طهران تصعد الأزمة حول الاتفاق النووي بتعزيز قدراتها البالستية

طهران تصعد الأزمة حول الاتفاق النووي بتعزيز قدراتها البالستية

طهران – اتخذت إيران خطوات استفزازية جديدة بإعلانها تعزيز قدراتها العسكرية والباليستية، بعد لقاء مع الدول الموقّعة على الاتفاق النووي، شهد أجواء من التوتر في الأمم المتحدة دون التمكّن من الخروج من الطريق المسدود الذي أفضى إليه تشكيك الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الاتفاق.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب نقله التلفزيون الرسمي “شئتم أم أبيتم، سنعزز قدراتنا العسكرية الضرورية على صعيد الردع”، مؤكدا “لن نطوّر صواريخنا فحسب بل كذلك قواتنا الجوية والبرية والبحرية”.

وأضاف “لن نطلب إذنا من أحد من أجل الدفاع عن وطننا”.

وتأتي تصريحاته في وقت استعرضت فيه إيران صاروخا جديدا خلال عرض عسكري نظم في ذكرى اندلاع الحرب الإيرانية- العراقية عام 1980.

وتخلت إيران بموجب الاتفاق النووي، عن جزء كبير من اليورانيوم المخصب الذي تملكه، وفككت مفاعلا وفتحت منشآتها النووية أمام مفتشي الأمم المتحدة، مقابل رفع واشنطن وأوروبا لبعض العقوبات المفروضة عليها.

إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى أن الاتفاق الذي أبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، “هو إحدى أسوأ الصفقات في تاريخ الولايات المتحدة”، ويهدد بالانسحاب منه.

وتركزت انتقادات ترامب للاتفاق النووي، على برنامج إيران الباليستي المستمر. فيما تعتبر طهران أن الصواريخ مشروعة بشكل كامل بموجب بنود الاتفاق، إذ أنها غير مصممة لحمل رؤوس نووية.

ولكن واشنطن التي تصرّ على أن طهران تنتهك روح الاتفاق، كون لدى صواريخها الباليستية القدرة على حمل رأس نووي، فرضت عقوبات جديدة على إيران بسبب مواصلتها إطلاق الصواريخ وإجراء الاختبارات.

وتتفق فرنسا مع الولايات المتحدة على بعض البنود، وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إمكانية إعادة التفاوض حول بعض استحقاقات الاتفاق ومواضيع مرتبطة به من بينها دور إيران في الشرق الأوسط.

وقال ماكرون الأربعاء، إن الاتفاق النووي “غير كاف” بالنظر إلى “الضغوط المتزايدة التي تمارسها إيران في المنطقة”.

ويبدو الإعلان الإيراني استفزازيا خاصة بالنظر إلى توقيته، الجمعة، حيث أثار ماكرون خلال اجتماع الأربعاء، مسألة “النشاط المتزايد لإيران على الصعيد الباليستي” وهو مجال لا يشمله الاتفاق الموقع في 2015، ويمكن أن يؤدي برأيه إلى فرض عقوبات جديدة على هذا البلد.

وأكد ماكرون أن بالإمكان توسيع الاتفاق ليشمل حظر الاختبارات الصاروخية وإلغاء بند فيه يتيح لإيران معاودة بعض عمليات تخصيب اليورانيوم اعتبارا من العام 2025.

إلا أنه أصرّ كذلك على ضرورة عدم إلغاء الاتفاق الأساسي. بينما شدد دبلوماسيون فرنسيون على أن الأمر لا يتعلق بـ”إعادة التفاوض” حول الاتفاق بل “استكماله”.

اعتماد نهج مشدد حيال إيران سيعزز مصداقية الولايات المتحدة ويضعها في موقع قوة في أي مفاوضات مع كوريا الشمالية
وبدت الهوة واسعة بين طهران والقوى الغربية بتأكيد روحاني أن “كل كلمة من أي جملة” في الاتفاق النووي كانت موضوع نقاش حاد بين الأطراف الموقعين وسيؤدي “إزالة ولو طوبة واحدة إلى انهيار المبنى بكامله”. مبددا أي أمل بإعادة التفاوض، إذ حذّر من أن الحوار مع حكومة أميركية “تقرر خرق التزاماتها الدولية” سيكون “مضيعة للوقت”.

واستعرضت إيران، الجمعة، صاروخا جديدا أطلقت عليه اسم “خرمشهر”، وهي مدينة واقعة في جنوب غرب البلاد، خلال عرض عسكري جرى في العاصمة.

ونقلت وكالة “إرنا” الرسمية عن قائد القوات الجو فضائية في الحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زاده، ، قوله إن “لدى صاروخ خرمشهر مدى يبلغ 2000 كلم وبإمكانه حمل عدّة رؤوس حربية”.

وتقول إيران إن جميع صواريخها مصممة لحمل رؤوس حربية تقليدية فقط وإن مداها محدود لا يتجاوز 2000 كلم كأقصى حد، رغم أن قادة في الجيش يؤكدون توافر التكنولوجيا اللازمة لتجاوز ذلك. وردد روحاني الجمعة أن “قوتنا العسكرية ليست مصممة للتعدي على دول أخرى”.

وحتى الآن، أفادت كل من هيئة الرقابة النووية التابعة للأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية أن طهران لا تزال ملتزمة ببنود الاتفاق. ولكن ترامب الذي وصف الاتفاق هذا الأسبوع بأنه “معيب” للولايات المتحدة، سيبلّغ الكونغرس في 15 أكتوبر، إن كان يعتقد بأن إيران تمتثل لبنوده.

وفي حال وجد أنها لا تلتزم، وهو الأرجح، فسيفتح ذلك المجال أمام عقوبات أميركية جديدة بحق إيران ولربما ينتهي الأمر إلى انهيار الاتفاق. وقال ترامب الأربعاء إنه اتخذ قراره ولكنه ليس جاهزا للكشف عنه.

وأعرب دبلوماسيون عن القلق إزاء التبعات السلبية التي يمكن أن تنطوي عليها مواجهة أميركية لإيران في وقت تأمل الأسرة الدولية في إعادة كوريا الشمالية إلى طاولة الحوار لحملها على العدول عن برنامجيها الصاروخي والنووي.

ويرى الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، ستيوارت باتريك أن “الكوريين الشماليين يراقبون عن كثب كيف تتم معاملة إيران” لمعرفة “ما سيكون مصيرهم في حال وافقوا في أحد الأيام على التخلي عن أسلحتهم النووية”.

في المقابل، رأى بهنام بن طالب لو، من مجموعة الضغط المحافظة “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” التي تنتقد بشدة الاتفاق النووي، أن “اعتماد نهج مشدد حيال طهران سيعزز مصداقية الولايات المتحدة” ويضعها في موقع قوة في أي مفاوضات محتملة في المستقبل مع كوريا الشمالية. من جهتها حاولت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التي تترأس لجنة متابعة الاتفاق، التهدئة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وقالت إن المشاركين في الاجتماع “اتفقوا على القول بأن كل الأطراف تحترم نص (الاتفاق) حتى الآن”.

وشدّدت على أن “الاتفاق يسير جيدا… لدينا أصلا أزمة نووية ولا نريد الدخول في أزمة ثانية”.

العرب اللندنية