعكاسات الأزمة السورية، مردّه ان الولايات المتحدة ليست مستعجلة لإنضاج تسوية تتضمن تنازلات، فلا هي مهددة بانتشار حركات التطرف على أبوابها ولا هي تعاني مثل الأوروبيين من تدفق آلاف اللاجئين الى شواطئها.

وعلى طريقة «الدجاجة قبل، أم البيضة»، ثمة نقاش عقيم في الأوساط الأوروبية حول ما اذا كانت معالجة أزمة الهجرة تكمن في التخلص من النظام السوري باعتباره مسبباً لها، ام أن حرباً على هذا النظام انتجت الأزمة؟

أما روسيا فهي في وضع مختلف تماماً يقتضي منها الحسم، فعدا عن طموحاتها في بقاء أسطولها في المياه الدافئة، ومخاوفها من تحوّل التقسيم امراً واقعاً في سورية، ثمة بواعث قلق جدي لدى موسكو من انتشار التطرف الى حدود جمهوريات آسيا الوسطى. وهو أمر تجلت بوادره في تحذيرات من تمدد تنظيم «داعش» في أنحاء افغانستان.

واللافت انه غداة صدور تقرير لـ «لجنة مراقبة تنظيم القاعدة في أفغانستان» التابعة للأمم المتحدة، يحذر من تنامي وجود «داعش» على الأراضي الأفغانية، شن التنظيم هجوماً استهدف مراكز أمنية في الشرق الأفغاني المتاخم للحدود الباكستانية حيث تحدث مسؤولون تابعون لسلطات كابول عن مشاركة «مئات من اتباع داعش» في تلك الهجمات، في حين ترى إسلام آباد مبالغة في فحوى تقرير الأمم المتحدة عن رفع شعارات لـ «داعش» في 25 من أصل 34 ولاية افغانية، خصوصاً ان هذا الإحصاء منسوب إلى أجهزة الأمن الأفغانية نفسها، ما يعكس في نظر الباكستانيين تهويلاً من كابول من أجل الحصول على دعم مالي غربي.

وإذا كانت حال التراخي لدى إسلام آباد مردها تمرس الاستخبارات العسكرية الباكستانية في ضبط الوضع على الحدود الأفغانية من خلال تحالفاتها مع قبائل البشتون هناك، فإن المشهد يتحول أكثر خطورة على الحدود الأفغانية – الإيرانية، خصوصاً أن تقرير اللجنة التابعة للأمم المتحدة يشير الى مجموعات مسلحة ترفع شعارات «داعش» في ولايتي فرح وهلمند المتاخمتين للأراضي الإيرانية، وهو أمر جدير بإثارة قلق طهران.

ولا شك في أن لدى الروس معلومات مماثلة عن شراء التنظيم ولاءات مقاتلين محليين في الشمال الأفغاني، المتاخم للحدود مع جمهوريات آسيا الوسطى حيث سبق وأن تحدثت تقارير عن انضمام متشددين من هذه الجمهوريات الى «داعش» والقتال الى جانبه في سورية، ومخاوف من سعي هؤلاء للعودة الى بلدانهم لزعزعة انظمة الحكم فيها.

وكان لافتاً في هذا الصدد، إبداء موسكو في أوائل الشهر الجاري، استعدادها لتقديم مساعدات عسكرية، تشمل أجهزة متطورة ومروحيات، الى السلطات الأفغانية، لمحاربة «الحركات المتشددة» وهو الأمر الذي أبلغه للمسؤولين في كابول زامير كابولوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وانطلاقاً من مخاوفهم في آسيا الوسطى، يبدو واضحاً ان الروس لا يستطيعون مجاراة الأطراف الغربية في نظرتها المتساوية الى «داعش» ونظام الأسد.

سمير السعداوي

صحيفة الحياة اللندنية