الغنوشي يوزّع رسائل الطمأنة في حملة مبكرة لانتخابات العام المقبل

الغنوشي يوزّع رسائل الطمأنة في حملة مبكرة لانتخابات العام المقبل

تونس – وصف متابعون للشأن التونسي الخطاب الذي ألقاه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، السبت، أمام قيادات من حزبه بأنه بمثابة افتتاح لحملة انتخابية رئاسية سابقة لأوانها، خاصة أنه عمل على توجيه رسائل طمأنة لأكثر من جهة فاعلة في البلاد، وخاصة إلى شخصيات سياسية ورجال أعمال وازنين بدأت هيئة الحقيقة والكرامة برفع قضايا ضدهم بالرغم من تبرئتهم في أحكام قضائية.

وحث الغنوشي البرلمان التونسي على مناقشة قانون “عفو عام” يستهدف المتهمين بارتكاب انتهاكات في فترة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، مشترطا أن يقدموا اعترافهم واعتذارهم، دون أي لجوء إلى القضاء.

وقال المتابعون إن الخطوة مناورة من الغنوشي الذي يريد أن يفصل بين حركته وبين أعمال هيئة الحقيقة والكرامة التي تثير حالة من الغضب في أوساط مختلفة بالبلاد، بسبب الظهور الإعلامي الأخير لأحمد فريعة، أحد وزراء الداخلية السابقين، والذي بكى فيه على المباشر، حاثا التونسيين على عدم إهانة رموزهم ومناضليهم.

وتقول أوساط تونسية متابعة إن الهدف من هذا الظهور، هو تفتيت التركيز الإعلامي والسياسي ضد هيئة الحقيقة والكرامة، وجذب التعاطف لشخص الغنوشي لكونه قادرا على تهدئة الأجواء وتقديم التنازلات الكافية لتهدئة الوضع.

وجدّد رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، السبت، موقف حركته الدّاعي إلى إجراء تعديل وزاري جزئي، مبررا ذلك بالحاجة إلى “تعزيز العمل الحكومي من خلال حكومة ائتلاف وطني مفتوحة على الجميع″.

وسبق لحركة النهضة أن أكدت في بيان صادر عنها حرصها على مواصلة الحوار والتشاور مع كل الأطراف السياسية والاجتماعية ودعوتها إلى المشاركة في حكومة الائتلاف الوطني برئاسة يوسف الشاهد.

وقال الغنوشي خلال النّدوة السنوية الثانية التي تعقدها النهضة، السبت والأحد، بمدينة الحمامات شرقي البلاد “موقفنا ناجم عما تحتاجه البلاد من استقرار حكومي واحترام للاستحقاقات الوطنية، ومنها المصادقة على قانون المالية لسنة 2019، واستكمال تركيز الهيئات الدستورية (المحكمة الدستورية واستكمال انتخاب رئيس هيئة الانتخابات) وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية أواخر السنة القادمة”.

وأكد على “حاجة البلاد إلى الاستقرار الحُكومي وتحسين الأداء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ومكافحة الفساد (..) على أن تلتزم الحكومة بالتفرغ الكامل لتنزيل بنود وثيقة قرطاج المحددة للأوليات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة”.

ويعتقد مراقبون أن النهضة التي تحاول كسر العزلة السياسية منذ إعلان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ومؤسس حزب نداء تونس الحاكم نهاية التوافق معها، تريد أن تحافظ على صورتها أمام الرأي العام المحلي ومؤيديها بأنها طرف سياسي يرفض جر البلاد إلى معارك سياسية.

وتحاول الحركة تسجيل مكاسب سياسية مع اقتراب السباق الرئاسي والتشريعي، وتجد في اصطفافها مع الشاهد حماية لنفوذها.

وتدرك النهضة، التي تعيش ارتباكا كشفت عنه تصريحات قياديها المتواترة والمتناقضة، أنها لا تستطيع الصمود في الشأن السياسي دون سقف التوافق.

وأمام إعلان السبسي فك ارتباطه عنها، ترى النهضة في التمسك بدعم الشاهد، الذي يتمتع بشعبية داخل البلد كما يحظى بدعم المانحين الدوليين، البديل عن تحالف تاريخي، وتستطيع من خلاله تمرير أجنداتها بالسلطة.

وقبل نحو شهر من الآن، قال السبسي إنّ “حركة النهضة أنهت توافقا معه دام 5 سنوات”.

وأكد الغنوشي أن حركة النهضة “ستواصل خدمة تونس ومصالحها الكبرى والتعاون مع غيرها من أجل ذلك (..) وستكون علاقاتها مفتوحة أمام الجميع من خلال التحالفات والتوافقات طالما كانت تصب في مصلحة البلاد بعيدا عن منطق الأغلبية والأقلية”.

وحرص الغنوشي السبت على إظهار أن حركته لا تعيش مشكلات داخلية في الرد على ما يروج عن غضب بين قيادات بارزة، بسبب ما تعتبره تفردا بالرأي من قبل الغنوشي وتجاهلا لرأي الأغلبية.

وقال إن النهضة ستدخل إصلاحات عاجلة على الجهاز التنفيذي للحركة، مشيرا إلى تسخير فريق من الخبراء لتقييم فريقها الحكومي.

وكان عبداللطيف المكي أكد في تصريحات صحافية سابقة وجود تيار كامل داخل الحركة ينادي بالتخلّي عن النظام الرئاسي في إدارة شؤونها.

ويضم هذا التيار أسماء بينها عبدالحميد الجلاصي ومحمد بن سالم وسمير ديلو وزبير الشهودي ورضا السعيدي، وأبرزهم النائب الحالي لراشد الغنوشي علي العريض.

وقال المكي إن النظام الأساسي للحركة تجاوزه الزمن، خصوصا في ما وصفه بالقيادة الأحادية التي تقوم على انتخاب رئيس للحركة في مؤتمر، فيما يعين الرئيس المنتخب بنفسه أعضاء المكتب التنفيذي للحزب.

العرب