الحشد الشعبي وقرارات بغداد

الحشد الشعبي وقرارات بغداد

يأتي قرار رئاسة الوزارة في بغداد بالمساواة بين مخصصات ورواتب ودرجات مقاتلي الحشد الشعبي وبين قياداتها في القوات الامنية والعسكرية العراقية ومنح الرتب القيادية لمنتسبي الحشد دون شروط وتحديد تعيين المتطوعين والموظفين المدنيين العاملين في هيئة الحشد الشعبي واحالة كبار السن منهم الى التقاعد ، يأتي القرار في خضم العديد من الاحداث والوقائع التي يعيشها العراق ومنها الانتخابات العراقية المقبلة لمجلس النواب في 12 ايار 2018 التي تلقي بظلالها على مدى علاقة الحشد الشعبي وهيئاته ومقاتليه مع بغداد وتحديد مساراتها المستقبلية واعطاء عنوان واضح لها في تشكيلاتها وعملها اذ تعمل على اضفاء صفة عسكرية وقتالية لعلاقتها مع رئاسة الوزارة في بغداد وتحديد مهامها وأهدافها.
ويعد القرار منعطفا جديدا يوضح ملامح العمل الميداني لهيئة الحشد الشعبي والمقاتلين فيه .
وهناك العديد من الامور التي رافقت اعلان هذه القرارات وألقت بجوانبها على طبيعة العمل الذي سيرافق تطبيق هذه المعطيات الجديدة، ومنها :
1.ان هذه القرارات أعطت صورة واضحة ووجهت رسائل عديدة لجميع الجهات والأوساط الدولية والإقليمية والعربية بأن الحشد الشعبي ومقاتليه أصبحوا إحدى أدوات الجيش الحكومي في العراق وأن جميع الأصوات التي كانت تدعو لإلغاء هذا الحشد عليها أن تعلم أن قرار الحكومة في بغداد أصبح نافذا بهذه المعطيات الجديدة.
2.وسعت القرارات من صلاحيات مقاتلي الحشد الشعبي وأعطتهم الكثير من حرية التصرف ضمن صلاحيات رئاسة الوزارة التي منحتها التعليمات الجديدة لرئيس هيئة الحشد الشعبي وهذا يعني أنها ستكون بعيدة عن توجيهات وتعليمات رئيس الوزراء الحالي أو الذي سيليه في الدورات الانتخابية المقبلة .
3.منحت استقلالية القرار لهيئة الحشد وعززت شرعية وجودها وهذا يعني تغافلها عن العديد من المشاكل والانتهاكات التي قامت بها عناصر هذا الحشد ضد العديد من أبناء المحافظات التي شهدت مواجهات عسكرية طيلة السنوات الثلاثة الماضية وعدم القيام باتخاذ أي أجراء ضد هؤلاء المقاتلين أو قادتهم وانما أطلق عليهم عبارات عناصر غير منضبطة أو منفلتة مما يعيق عملية البحث عن مسببات هذه الانتهاكات والجهة التي وراءها .
4.تتيح هذه القرارات وتسمح لقادة بعض المليشيات المرتبطة بالحشد الشعبي بتبوء مراكز قيادية وتشكيلات عسكرية (أمر لواء -أمر فصيل ) دون الرجوع الى مؤهلاتهم العلمية والعسكرية وانما اشارت اليها هذه القرارات بالجهود والخبرة السياسية والميدانية وهذا يعد أحد النقاط التي سيستفاد منها في الهيمنة والسيطرة من قبل قيادات مليشياوية ترتبط بأهداف ومشاريع تتعلق بالنظام الايراني وتوجهاته في العراق .
5.تأتي القرارات انسجاما مع نتائج زيارة علي أكبر ولايتي مستشار علي خامنئي للشؤون الدولية الاخيرة لبغداد والتي أشار فيها الى أن يتسيد الحكم المقبل في بغداد النهج والصحوة الاسلامية التي تتلقى الدعم والمساندة من نظامه وهيئاته السياسية والأمنية بعيدا عن الاتجاهات السياسية الليبرالية والشيوعية والديمقراطية ،لإن هذه القرارات عززت مكانة عناصر وقيادات الحشد الشعبي في الوسط الشعبي العراقي .
6.أعطت التوجهات الجديدة صلاحية للوجود الامني لكل فصائل الحشد الشعبي في مناطق بغداد والمحافظات العراقية الاخرى وشرعت لمساهمتها في تحقيق الأمن والمشاركة في اعداد الخطط الامنية والعسكرية وضمان وجودهم في كل الميادين ومنها منطقة الحدود العراقية-السورية مما يشكل أزمة سياسية وأمنية مقبلة مع جميع الجهات وتحديدا الجانب الامريكي الذي يسعى لبسط نفوذه على هذه المنطقة الحيوية ومنع أي وجود لعناصر قتالية مسلحة .
7.هناك العديد من الفصائل التي ترتبط بالحشد الشعبي ولكنها لديها مرجعياتها السياسية والامنية والعسكرية والدينية الخاصة بها ومنها مليشيات (الخرساني-النجباء-حزب الله-الحمزة سيد الشهداء ) فقيادات هذه المليشيات لا تعترف بقرارات وزارة الدفاع وهيئة الاركان العراقية ولا بأي مرجعية دينية داخل العراق، وتؤكد دائما أنها تتبع في مرجعيتها الدينية علي خامنئي المرشد الاعلى في طهران ومرجعيتها الامنية والعسكرية هي بعلاقتها الوطيدة مع قاسم سليماني المسؤول عن الملف العراقي والحرس الثوري الايراني .

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية