الاعتصام في العراق بين الثورة والاصلاح

الاعتصام في العراق بين الثورة والاصلاح

الاعتصام في العراق بين الثورة والاصلاح
في تعريف مبسط للمفردات الثلاث في عنوان المقال يعرف الاعتصام على انه شكل من اشكال الرفض والاحتجاج السلمي ضد سياسة ما وذلك باحتلال مكان معين يكون رمزا للسلطة او الجهة ذات السياسة المرفوضة, والثورة هي انتفاضة وغضب للتغيير ولو بالقوة ولايوقفها قانون وبالمفهوم الحديث هي تغيير شامل لكل مؤسسات الدولة وسلطاتها بل هي انقلاب على النظام لاستبداله بنظام اخر يوفر العدالة والمساواة والرفاهية وكل الحقوق والحريات المفقودة.
اما الاصلاح فيدعو الى التعديل او القضاء على كل ماهو فاسد او فاشل اوعائق ومعالجة المشاكل في النظام بغية اصلاحها دون المساس في قواعد او اسس النظام القائم فهي تقويم لا انقلاب وهذا فرقه عن الثورة وقد ورد مصطلح الاصلاح سياسيا في حركة كرستوفر نهايات عام ١٧٠٠ التي دعت لاصلاح البرلمان.
اليوم يشهد العراق اعتصاما يدعو للاصلاح ولكن يبدو ان البعض يغيب عن اذهانهم الفرق بين مفهومي الثورة والاصلاح فيظن ان الاعتصام هو ثورة لذا تختلف التصريحات والاراء والاقوال فيه وتتضارب سواء صدرت وتصدر من الكتل والنخب السياسية او من المعتصمين انفسهم حول حقيقة الاعتصام فكما ذكرنا فان الثورة انقلاب والاصلاح تقويم والاعتصام هو اقرب الى مفهوم الاصلاح كخطوة اولية سلمية شديدة التعبير لفرض الاصلاح.
و في خضم الاعتصام تطلق دعوات للتغيير الجذري و تهديدات لخرق القانون وجعل الاعتصام وسيلة للثورة واقتحام مراكز السلطة والقيادة والتغيير بالقوة والعنف ولا يخرق القانون الا مفهوم الثورة في هذه الحالة كما بينا.
ان هذا الاعتصام هو دعوة لاصلاح النظام الحالي دون اسقاطه كما يدعيه الكثيرون, فاذا تحول الاعتصام الى ثورة نتيجة غضب جماهيري بسبب تسويف حكومي او دافع سياسي ما, فان الثورة بطبيعتها تضع نظاما جديدا والقائم بها سيفرض ارادته وايديولوجيته على البلاد فالاسلامي سيفرض حكما اسلاميا والعلماني يضع نظاما علمانيا وهكذا بقية الاحزاب ذات الايديولوجيات المعينة ومن المحال ان يهب الثائرون جهدهم وتضحيتهم للاخرين او حتى اشراكهم بالسلطة, فان حصل هذا ,كيف سيكون واقع البلاد الجديد ومن سيقبل هذه الثورة ونظامها.
اذن لابد لمشروع الاصلاح او حتى الثورة من التنسيق والتوافق بين ابناء الوطن بمختلف توجهاتهم حول مفهوم التغيير وماهية النظام الجديد وايجاد ميثاق وطني ودستور يضمن حقوق الجميع ووضع برنامج علمي وخطط ستراتيجية تؤسس لدولة الانسان, لكن ان وقع الامر من طرف واحد فستفتح باب الفوضى ولن يكون هناك تغيير يرتجى
فهل ياترى هذا الاعتصام وسيلة لثورة ما ام خطوة للاصلاح.

محمد الجبوري
موقع إيلاف