حكومة العبادي بعد 360 يوما

حكومة العبادي بعد 360 يوما

44

منذ اول يوم استلم به حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية ومهامه الدستورية في مسؤولية ادارة الحكم في العراق والوضع السياسي الامني والاقتصادي يزداد سوءا وتدهورا وفسادا في جميع مرافق الدولة،وبعد سنة من ادارته ازدادت حدت تقدم وزحف مقاتلي الدولة الاسلامية وتمكنوا من السيطرة على مساحات واسعة من العراق وفرضوا سيطرتهم الميدانية على مراكز مدن واقضية مهمة ، واحكموا قبضتهم على مدن الرمادي والموصل وأقضية مهمه تابعة لها ولا زالوا يؤثرون على طبيعة الصراع والنزاع العسكري في العراق مع انعدام الامن والاستقرار واستمرار التفجيرات في مدينة بغداد وعدم وجود اتفاق سياسي واضح للكتل السياسية بادارة الملف العراقي والخروج من ازمته الحالية وانعدام الرؤية الواضحة والميدانية في فهم مشاكل الشعب العراقي واستيعاب طموحاته وأماله وتحقيق أهدافه في الحياة الكريمة مع أغفال كامل في توفير الامن والاستقرار له وهما عاملان رئيسيان يحققان لشعب العراق حياة كريمة ونظرة مستقبلية تؤسس لمرحلة جديدة في حياته.
وهذا ما ادى بالشعب العراقي الى انعدام بوصلة اتجاهاته وضياع أحلامه وأماله بسبب استمرارالاوضاع الامنية السيئة وانعدام ديمومة الحياة وزيادة عدد المهجرين والنازحين من مناطقهم بسبب النزاعات العسكرية واستهداف المدنيين بحيث وصل عدد النازحيين داخل العراق الى أكثر من ستة ملايين نازح وسادت مظاهر البطالة والجوع والعوز والحاجة وانعدمت الخدمات الصحية والتعليمية وساد الفساد والرشوة والمحسوبية وتداعي المسؤوليين الحكوميين والنواب العراقيين للاهتمام بمصالحهم ومنافعهم الشخصية وتحقيق ذاتهم في سرقة المال العراقي والمسارعة في اهدار ثروة البلد.
أمام هذا الوضع المأساوي والفساد الاداري سارع العبادي لأيجاد منفذ واتجاهات تعينه على تصحيح مسار الحياة في العراق فأعلن الاصلاحات السياسية والاقتصادية واقصاءواعفاء بعض المسؤوليين والغاء بعض المناصب الحكومية والبدأ بسياسة تقشفية في ادارة البلد والاعتراف بالاخفاقات وحالات الفساد واهدار المال العام الذي كان سمة حكومة المالكي لمدة ثمان سنوات عجاف مرت بالعراق.
ولكن العبادي لم يستطع من تحقيق أهدافه في اعادة صيغة التعامل مع الواقع العراقي وحل مشاكل شعبه والبدأ بالعمل على اشاعة الامل لدى ابنائه بسبب عدة عوامل نحددها بالاتي:
1.ان الاصلاحات التي نا دى بها العبادي طالت مراكز قوى تابعة للمالكي وحاشيته ولم يتمكن من الاستمرار فيها بسبب هيمنة هذه المراكز على ادارة الحكومة وتمتعها بعلاقات جيدة مع دول مجاورة للعراق.
2.اصطدمت اصلاحات العبادي بقوة النفوذ الايراني وهيمنته على ادارة الدولة العراقية من خلال معارضتها لبعض من بنودها واتجاهاتها وذهبت في بعض الاحيان للتهديد اذا ما ذهب العبادي بعيدا في مبتغاه.
3.سطوة المليشيات العسكرية ونفوذها وتحكمها بالوضع الامني الداخلي وخاصة في مناطق بغداد ووجود اعداد كبيرة من فصائلها تتحكم بالحياة اليومية للمواطن ، جعل طبيعة هذه الاصلاحات تصطدم ومصالح هذه المليشيات.
4.تهديدات قيادات في المليشيات العراقية بانه في حالة استمرار العبادي بسياسته فانهم سيتركون القتال في مناطق النزاع مع مقاتلي الدولة الاسلامية او ان الامر لا يعنيهم في معالجة الوضع الامني في بغداد وكانت تصريحات ابو مهدي المهندس نائب الحشد الشعبي وقيس الخزعلي المسؤول عن عصائب الحق واضحة وصريحة.
5.لم يتمكن العبادي من حسم ولاء قيادات عسكرية وامنية في المؤسستين العسكرية والامنية والتي لا زالت ترتبط بعلاقات قوية ومصالح عميقة بمن حكم العراق قبله.
هذه المؤشرات والنقاط والاحداث المهمة التي اشرنا اليها في الواقع الميداني والصراع الجاري في العراق تؤشر لدينا الحقائق التالية :
1.ان العبادي لم يتمكن من توظيف الدعم والمساندة التي اعلنتها المرجعية الدينية في النجف بدعم الاصلاحات التي اعلنها وتحسين الوضع في العراق وانها تقف معه في كشفه وفضحه لجميع المتلاعبين والفاسدين والمرتشين من السياسيين واصحاب النفوذ.
2.ابتعد العبادي كثيرا عن فهم حقيقة الدعم الدولي الذي تلقاه،فمنذ بداية الاحتلال الامريكي للعراق وتعاقب حكومات بغداد لم تتلقى شخصية عراقية سياسية دعما واسنادا من الولايات المتحدة الامريكية والمملكة البريطانية والاتحاد الاوربي كما تلقاه العبادي ، ومه هذا بقى اسيرا للواقع الذي يعيشه العراق ومترددا في حسم الكثير من الملفات وضعيفا في اتخاذ الاجراءات الحاسمة التي تدعم الاصلاحات التي نادى بها.
3.ابتعد العبادي كثيرا عن الدعم والمساندة الشعبية والجماهيرية التي عاشتها مناطق ومدن الوسط والجنوب في العراق ولم يتفاعل معها حقيقة واضاع فرصة كبيرة لتحقيق مطالب الشعب ، فالمساندة والتأييد الشعبي يحقق له الاندفاع والتقدم باصلاحاته، ولكنه لم يستطيع تجاوز طبيعة وسياسة النظام الحاكم وادارة الدولة التي سبقه بها المالكي.
4.بقي العبادي أمام تبعية سياسية واضحة وصريحة وامعان في جعل العراق ضمن دائرة النفوذ الايراني واحكام السيطرة عليه عبر برنامج وخطط أمنية واستخبارية واقتصادية تدار من قبل صناع القرار السياسي في طهران.
5.لم يتمكن من القيام بخطوات شجاعة وعملية بملف المصالحة الوطنية والاستماع الى وجهات النظر والاراء الخاصة بالسياسيين الذي لديهم رأي فيما ألت اليه العملية السياسية واقتصرت المصالحة بين الكتل السياسية المشاركة بالعملية السياسية.

ما المطلوب من العبادي الان لمواجهة تداعي الاوضاع في العراق خاصة بعد التطورات الاخيرة بالمنطقة وتشكيل التحالف الرباعي في بغداد ثم التواجد الروسي على الاراضي السورية وبدا العمليات العسكرية على مقرات واماكن مقاتلي الدولة الاسلامية ؟؟

1.اعطاء مفردة(الفساد) اهتماما واسعا في عمله وبرنامجه الوزاري لأن الفساد لايقل اهمية عن (الارهاب) بل هو يساعد على امتداد الارهاب في عموم العراق.
2.مراعاة ما يمر به شعب العراق والتعامل بجدية وحرص مع معاناة النازحين فهم ابناء البلد وواجب على الحكومة رعايتهم والاهتمام بهم والتعامل معهم بمنهج واحد يؤكد وحدة العراق.
3.تعزيز دور الدولة العراقية وجاهزيتها وعدم الركون الى المليشيات المسلحة ومنع تدخلها في شأنها الداخلي وايقاف دعمها من قبل الحكومة.
4.الاستمراربالاصلاحات الجذرية والرصينة وعلى المسؤوليين في مجلس الوزراء تحمل امن وسلامة العراق والتحلي بالنضج السياسي والفكر الستراتيجي الواسع بعيدا عن المنافع الشخصية والفئوية والطائفية 5.تنشيط فاعلية مجلس الوزراء والاهتمام بتقديم الخدمات الرئيسية للبلد وعدم الركون الى عكازة الارهاب وتمدد الدولة الاسلامية وكأن العراق مرهون بهذه الظروف.
6.مراعاة حال المعتقليين والمسجونيين والموقوفيين والاهتمام بقضاياهم ومتابعة احوالهم واحترام انسانياتهم واطلاق سراح ممن لا يحملون جرما والاسراع في انهاء قضاياهم لتطمين المجتمع العراقي.

فهل سيتمكن العبادي من اتخاذ اجراءات تؤكد وحدة العراق وارادته المسقلة وتعمل حكومته على تنفيذ برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، هذا ما سنراه في الايام المقبلة .

 

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية