الدرس الإيراني يدفع البشير إلى تعديل حكومي واسع

الدرس الإيراني يدفع البشير إلى تعديل حكومي واسع

الخرطوم – حلّ الرئيس السوداني عمر البشير الحكومة المؤلّفة من 31 وزيرا وعيّن رئيسا جديدا للوزراء، ويتجه إلى تشكيل حكومة مصغرة في محاولة للخروج من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، في وقت فشلت فيه الخرطوم في استثمار رفع العقوبات الأميركية واستقطاب المستثمرين الأجانب وتشجيع الشركات الكبرى على العودة إلى البلاد.

وصارت الشركات والمؤسسات الغربية تتخوف من تكرار الاستثمار في بلد لا يزال غير مستقر سياسيا خصوصا في علاقته مع الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، وتجربة إيران ماثلة أمامها، حيث لم يفض الانفتاح الدولي على طهران إلى نتائج إيجابية.

وبدا أن الخرطوم خسرت نفط جنوب السودان بعد الانفصال ولم تربح الاستثمارات القادمة من الخارج في ضوء تعثر الأداء الحكومي وتركيز السلطات على الملفات السياسية أكثر من مقاربتها للأزمة الاقتصادية.

وعزا خبراء اقتصاديون التغييرات الكبيرة التي أحدثها البشير على الحكومة إلى استفادة واضحة من الأزمة التي تعيشها إيران، التي تمتعت لأكثر من ثلاث سنوات من مزايا رفع العقوبات عليها بعد الاتفاق النووي دون أن يستفيد منها الاقتصاد الإيراني بشكل دفع الآلاف من المواطنين إلى التظاهر مرارا في العاصمة طهران وغيرها من المدن الكبرى.

وقال الخبراء إن البشير يتجه إلى خيار مغاير بعيدا عن الشعارات والارتهان لجماعات الإسلام السياسي، وهي وضعية هزت من صورة السودان ودفعت إلى تصنيفه كبلد راع للإرهاب. كما يبدو أن الرئيس السوداني استفاد من الدرس حين اتضح له وللسودانيين ككل فشل الرهان على التحالف مع إيران وقطر وتركيا، وهو تحالف لم يجلب سوى المزيد من الأزمات ولم يساعد بأي شكل على مساعدة السودان في الخروج من أزمته.

ومثلما هو الحال في إيران، فإن السودان لم يستفد من رفع العقوبات الأميركية في تحسين صورته وتشجيع المستثمرين الأجانب للعمل في السوق السودانية، ذلك أن الحكومة المركزية في الخرطوم كانت تصب جهدها على إدارة الأزمة السياسية داخل النظام، فضلا عن فشلها في تعديل الصورة السلبية التي انطبعت في أذهان العالم عن السودان كدولة خارجة عن القانون حتى أن الرئيس البشير نفسه لا يزال مطلوبا للجنائية الدولية.

وفي أكتوبر الماضي، رفعت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية كانت تفرضها على الخرطوم منذ عقود بعدما اعتبرتها “دولة راعية للإرهاب”، وهو ما كان يمنع المستثمرين من العمل في السودان.

وكان متوقّعا أن يكون لقرار واشنطن أثر إيجابي، لكنّ الاقتصاد السوداني لم يستفد منه، وفق مسؤولين سودانيين، وذلك بسبب تحفّظ المصارف العالمية عن التعامل مع نظيراتها السودانية.

ويعتقد مراقبون محليون أن التعديل الحكومي الجذري يمكن أن يقود السودان إلى نقلة نوعية إذا قطع الرئيس البشير مع أسلوب المناورة وتغيير المواقف بشكل جذري ومفاجئ، الأمر الذي جعل التغييرات التي تحدث في السودان، وهذا واحد منها، مثار شك وريبة حتى من الدول القريبة مثل مصر.

ووافق قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، مساء الأحد، على قرار البشير إقالة الحكومة التي يرأسها بكري حسن صلاح، برمّتها. وقد عين وزير الري والموارد المائية في الحكومة السابقة معتز موسى عبدالله رئيسا للوزراء.

وقال مساعد الرئيس السوداني فيصل حسن إبراهيم لصحافيّين إثر اجتماع قادة الحزب، إنّ “الوضع الاقتصادي يحتاج إلى إصلاح، ولذلك أطلق الرئيس البشير مبادرة بتقليص عدد الوزراء من 31 إلى 21، ووزراء الدولة بنسبة 50 بالمئة”.

ويأتي قرار تأليف حكومة جديدة في وقت يُواجه فيه السودان أزمة اقتصاديّة مُتنامية جرّاء النقص الحاد في العملات الأجنبيّة وارتفاع التضخّم إلى أكثر من 65 بالمئة.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى بمقدار أكثر من الضعف خلال السنة الماضية. وتراجع سعر العملة السودانية بشكل كبير مقابل الدولار.

العرب