تجاهل الدوحة لقمة الرياض يعمق عزلتها عن محيطها الخليجي

تجاهل الدوحة لقمة الرياض يعمق عزلتها عن محيطها الخليجي

الرياض- افتتح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأحد، أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي الـ39، وسط غياب مؤكد لـ3 زعماء هم أمير قطر وسلطان عمان، ورئيس الإمارات.

وكان العاهل السعودي قد استقبل في وقت سابق، الأحد، رؤساء الوفود الذين وصلوا إلى الرياض، وهم فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح.

وتأتي القمة الخليجية وسط غياب بارز لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رغم تلقيه دعوة من العاهل السعودي.

ويترأس وفد قطر إلى القمة وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي، حسبما أعلنت وزارة الخارجية القطرية قبيل انطلاق الاجتماعات. وكان أمير قطر حضر القمة السابقة التي عقدت العام الماضي في الكويت.

أما الوزير القطري فكان في استقباله وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار مدني، بحسب السلطات القطرية. وبثت القنوات السعودية مشاهد وصول الوفود الخليجية بشكل مباشر على الهواء باستثناء الوفد القطري.

ومن المتوقع أن تركز القمة على القضايا الأمنية، بما في ذلك حرب اليمن وأنشطة إيران في المنطقة، وقد تتطرق إلى السياسات النفطية ومقاطعة قطر.

وقطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من يونيو 2017، متّهمة الدوحة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة. وتنفي قطر هذه الاتهامات، لكن النزاع مستمر منذ 18 شهرا ولم تظهر مؤشرات إلى قرب تسويته.

قطر حرقت جميع سفن العودة

وانتقد وزير خارجية البحرين الشيح خالد بن أحمد آل خليفة على تويتر أمير قطر لعدم حضوره القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي في الرياض.

وأرسلت قطر وزير الدولة للشؤون الخارجية للقمة التي تنعقد وسط الخلاف المرير بين الدوحة وأربع دول من بينها ثلاث دول عربية خليجية قطعت معها العلاقات الدبلوماسية والتجارية منذ منتصف العام الماضي.

وقال الشيخ خالد في تغريدته “كان الأجدر بأمير قطر أن يقبل بالمطالب العادلة ويتواجد في القمة” في إشارة لمطالب الدول التي قاطعت الدوحة.

وأضاف أن “قطر حرقت جميع سفن العودة، ولم يعد لديها أي سفينة من جهتها يمكن أن تعيدها إلى المجلس”.

والى جانب قطر والامارات والسعودية والبحرين، يضم مجلس التعاون الخليجي الكويت وسلطنة عمان اللتين لا تزالان تقيمان علاقات مع الدوحة.

وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني أن العلاقات مع إيران “ستكون أحد القضايا التي سيبحثها قادة دول المجلس” خاصة بعد إعادة تطبيق العقوبات الأميركية على طهران.

تضليل إعلامي يستهدف القمة

ويبدو الانقسام جليا في المجلس بين الدول التي تتبع سياسة متشددة ضد طهران كالرياض وأبوظبي والمنامة، وتلك التي تقيم علاقات مع طهران مثل مسقط والكويت.

وتسعى الدوحة أيضا إلى تعزيز علاقاتها بشكل أكبر مع طهران في ظل استمرار خلافها مع جاراتها والاجراءات العقابية التي اتّخذتها الدول الاربع بحقها والمتمثلة خصوصا في مقاطعتها اقتصاديا والعمل على محاصرتها تجاريا.

وهاجمت الصحف القطرية الاحد القمة الخليجية في مسعى منها للتقليل من أهميتها في ظل العزلة التي تعيش على وقعها الدوحة.

وذكرت صحيفتا “الوطن” و”الشرق” أن إجراءات المقاطعة أحدثت شرحاً اجتماعيا كبيراً، و”هو التأثير الأقوى لتلك الإجراءات التي اتخذتها الدول الخليجية الثلاث بدعم مصري”.

ورأت الصحيفتان أن “المنظومة الخليجية باتت معطلة وانجازاتها يبددها المنوط به إدارة دفة الأمانة العامة”، مؤكدتين أن “ما يجمع الشعوب الخليجية سعت دول المقاطعة لبعثرته وتبديده، بخلقها أزمة إنسانية اجتماعية داخل منظومة مجلس التعاون.”

ويرى مراقبون ان هجوم الاعلام القطري على القمة يبين حجم العزلة التي تعيش على وقعها الدوحة وعدم قدرتها على الخروج من أزمتها مع تتالي الضغوط العربية عليها.

هدف واحد

وتأتي القمة الخليجية بينما يواصل وفدا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، محادثاتهم التي بدأت الخميس في ريمبو في السويد برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإيجاد حل لنزاع أوقع أكثر من عشرة آلاف قتيل ودفع 14 مليون شخص الى حافة المجاعة.

ومن المتوقع أن تستمر هذه المحادثات أسبوعا. وتقود السعودية بمشاركة الإمارات تحالفا عسكريا في البلاد دعما لحكومة الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وقد تشكلّ محادثات السلام الجارية أفضل فرصة حتى الآن لإنهاء الحرب المتواصلة منذ 2014، بحسب خبراء، مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخّل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وتستمر أعمال القمة في الرياض ليوم واحد فقط، وتفتتح بجلسة علنية ثم تعقد جلسة مغلقة، قبل ان يوزع بيان ختامي غالبا ما يتناول مواقف الدول الست من قضايا المنطقة. ومن المقرر أن يرعى الملك سلمان افتتاح مشروع لتطوير منطقة الدرعية التاريخية في الرياض بحضور رؤساء الوفود.

وعشية الاجتماع السنوي، وضعت أعلام الدول الست، وبينها قطر، في شوارع العاصمة السعودية إلى جانب لافتات ترحيبية بدول مجلس التعاون الذي يرى خبراء أن الأزمة مع الإمارة الغنية أضعفته بشكل كبير. وكتب على إحدى اللافتات “خليجنا واحد وهدفنا واحد”.

وللتذكير فقد تأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1980 كحصن في مواجهة الجارتين الأكبر، إيران والعراق. ويضم المجلس السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان وقطر والكويت، التي توترت علاقاتها أيضا مع الرياض بسبب السيطرة على حقلي نفط مشتركين.

واشنطن تدعو للوحدة

وكثفت الولايات المتحدة ضغوطها على الأطراف المتنازعة لإنهاء الحرب في اليمن وإصلاح العلاقات مع قطر فيما تسعى واشنطن إلى تشكيل جبهة خليجية موحدة ضد إيران.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية الأحد إن واشنطن ستواصل دعم التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن وحث الدول الخليجية على تسوية الخلافات في سبيل تشكيل تحالف أمني مقترح بالشرق الأوسط سيضم مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن.

وقال تيموثي ليندركينج نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج للصحفيين خلال منتدى أمني بأبوظبي “نود أن نرى الوحدة تعود ليس بشروطنا وإنما بشروط الدول المعنية”.

وأضاف “ليس من المهم فحسب أن يكون مجلس التعاون الخليجي حصنا قويا في مواجهة النفوذ الإيراني في شبه الجزيرة العربية بل ليسمح لنا أيضا بالاستفادة من الروابط الاقتصادية التي يمكن أن تضيف إلى التنمية بالمنطقة وتساعد الدول على التلاحم”.

العرب