إيران تخرج عن ردود خامنئي وروحاني التقليدية وتطلق تهديداتها على لسان سليماني

إيران تخرج عن ردود خامنئي وروحاني التقليدية وتطلق تهديداتها على لسان سليماني

طهران – أدركت إيران بأنها دخلت مرحلة جديدة من المواجهة مع الولايات المتحدة وأن خطابات المرشد الأعلى علي خامنئي أو الرئيس حسن روحاني ما عادت مجدية، فتركت لأخطر جنرالاتها قاسم سليماني مهمة إطلاق تهديدات عن حرب قادمة في المنطقة.

ونقلت قناة العالم الإيرانية، الناطقة بالعربية، عن قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قوله، الخميس، إن البحر الأحمر لم يعد آمنا مع وجود القوات الأميركية في المنطقة.

وأضاف سليماني متحديا الرئيس الأميركي دونالد ترامب “أنا ندكم وقوات قدسي هي ندّ لكم.. أنا أقول لكم يا سيد ترامب المقامر، أقول لك اعلم أن في اللحظة التي أنت فيها عاجز عن التفكير نحن قريبون منك في مكان لا تتصوره أبدا”.

وخاطب سليماني الرئيس الأميركي بقوله “أنتم ستبدأون هذه الحرب لكن نهايتها نحن من سيفرضها”، مضيفا “أتهددنا نحن عشاق الموت؟”.

ولم يكن استهداف الحوثيين في اليمن لناقلة نفط سعودية مجرد حادث معزول، أو محاولة من الجماعة المتمردة للفت نظر دول التحالف العربي إلى قدرتها على رد الفعل تجاه إحكام الحصار على الحديدة، ليتضح لاحقا أن الهجوم جزء من رسالة إيرانية للولايات المتحدة بأن طهران قادرة على تعطيل الملاحة الدولية في رسالة مزدوجة على منع الشركات والدول من شراء النفط أو الاستثمار فيه، وكذلك على تهديدات مسؤولين أميركيين بالرد بقوة على تلويح إيران بمنع شحنات النفط في مضيق هرمز.

يأتي هذا فيما أعلنت السعودية عن تعليق مؤقت لشحنات النفط عبر البحر الأحمر في رسالة رمزية إلى دول غربية مثل بريطانيا والولايات المتحدة التي تتعامل بتراخ وتهوين من الخطر الحوثي على أمن الملاحة الدولية، فضلا عن السعي لاستبدال الخيار العسكري لحماية هذا الأمن بمساع فضفاضة لحل سياسي لا يوفر سوى المزيد من الوقت أمام المتمردين المرتبطين بإيران لمواصلة الهروب إلى الأمام.

ويقول محللون إن توكيل سليماني بإطلاق تصريحات بسقف عال يهدف بدرجة أولى إلى امتصاص مخاوف الداخل الإيراني التي توسعت بشكل واضح وعكسها موقف النشطاء على مواقع التواصل، خاصة ما تعلق بنجاح الولايات المتحدة بتهيئة أرضية ملائمة لفرض العقوبات، من خلال إجبار الشركات الدولية الكبرى على تقليص أنشطتها في إيران والاستعداد للمغادرة النهائية.

ويشير المحللون إلى أن الإيرانيين بدأوا يسلمون بأن العقوبات التي ستبدأ في نوفمبر القادم أصبحت بمثابة الأمر الواقع، وأن عليهم أن يستعدوا لحصار جديد، وما يتبعه من تعميق للأزمة الاجتماعية.

لكن الخطر الذي دفع بالسلطات إلى تصعيد “الصقر” سليماني إلى الواجهة، هو شعور الإيرانيين بأن طبيعة النظام وشعاراته وحلمه بتصدير الثورة إلى محيطه، كلها عناصر متسببة في المعاناة التي يعيشها الشعب الإيراني، وأنه لو كانت بلادهم قد ركزت على حل أزماتها الداخلية وبناء علاقات ثقة مع محيطها لنجحت في تحقيق اقتصاد قوي.

وكشفت الشعارات التي رفعت في الاحتجاجات الأخيرة أن الشعب الإيراني يعارض تصدير الثور ة وما أنتجه من تدخلات مباشرة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والبحرين، وأن التكاليف الباهظة لتلك التدخلات كان يمكن أن تحلّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

وقلل مراقبون سياسيون من سقف تصريحات سليماني، معتبرين أن هدفها هو المناورة وليس استدراج الأميركيين إلى مواجهة ولو محدودة مع إيران، لافتين إلى أن غرق طهران المباشر في عدة أزمات وما يتطلبه من تكاليف مالية واستنفار عسكري، لا يسمح لها بأن تخوض حربا ولو محدودة مع الولايات المتحدة، لاختلاف نوعي في موازين القوى، وغياب الشروط الخادمة لهذه المغامرة، خاصة في ضوء عزلتها الإقليمية وانكفاء أذرعها في المنطقة.

من عناصر المعاناة للشعب الإيراني
للتسويق الداخلي
ويعتقد المراقبون أن هامش المناورة الذي تمتلكه إيران لا يتجاوز دفع أذرعها في المنطقة لافتعال حوادث معزولة لجلب الأنظار، ومحاولة استثمارها في ابتزاز الولايات المتحدة، وهو ما نجحت فيه في فترة الرئيس الأميركي باراك أوباما ومن الصعب إعادة توظيفه في فترة ترامب.

ودأبت إيران على تحريك أذرعها في المنطقة لاستفزاز الولايات المتحدة أو دول إقليمية، وتكتفي هي بمراقبة ردود الفعل، مستفيدة من تراخ دولي في تقدير خطر هذه الأذرع، خاصة ما تعلق بالحوثيين، حيث دأبت واشنطن وعواصم غربية مختلفة على التقليل من خطر الجماعة المتمردة، ومعارضة الحسم العسكري ضدها، وتمكينها من ربح الوقت لإفشال العروض السياسية التي تقدم لها يمنيا أو دوليا للقبول بحل سياسي ينهي الأزمة ويعيد توحيد اليمن.

لكن الإيحاء للحوثيين باستهداف أمن الملاحة الدولية بهدف إثبات قدرة إيران على المناورة أو السعي لتحسين شروط التفاوض مع واشنطن ورفض “الحوار تحت التهديد” لن يفضي إلى نتائج في صالح طهران، خاصة أن دولا خليجية مهمة مثل السعودية والإمارات سعت لاستثمار الحادث باعتباره دليلا على صواب مسعاها للحسم العسكري في الحديدة بهدف تأمين الملاحة الدولية.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي إن تعليق شحنات النفط “يوفر للسعودية والإمارات فرصة لدفع المجتمع الدولي نحو التركيز على إيجاد حل للحرب الأهلية” في اليمن. وتابع “تعليق شحنات النفط قد يؤدي إلى تصاعد النزاع مع احتمال تدخل قوى خارجية لمساندة السعودية”.

العرب