الدينار المزيف مقابل الدولار: إيران توفر احتياجاتها عبر السوق العراقية

الدينار المزيف مقابل الدولار: إيران توفر احتياجاتها عبر السوق العراقية

بغداد – كشف مسؤولون عراقيون أن إيران تتبع استراتيجية جديدة لتوفير احتياجاتها من عملة الدولار الأميركية، من خلال العمل على خفض سعر صرف الدينار العراقي.

وتواجه إيران مصاعب كبيرة في الحصول على الدولار، بعد تطبيق العقوبات الأميركية عليها، وحرمانها من استخدام هذه العملة في تعاملاتها الدولية.

وتقوم الاستراتيجية الإيرانية على ضخ عملة عراقية مزيفة، بكميات كبيرة، إلى أسواق العراق، والدفع باتجاه زيادة الطلب على الدولار الأميركي، من قبل متعاملين محليين.

وما لم يتمكن العراق من التصدي لعمليات تهريب الدينار العراقي المزيف إلى داخل أراضيه، فإن هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى إجبار البنك المركزي العراقي، على ضخ كميات مضاعفة من الدولار إلى أسواق البلاد، للحفاظ على قيمة العملة المحلية، ما يتيح سيولة دولارية أكبر، يمكن لاحقا تهريبها إلى إيران، لتوفير حاجتها من العملة الأميركية.

ووفقا لمصادر “العرب” في بغداد، فإن “واجهات اقتصادية، لميليشيات عراقية موالية لإيران، هي التي تنفذ هذه الاستراتيجية الإيرانية، من خلال استخدام سطوتها في المنافذ الحدودية بين إيران والعراق، لإدخال العملة العراقية المزيفة إلى البلاد”.

وتقول مصادر حكومية إن “القائد العام للقوات المسلحة العراقية، رئيس الوزراء حيدر العبادي، وجه الجهات العسكرية والأمنية المختصة، بالتصدي لعمليات التهريب الإيرانية”.

وتؤكد المصادر أن “العبادي يعتمد على عدد محدود من الضباط العراقيين الموثوق بهم، في تنفيذ هذه العملية، بالنظر إلى النفوذ الواسع الذي تمتلكه إيران في قطاعات عديدة تابعة للمؤسسة العسكرية”.

وشددت المنافذ الحدودية العراقية مع إيران من إجراءات التفتيش على الشاحنات القادمة من الجارة الشرقية.

وقادت الإجراءات العراقية المشددة، إلى ضبط نحو مليار دينار عراقي من العملة المزيفة، قادمة من إيران.

وفي جميع الحالات، كان المهربون يرتبطون بشركات على صلة بميليشيات عراقية موالية لإيران.

ويقول مسؤولون عراقيون إن بغداد عززت مسبقا إجراءاتها لمنع تهريب الدولار من العراق إلى إيران، استجابة للعقوبات الأميركية، لكنها تركز الآن على منع تهريب العملة المزيفة من إيران إلى العراق.

ويؤكد اللواء الركن علي دعبول، قائد عمليات الرافدين، التابعة لوزارة الدفاع العراقية، “البدء بتنفيذ خطة أمنية استخبارية خاصة لملاحقة محاولات لإدخال العملة النقدية المزورة إلى السوق المحلية في محافظات ميسان وذي قار والمثنى وواسط”، جنوب ووسط العراق.

وقال دعبول إن “فرق العمل الأمنية وخلايا الاستخبارات تواصل متابعة أي حالة مشتبه بها من أجل التعامل معها أمنيا”.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن ضابط في وزارة الداخلية العراقية القول إن “المنافذ الحدودية تلقت أوامر بضرورة التفتيش الدقيق لإحباط أي محاولة لإدخال عملة مزيفة من دول الجوار”.

وأضاف أن “قوات الأمن ضبطت خلال الأيام الماضية عملات عراقية مزيفة في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، وتمت مصادرتها واعتقال المتورط بجلب المبالغ المالية المزورة”، من دون تحديد قيمتها.

ويمتلك العراق أربعة منافذ برية مع إيران هي زرباطية في واسط، والشلامجة في البصرة، والمنذرية في ديالى، والشيب في ميسان.

ويقول مراقبون إن الإجراءات العراقية المشددة على الحدود مع إيران، لن تثني طهران عن مواصلة هذه الاستراتيجية، التي يمكن أن تكون من بين الوسائل النادرة جدا، لحصول طهران على حاجتها من الدولار الأميركي.

ويضيف هؤلاء أن “هذه الحرب، تتصل بالجدل الذي يحيط بمستقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وطموحه في ولاية ثانية، وهو أمر يلقى اعتراضا إيرانيا قويا”.
سيحاول العبادي “إقناع الولايات المتحدة بأحقيته في هذا المنصب، من خلال التصدي لمحاولات إيران الالتفاف على العقوبات الأميركية”.

وكان متوقعا أن تلجأ إيران إلى إغراق السوق العراقية بالعملات المزيفة كجزء من خطتها لمواجهة النقص في ما هو متداول من العملات الصعبة في السوق الداخلية من أجل ألا يشهد الريال الإيراني مزيدا من الخسائر في سعر الصرف.

وجهزت إيران أذرعها في الداخل العراقي لتنفيذ تلك الخطة في وقت مبكر، قبل أن تأخذ العقوبات الأميركية طريقها إلى التنفيذ المباشر.

ويقول مراقبون إن لا أحد في إمكانه أن يُفشل تلك الخطة وذلك بسبب حالات الاختراق التي حققتها إيران عبر سنوات هيمنتها في جسد الدولة العراقية الهش، مشيرين إلى أن قيادات سياسية عراقية جندت نفسها من أجل الوقوف مع إيران في نزاعها الذي كان محتملا مع الولايات المتحدة.

ولفت مراقب عراقي إلى أن ما يمكن أن تنجزه تلك القيادات لا يرقى إلى مستوى الحاجة الإيرانية إلى العملة الصعبة من غير حدوث خلخلة في سعر صرف الدينار العراقي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى أن يشهد الاقتصاد العراقي مزيدا من الانهيار الذي قد يؤدي إلى اتساع دائرة الاحتجاجات في البلاد، والتي ستكون موجهة هذه المرة ضد الهيمنة الإيرانية بشكل مباشر.

واستبعد المراقب في تصريح لـ”العرب” أن تؤدي خطة رئيس الوزراء العراقي الحالي في التصدي لعمليات التهريب من الجانبين إلى نتائج إيجابية بسبب صعوبة ضبط الحدود بين الجانبين في ظل الاختراقات الإيرانية للأجهزة الأمنية العراقية وسيطرة الميليشيات الموالية لإيران على مدن حدودية إضافة إلى وصول زعماء تلك الميليشيات إلى مراكز القرار السياسي.

وشدد على أنه من الصعب التكهن بحجم الخسائر التي سيمنى بها الاقتصاد العراقي بسبب العقوبات الأميركية على إيران، مشيرا إلى أن ما يهم الحكومة العراقية ألا تنهي عملها بطريقة تبدو من خلالها كما لو أنها كانت السبب في اندلاع فوضى جديدة، يكون انهيار الدينار العراقي سببها المباشر.

وشكك بجدوى تلك الإجراءات الحكومية معتبرا أنها مهما كانت دقيقة فإنها لن تكون كفيلة بإيقاف عمليات تهريب العملة بين الجانبين.

العرب